أقلام وأراء
الخميس 31 أكتوبر 2024 10:04 صباحًا - بتوقيت القدس
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
كالعادة، مع كل جولة تفاوض على مدار أكثر من عام، ما أن تبدأ المداولات والأخذ والعطاء والتصريحات والمقترحات، حتى تشرع دولة الإبادة في فعل ما تبرع به: مجازر وتطهير وإبادة، في جباليا ومشروع بيت لاهيا وبيت حانون. ربما تفعل ذلك للضغط على طاولة التفاوض، وهذا منطقي في أية عملية تفاوض، والمقاومة فعلت نفس الشيء في غزة ولبنان بتصعيد نوعي في العمليات وإيقاع خسائر جدية بالمحتلين، وربما توجه رسالة صريحة، قد تغيب أحياناً عن بعض المحللين والفضائيات الذين يغرقون في تفاصيل التفاوض، رسالة مفادها: فاوضوا واقترحو وناقشوا ما تشاؤون، ونحن نفعل ما نشاء، اي الإبادة والترحيل فليس في متن برنامجهم للحرب غير هذا.
ابتدأ "الأوكازيون" بالاقتراح المصري، يومان وقف إطلاق نار، تليهما 10 أيام للشروع بالتفاوض، وأسيران صهاينة مقابل عشرات الفلسطينيين الأسرى، ثم تلاه تعديل أمريكي بـ 28 يوم وقف إطلاق نار، و8 أسرى صهاينة وعشرات الأسرى الفلسطينيين، ليدخل رجل الموساد على الخط فيعلن شروطه هو الآخر، وهكذا نغرق في تفاصيل المقترحات بينما الحقيقة في موقع آخر.
الحقيقة أن دولة الإبادة لا تتعجل إنهاء حربها على القطاع، ولا تهجيرها للسكان شماله، إذ أنها تملك كل عناصر القوة التي تمكنها من الاستمرار. لا ضغط دولياً عليها، بالعكس فالإمبريالية الأمريكية بلغت من الوقاحة والهمجية حد أن منحت دولة الإبادة شهراً لحل قضية إدخال المساعدات لشمال القطاع! وكأن لسان الحال الأمريكي يقول: معكم شهر خلصوا ما بدأتم به، أي التهجير. أما الأوروبيون فهل نحن بحاجة لدلائل على العجز حد التواطؤ والمشاركة الذي يتجسد بجعجعة خطابية دون إجراء حقيقي؟ جعجة خطابية تستر تعاوناً استخبارياً وتقنياً معلناً. أما ما ميزهم فهو الموقف الألماني المشارك في العدوان على لبنان، والذي بلغت به العنصرية الوقحة حد تبرير قصف الخيام ومراكز الإيواء والمدارس وحرق النازحين، كما ورد على لسان وزيرة الخارجية. فيما تراجعت حركة الشارع الإسرائيلي المطالب بصفقة، علماً أنها حركة تريد صفقة لا وقفاً للحرب، وانتعشت مكانة نتنياهو في استطلاعات الرأي بعد حربه على لبنان. أما النظام العربي الرسمي فعاجز بل ومتواطئ.
أما ما يتردد من أن نتنياهو قد يقدم على صفقة خدمة للديموقراطيين على أعتاب الانتخابات، وهذا ما يتمناه الأخيرون، تقديراً لدورهم المشارك والداعم لضرب إيران، فهذا تحليل لم يرَ على مدار سنوات طويلة، وخاصة أكثر من سنة على حرب الإبادة، طبيعة الصلف والعنجهية والفوقية و(الزعرنة) التي تبرر سلوك نتنياهو في تعامله مع الإدارة الأمريكية، وتلك سمات، بتقديري، لا يمكن لها أن تكون سبباً لتقديم شيء ما للأمريكيين، ناهيك عن حقيقة أن الأمريكيين كما هو واضح، ضبطوا بعض الشيء من حدود الضربة وأهدافها ومداياتها، لحسابات خاصة بهم وبالانتخابات المقبلة، فلا يستحقون مقابل هكذا موقف.
أما افتراض أن الأفق تلوح به صفقة شاملة للبنان وغزة، فهذا ما ينبغي فحص ممكناته واشتراطاته بدقة. دولة الإبادة ترفض عملية الربط هذه التي أكدها بقوة حزب الله من اليوم الأول لدخوله المعركة في 8 أكتوبر، فيما يمكن ملاحظة أن قضية الربط في الداخل اللبناني قد تتعرض للضعف نتيجة ضغط العوامل الداخلية، سواء من سلوك أطراف عميلة تماماً ومعادية للمقاومة ولشعبنا، من عينة قوات سمير جعجع، او كتائب سامي الجميل، وحتى التيار الوطني جماعة باسيل جبران، وهؤلاء مدفوعون من نظم عربية متواطئة ومعادية للمقاومة في لبنان وفلسطين، وقد يلعب التهجير وحجم الإبادة، وهذا رهان صهيوني، دوراً ضاغطاً على الربط بين لبنان وفلسطين.
حتى اللحظة فموقف حزب الله واضح في تأكيد الربط، مستنداً لقاعدة شعبية تضع فلسطين بين عينيها، علماً أن الثقة بنبيه برّي كمفاوض نيابة عن الحزب ينبغي أن تظل موضع تساؤل، إذ لا أرى تاريخياً أية صلة له بالمقاومة، وإن قدمت حركته بضعة شهداء، فيما أرى يديه ملوثة بدماء ابناء شعبنا في المخيمات الفلسطينية في لبنان فيما عرُف بحرب المخيمات.
ويبقى الرهان على فعالية ميدان المقاومة في لبنان والقطاع، وعلى الموقف الإيراني في فرض الربط والصفقة كبديل لرد موجع على الضربة الإسرائيلية. أما بالنسبة للفعالية فهي ناجعة، وحتى في القطاع الذي عانت فيه المقاومة خسائر جمة منذ أكثر من عام، فالمقاومة في جباليا وبيت لاهيا أسطورية بكل المقاييس، فيما لبنان فقد وضعت المقاومة حداً للجعجعة الصهيونية العسكرية المعتادة، بإجبار قواتهم على القتال عند الحافة الحدودية التي لا تتجاوز كيلومتراً واحداً، وأحياناً مئات الأمتار، مع تدفيعهم خسائر جدية دفعت صحافتهم للحديث عن ضرورة مراجعة التقييم المتفاءل بالقضاء على حزب الله، وقيادتهم العسكرية للقول أنهينا مهماتنا!
إذا استمرت فعالية المقاومة هنا وهناك، وربط الإيرانيون ردهم الذي أكدوا عليه بإنجاز اتفاق شامل للقطاع ولبنان، يمكن توقع اتفاق من هذا النوع، مع استبعاده قبل انتخابات لا تفصلنا عنها سوى أيام. هنا الرهان لا على مفاوضات عرجاء هي بمثابة (أوكازيون) للأرقام والأيام دون أن تطال أية من مطالب المقاومة.
مفهوم أن تعلن المقاومة بفصائلها الفاعلة في ميدان القطاع رفضها كافة العروض، لأنها تتوقع تماماً أن لا اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية، وأن التفاوض محض غطاء للإبادة والترجيل في القطاع، أما مَنْ يمكن أن يتفاعل بإيجابية مع أي من المقترحات مراهناً على تجنيب القطاع الترحيل، وهذا مفهوم إنسانياً وأخلاقياً، فهو إما جاهل بمسار حرب الإبادة وطبيعة دولة الإبادة، أو ببساطة يريد تجريع المقاومة استسلاماً غير مشروط، فالموافقة على أقل من وقف العدوان والانسحاب الكامل والإعمار الحثيث ودخول غير مشروط للمساعدات ثم تبادل مشرّف، يعني ببساطة الاستسلام، والاستسلام لم يكن يوماً خيار المقاومين، ولن يكون، فيما أن الموافقة على أي من العروض لن توقف الإبادة ولا الترحيل، وهذا نتاج تجربة عام وأكثر مريرة ومليئة بالتضحيات. ما يوقف الإبادة والترحيل هو الصمود والمقاومة لا شيء آخر.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024م
كريستين حنا نصر
نزع الشرعية عن دور "الأونروا" سابقة خطيرة
حديث القدس
هل بدأ العد العكسي للعدوان؟
هاني المصري
إسرائيل وليس نتنياهو فقط.. من مأزق إلى مأزق
حمدي فراج
غزة والانتخابات الأمريكية
مجدي الشوملي
الهدنة المحتملة بين استمرار الحرب والحصاد السياسي
مروان اميل طوباسي
خيار الصمود والانتصار
حمادة فراعنة
الجامعة العربية.. خرساء صماء
بهاء رحال
الأكثر تعليقاً
انفراد "القدس" بوصايا السنوار.. أصداء واسعة في كُبريات الصحف العالمية
مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين في شجار شرق القدس
مبادرة مصرية لوقف إطلاق نار مؤقت في غزة
الاحتلال ينفذ جريمة جديدة بحقّ الأسير البرغوثي ورفاقه في سجن "مجدو"
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
الأكثر قراءة
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
الاحتلال ينفذ جريمة جديدة بحقّ الأسير البرغوثي ورفاقه في سجن "مجدو"
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
القناة الـ12: 3 مقاتلين من حزب الله قتلوا 5 جنود وأصابوا 15
صمدت في جباليا.. استشهاد الفنانة التشكيلية الفلسطينية محاسن الخطيب
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
انفراد "القدس" بوصايا السنوار.. أصداء واسعة في كُبريات الصحف العالمية
أسعار العملات
الأربعاء 30 أكتوبر 2024 10:18 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.72
شراء 3.7
دينار / شيكل
بيع 5.25
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.03
شراء 4.0
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%19
%81
(مجموع المصوتين 516)
شارك برأيك
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات