أقلام وأراء
الإثنين 11 نوفمبر 2024 9:16 صباحًا - بتوقيت القدس
إلى الشهيد علي علقم.. شهيد الأبعاد والغربة
في لحظات التسامي؛ لحظات الشهادة كان القرار بين السبابة وعيونه الشاخصة إلى السموات العلى؛ كانت رسالة شعب بأكمله بين يدي شهيد الأبعاد القسري من مدينته بيت لحم؛ ولأن الشهيد ملك لشعبه ووطنه فهو يخاطبنا جميعاً في صورة حية للعالم أجمع في التضحية والفداء، لتكون خلاصة الحكاية بين الظلم والحقيقة في لوحة (الوداع الأخير) في جمهورية مصر العربية؛ ترسمها أنامله التي داعبت خلده في العودة إلى أحضان وطنه فلسطين، فما انفك الاحتلال يوماً أن ينتزع هذا الوشم من قلبه وقلوبنا جميعاً عبثاً يحاولون؛ ليحمل صغاره في جيناتهم (عيسى وموسى) حلم العودة، لتكون أكثر صلابة وأكثر عنفواناً في التشبت بفلسطينيتة وحلم العودة إلى وطن الشهداء؛ ليكون الشهيد هو الإنسان الكامل الذي تسجد له الملائكة والإنسان الأسمى الذي حلم به أفلاطون في حمل الرسالة رسالة شعب بأكمله في وصف سادية المحتل؛ من خلال جراحه التي حملها في غربته؛ صورة ارتسمت على مياه ذاكرته في المواجع والألم الذي يعتصر في داخله في غربته عن وطنه؛ ففي عيونه كبرياء المواقف وفي روحه شرف التضحية وفي دمائه الورود الفلسطينية ورائحه الزيتون المتفتحة على وصايا الشهداء؛ شهداء كنيسة المهد ( خلف نجاجرة وعصام جوابرة ونضال عبيات ومحمد أبو عابد وحسن نسمات وخالد صيام وجاك الأسعد) لتعانق روحه أرواحهم جميعا؛ فهم نبات لا ينمو الأ في أرض الوطن ليتجدد العهد في لوحة (الوداع الأخير)، في صغاره (موسى وعيسى ) فالعهد هو العهد والقسم هو القسم؛ لتبدأ إسطورة وملحمة هذا الشعب على لسان الصغير (موسى) "بابا في الجنة"، يحملها راية شعب محاصر من أجل العودة؛ فمن قطرات العرق المتناثره على جبينك أخي الغالي ومن دمائك الزكية نستمد مداد كتابة تاريخنا؛ من دموع أخوات وأشقاء؛ وزوجة وأحباء وأصدقاء؛ من إخوانك في الإبعاد نسطر ملحمة الغربة للشعب المحاصر؛ لتكون الشاهد عما يقترفه المحتل في حق شعبنا في أقدس رقعة جغرافية على الأرض التي غاب عنها الحق؛ فعلى قناديل المسجد الأقصى؛ وعلى ترنيمات أجراس كنيسة المهد في ساعات الفجر الأولى في السابع والعشرين من سبتمبر على ذكر الله أكبر ولله الحمد كانت ساعه الفراق الأبدي ليرسم لوحة (الوداع الأخير) لأخي علي بعيداً عن وطنه وعيونه تتجه شوقاً وحنيناً إلى وطنه في لوحة جمعت خلاصة تاريخ بأكمله ليتصدح ترانيم الوداع ويرتفع صوت مؤذن الفجر في صباح يوم الجمعة في مساجد مدينته؛ إلى جنات الخلد أخي شهيد بنكهة الزيتون ورائحة الزعتر رغم البعد والغربة نشم عبق رائحتك الزكية؛ تلف المكان بطيبتها لينير صغاره (عيسى وموسى) الدرب من بعده في تراتيل النصر؛ ينثرها حبات قمح ينثرها في السهول والجبال في الحقول حبات قمح لنا جميعا لتتعاظم الصورة أمامنا وتزف ألوانها طيف أمل قريب ترسلها كلمات صغاره فلسطيني... فلسطيني... فلسطيني أنا دمي فلسطيني رغم البطش، رغم شلال الدم الذي يجري في وطني رغم البعد والغربة... تتراءى لنا صور الإبعاد من جديد بعد مرور ثلاثة وعشرين عاماً على فراقك أخي العزيز؛ تتراءى لنا صور إبعادك عن وطنك منذ عام 2002 في العاشر من شهر نيسان تاريخ إبعادك، تاريخ فقدانك لوالدك وأنت ما زلت طفلاً في السادسة من العمر تتراءى لنا يوم أعتقلت من مدرستك وأنت ما زلت طالباً في الخامسة عشر من العمر؛ صدى صوتك يملأ المكان لا تفارقنا صباح مساء؛ ضحاتك مع الصغار وصورتك وأنت تترجل الحافلة في الإبعاد إلى غزه مع تسعه وثلاثين مناضلاً؛ لا تغيب عن مخيلتنا تتجدد صوركم لتبدأ رحلة الغربة؛ فالمجد يكمن في سحر الحكاية؛ فقل لنا يا مجد ماذا تشتهي لنقدم لك؛ فلم نعد نلثم الثرى ولم نعد نحمل حفنة التراب بأيدينا؛ نحن نحمل أرواحنا أينما حللنا وأبعدنا لنرنو إلى الوطن أكثر وأكثر، فمن دمائنا نسطر صفحات تاريخنا المعاصر لمبعد فقد أشقاءه الثلاثه في الإبعاد؛ ووالدته التي فارقت الحياة بعد رحله عذاب في زيارات سجون الاحتلال لشقيق لم يجتمع به منذ ثلاثة وثلاثين عاماً؛ لشقيقة فارقت الحياة والحلم يروادها باحتضانه وتقبيله حتي فارقت الحياة دون رؤيته منذ ثلاثة وعشرين عاماً؛ ماذا نضيف إلى سجلاتنا إلى تاريخنا إلى خطوط لوحة (الوداع الأخير)؟ عزاؤنا الوحيد أنهم عند ربهم يرزقون؛ فقد ترك لنا إرثاً من قلبه وروحه صغيريه عامان وعشرة أعوام؛ واللذين ما إنفكا يوماً عن ذكر والدهما؛ في ترنيمات أغنية العودة؛ لتبدأ سطور الحكاية في وطن يعيش فينا ونعيش فيه في قصة انتظار طويلة في الإبعاد التي بدأت مع انطلاق عمليه السور الواقي في مدينتنا الحبيبة، ولم تنته سطورها؛ سيحملها صغارك من بعدك لنستذكر كل المواثيق في أدراجكم وكل المعاهدات؛ نستذكر تسعة وثلاثين مبعداً؛ وثلاثة عشر انتزعوا من أحضان أمهاتهم إلى خارج الوطن؛ فليصدح صدى "هيومن رايتش ووتش" عالياً في واد سحيق؛ في ذكرى الأربعين نستذكر إجراء الإبعاد غير القانوني الذي يخالف الأعراف الدولية واتفاقية جنيف الرابعة للمادة (8)؛ نسذكر أحكام المادة( 149). في حق تسعة وثلاثين مبعداً إلى غزة وثلاثة عشر إلى دول أوروبا. في الذكرى الأربعين؛ فلتبقى مواثيقكم واتفاقياتكم في أدراجكم ففي عيون صغارنا حلم العودة من منافي الغربة؛ فإن جارت الدنيا عليهم فعيون وطنهم لا تخون؛ وحلم العودة يساورهم وصبر اغترابهم ما زال في قلوبهم... ماذا تعرفون عن الغربة؟ عن طفل يناجي أبيه؛ عن طفل يسأل عن جده؛ عن أغنية ما ضلت طريقها؛ عن أسرة تفككت أوصالها؛ عن منزل خال يبحث عن ساكنيه؛ عن ضحكات سرقت من طفولة صغارنا؛ ماذا تعرفون عن قساوة الفراق والإبعاد عن قلب مجروح وجسد منهك.. شاخت قلوبنا، أصبحنا نشتكي من قلوبنا من أزمات قلبية، في ترحالنا في ترحالك أخي الشهيد (علي) من غزة إلى الأردن إلى سوريا، إلى جمهورية مصر العربية كالطائر المجروح الذي يحوم حول صغاره، يحوم حول حدود الوطن، يحوم شوقاً إلى مدينته أينما حل؛ عائدون... عائدون. لينقطع العهد صقوراً طائرين وأن نموت أسوداً شامخين؛ فكلنا فلسطين أينما حللنا أحببتك يا مدينتي الجميلة، أحببت أحجارك؛ أحببت شوارعك؛ أحببت حاراتك وقراك؛ أحببت مخيماتك؛ أربعين يوماً من الحصار أوقدت لهيب التشبت بترابك؛ لهيب يزداد يوماً بعد يوم في الغربة، لهيب لا ينطفئ لمدينتنا وأغنية النصر؛ تعلو فوق تلك الصور؛ كنت أداعب ضحكاتي المصطنعه لبعدي عن أمي، وأذكر أحاديثها الجميلة؛ وقلبي يعتصر من الألم ثلاثة وعشرين عاماً ونحن نبحث عن أمنا فلسطين؛ وما زال الدرب مفقوداً؛ وها أنا اليوم أترك صغاري من بعدي، أبحث عن ثوب أمي الذي حاكته ليوم زفافي؛ أبحث عن مزودة جدتي؛ التي حملتها من بلدتنا المهجره بيت نتيف، أبحث عن أصدقائي، عن جيراننا عن أصدقاء في مخيمات اللجوء؛ أبحث عن سجادة علقت على جدران بيت جدي، أبحث عن مدونة أبي؛ عن أهازيج أمي للنصر القادم التي ترددها دائما؛ أبحث عن شارع المنارة؛ وساحات باب الدير عن السوق القديم؛ وأصدقاء والدي؛ أبحث عن مدينتي أبحث عن وطني الذي أنتزعت منه أنا وأخواتي في الإبعاد، عن شجرة ليمون تظلل منزلنا غرسها والدي؛ أبحث عن سيدة الأرض؛ أبحث عن فلسطين في لوحة ( الوداع الأخير).
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترف الحوار تحت وطأة جريمتي الإبادة والتطهير العرقي
جمال زقوت
صوت الأذان سيصدح في كل مكان وكل زمان
حديث القدس
التكفيريون يضربون في سوريا تنفيذاً لتهديدات نتنياهو وأطماع أردوغان
وسام رفيدي
مصير وحدة الساحات بعد اتفاق وقف النار بين إسرائيل وحزب الله
اللواء المتقاعد: أحمد عيسى
"تعزيز الفوضى واستدامة الاحتلال" مشروع الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية في الشرق الأوسط
مروان أميل طوباسي
أنقرة تنوب عن تل أبيب في الحرب على سوريا
راسم عبيدات
خطط الاستيطان في غزة واستمرار الإبادة
بهاء رحال
حتى لا يدفع الفلسطينيون ثمن التسويات في الإقليم
د. أحمد رفيق عوض
لسوريا ومع سوريا
حمادة فراعنة
ولا يُنبئك مثل خبير!
اعتراف من الداخل
حديث القدس
المكلومون
بهاء رحال
معركة المواجهة بين الهزيمة والانتصار
حمادة فراعنة
النموذج اللبناني.. وضوح الرؤية ووحدة القرار
د. دلال صائب عريقات
أهميـة المشـاركة في اتخاذ القـرار
أفنان نظير دروزه
غزة في خضم الحرب: إعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا
ياسـر منّاع
اقتراح مقدم للأخ الرئيس محمود عباس
المحامي زياد أبو زياد
الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل العلاقات العامة: حقبة جديدة من الاتصال الذكي
بقلم: صدقي ابوضهير
أبرز التوجهات التقنية الاستراتيجية لعام 2025: نظرة مستقبلية
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
الصورة بكل الأوجاع!
ابراهيم ملحم
الأكثر تعليقاً
في حدث تاريخي: ملك النرويج يشارك في إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني
ترمب يهدد "حماس" في حال لم تطلق سراح المحتجزين الإسرائيليين
اختتام فعالية تحكيم المرحلة الثالثة من مسابقة "ماراثون القراءة الفلسطيني الأول" في الخليل
الرئاسة تطالب بعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية
يعلون: ننفذ تطهيرا عرقيا في شمال قطاع غزة
مسؤول في "Coinbase": فوز ترامب يفتح الباب أمام تنظيم سريع للعملات المشفرة
"الأونروا": حرب الإبادة على غزة تسببت في وباء إصابات فظيعة
الأكثر قراءة
قصف مكثف للاحتلال على غزة وخان يونس يوقع 7 شهداء وعدد من الجرحى
مصدر مصري: القاهرة قدمت مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة
"رويترز": السعودية تخلت عن التوصل إلى معاهدة دفاعية مع أميركا مقابل التطبيع مع إسرائيل
الاحتلال الإسرائيلي يغتال 4 شبان قرب جنين
المرسوم الرئاسي.. حاجة دستورية أم مناكفة سياسية؟
بدء اجتماع حماس ومسؤولين مصريين في القاهرة
هجوم هيئة تحرير الشام على حلب نسقته إدارة بايدن مع إسرائيل وتركيا
أسعار العملات
الإثنين 02 ديسمبر 2024 9:21 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.64
شراء 3.63
دينار / شيكل
بيع 5.13
شراء 5.11
يورو / شيكل
بيع 3.83
شراء 3.8
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 163)
شارك برأيك
إلى الشهيد علي علقم.. شهيد الأبعاد والغربة