أقلام وأراء
السّبت 04 مايو 2024 10:24 صباحًا - بتوقيت القدس
أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة
تلخيص
ما جرى، ويجري، من تحريضٍ فاضحٍ، وتوجيه اتهاماتٍ زائفةٍ، وفضّ أمنيٍ عنيف لاعتصاماتٍ طلابيةٍ سلميةٍ في جامعات أميركية مُطالِبَةٍ بإنهاء التواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي، ينزعُ عن الولايات المتّحدة ورقة التوت التي تحاول أن تَسْتُرَ سوأتها بها. مرّة تلو أخرى، تسفر مؤسّسات القوّة الناعمة الأميركية، وهنا تحديداً الإعلام والجامعات، عن وجهها القبيح، وتُثبِتُ أنّها مُجرّد أدوات في خدمة "الإمبراطورية" عندما يتعلّق الأمر بالأجندات السياسية الكبرى. حدث ذلك غير مرّة، كما خلال التنافس الأميركي - السوفييتي، وكذلك خلال حقبة "الحرب على الإرهاب"، ثمَّ تهيئة الرأي العام لغزو العراق واحتلاله. والآن، في الانتصار لإسرائيل ودعم حرب الإبادة التي تشنّها في قطاع غزّة.
فجأة، وكأنّ العالم يكتشف للمرّة الأولى أنّ الجامعات الأميركية، الأرقى عالمياً، التي تقدم نفسها على أنّها معاقل التفكير الحُرّ، تنقلب من نقيض الصورة المُصَدَّرَةِ إلى مراكزِ اعتقالٍ وعُنفٍ أمني، ضدّ طلبة أُوهِمُوا أنّهم جيل "العدالة الاجتماعية"، ليكتشفوا زيف الشعار بعد أن اصطدم بالانحيازات الراسخة للتحالف السياسي الأمني العسكري الإعلامي الفكري الإمبريالي، الذي تقوده الدولة.
يتبدّد الوَهْمُ في ظلّ إدارة رئيس (جو بايدن) وصل إلى الحكم مُتَعَهّداً بـ"إنقاذ السمعة الأميركية"، التي كان يقول إنّها تلطّخت في عهد سلفه دونالد ترامب. وكان بايدن، مُرشّحاً عام 2020، رفع شعار "جعل أميركا محترمة" مرّة أخرى في مقابل شعار ترامب "جعل أميركا عظيمة مرّة أخرى". ترى، هل فعلاً ينظر إلى أميركا، اليوم، داخلياً وخارجياً، باحترام وهي تشارك في جريمة إبادة وحشية، وجرائم ضدّ الإنسانية، تجري في قطاع غزّة أمام ناظريّ العالم كله؟... الجواب طبعاً بالنفي. لكن، لا يبدو أنّ ذلك يقضّ مضاجع بايدن والمؤسّسة الحاكمة في حزبه الديمقراطي، فالتواطؤ البغيض، والانحياز الأعمى لمصلحة إسرائيل، يعلوان على زعم بايدن، المُرشّح، بتعزيز القيادة الأميركية عالمياً عبر "قوة النموذج" الذي تقدّمه، لا "نموذج القوّة"، فضلاً عن "استعادة القيادة الأخلاقية".
ولعلّ من المفارقات الساخرة أن يتزامن التشويه القميء ضدّ طلاب جامعيين بذريعة أنّهم "معادون للسامية" وعُنْفيّون، وبالتالي تبرير القمع الأمني في حقّهم واعتقال كثيرين منهم، وكذلك تبديد مستقبل آخرين عبر قرارات الفصل من جامعاتهم أو تعليق دراساتهم لفصل وأكثر، مع نشر التقرير السنوي الأميركي لحقوق الإنسان، والذي تصدره وزارة الخارجية، وتحاكم الولايات المتّحدة به العالم. ترى واشنطن القذى في أعين الجميع، في حين تعجز عن رؤية الجذع في عينها. يوبّخ التقرير، الصادر في 22 الشهر الماضي (إبريل/ نيسان) ويغطي عام 2023، روسيا جرّاء "تجاهل الكرملين وازدرائه حقوق الإنسان بشكل كامل في حربه ضدّ أوكرانيا، و(استخدام) القوات الروسية العنف ضدّ المدنيين أداةَ حربٍ مُتعمّدة". كما ينعت الانتهاكات الروسية في أوكرانيا بأنّ "بعضها يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.. يعاني المدنيون، بما في ذلك الأطفال الأوكرانيون، من انتهاكات فظيعة على أيدي القوات الروسية وغيرها من المسؤولين الروس". أمّا عند الحديث عن إسرائيل، فإنّ التقرير يُعبّر عن "القلق" بشأن حقوق الإنسان في "الحرب بين إسرائيل و(حماس) في قطاع غزّة". ورغم أنّه يُعبّر عن "القلق" من كيفية خوض إسرائيل؛ "حرب الدفاع عن النفس"، واستهداف المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، والقيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وقتل الصحافيين، إلا أنّه بكلّ وقاحة يُحمّل مسؤولية ذلك كلّه حركةَ حماس جرّاء "سوء استخدامها البغيض للمدنيين والبنية التحتية المدنية دروعاً بشرية، واستمرار رفضها إطلاق سراح جميع الرهائن". ليس هذا فحسب، إذ يندّد التقرير بـ"الحملة القمعية التي تشنّها روسيا ضدّ مواطنيها"، وتوجيه "اتهامات جنائية زائفة لمئات الروس الذين تحدّثوا ضدّ حرب بوتين العدوانية"، وكأنّ الولايات المتّحدة لا تفعل الأمر ذاته، راهناً، ضدّ طلبة جامعيين يُمارسون حقّ التعبير وحقّ التجمهر، بناءً على التعديل الدستوري الأول، من أجل تحقيق مطالب عادلة وأخلاقية، تتمثل في وقف جامعاتهم لاستثماراتها وعلاقاتها مع نظام الأبارتهايد والإبادة الإسرائيلي (!) الأمر ذاته يمكن أن يقال بشأن إدانة التقرير لـ"انتهاكات حقوق الإنسان المستمرّة والوحشية في إيران"، و"الانتهاكات الجسيمة المستمرّة لحقوق الإنسان في جمهورية الصين الشعبية"، ودول أخرى، وكأنّ أميركا لا تعرف انتهاكاتٍ لحقوق الإنسان، ولا تمارس تمييزاً عنصرياً ودينياً مؤسّسياً (!)
باختصار، تقف واشنطن اليوم عاريةً مُتجرّدةً من كلّ مزاعمها عن "الاستثنائية" والحرّيات و"القيادة الأخلاقية". يكفي بُنَى الحكم فيها أنّ تنظر في المرآة كي تدرك هذه الحقيقة الصارخة. إذا كانت روسيا والصين وإيران وكوبا والسودان وأوغندا... إلخ، كلّها مُتّهمة في محكمة انتهاكات حقوق الإنسان، كما يقول تقرير وزارة الخارجية الأميركية، فإنّ الولايات المتّحدة تتقدّمهم أو على الأقلّ تقف إلى جانبهم كتفاً بكتف. من يشارك في حرب إبادة وحشية وجريمة بشعة ضدّ الإنسانية في قطاع غزّة، ثمَّ يدوس قيمه الدستورية والمدنيّة والأخلاقيّة المزعومة، ويقمع مواطنيه ممن يطالبون بالالتزام بها، لا يحقّ له أن يقاضي الآخرين ويصدر الأحكام في حقّهم.
(عن العربي الجديد)
دلالات
فلسطيني قبل 7 شهر
وامريكا داءما سوءتها عارية من قبل و من بعد
المزيد في أقلام وأراء
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو في مجلس الأمن... أمريكا حارسة مرمى شباكه ممزقة!
الشيخ يبحث مع ممثل الاتحاد الأوروبي وقف الحرب على قطاع غزة
الأكثر قراءة
"حماس" تنفي انتقال قياداتها من قطر إلى تركيا: أنباء غير حقيقية
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 92)
شارك برأيك
أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة