تابع العالم يوم امس، اليوم الثاني من جلسات محكمة العدل الدولية في لاهاي عندما قدمت اسرائيل ردودها على دعوى جنوب افريقيا بشأن ارتكاب ابادة جماعة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة .
لقد اخفقت اسرائيل في ردودها، حيث لم تترك لها جنوب افريقيا ثغرة واحدة في ملف محكم ومتقن ولم تمنحها اية فرصة لتحقيق عنصر مفاجأة للقضاة الذين استمعوا الى الدعوى والاعتراضات الاسرائيلية وبقي عليهم اصدار القرارات الزمنية ومن ثم الانتظار لفترة اطول لصدور القرار الخاص بالابادة .
لقد طلبت إسرائيل من قضاة محكمة العدل، إسقاط قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها ضدها جنوب أفريقيا والتي طلبت من المحكمة التابعة للأمم المتحدة إصدار أمر بوقف فوري للحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وفي ردها على الاتهامات التي وجهتها جنوب أفريقيا أمام المحكمة يوم الخميس، قالت إسرائيل امس، إن المطالبة بوقف هجومها ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة ليس لها أي أساس لانها ستفقدها حسب المزاعم حرية العمل على حماية الاسرائيليين وصد اي هجوم عسكري من قطاع غزة اضافة لمنع استعادة ١٣٦ رهينة .
وزعمت إسرائيل أن ردّها على هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي كان مشروعا وادعت انه يحترم القانون الدولي"وأن الجيش الإسرائيلي، "لم ينتهك قواعد الحرب، وسيكون هناك تحقيق قضائي إسرائيلي ولم تكن هناك نية لتنفيذ إبادة جماعية".
اسئلة كثيرة اثيرت بعد المداخلات الاسرائيلية، لا شك ان اهمها يتمحور حول حجم الدمار الهائل والعدد الكبير جدا من الشهداء الفلسطينيين ، فهل ذلك يؤكد على حرية العمل كما تزعم اسرائيل لحماية الاسرائيليين ، وهل الدفاع عن النفس يتطلب هدم حوالي نصف مليون منشأة فلسطينية على رؤوس اهلها واصحابها ،وهل هذه التصرفات والافعال يمكن في ضوء رصدها اعتبار جيش الاحتلال ، جيشا اعتمد قواعد العمل الدولي ولم ينتهك القانون؟
لقد أخفقت اسرائيل يوم امس في الرد على ما تقدمنا به ( وزير العدل في دولة جنوب افريقيا) واضاف : متمسكون بوقائع القانون والبراهين التي قدمناها وواثقون أنها تؤكد وجود نية تنفيذ إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
هل يمكن لاسرائيل ان تتجاهل تصريحات مسؤوليها،والاهم من كل ذلك وطبقا لمعاهدة الإبادة الجماعية لا شيء يبرر الطريقة التي تخوض بها إسرائيل الحرب والتي تؤكد وجود ابادة جماعية .
هل يعقل ان تقوم المقاومة في غزة بقتل هذا العدد الصاخب من المدنيين وان تطل اسرائيل بمحاولة التفافية تم كشفها وتفنيد مزاعمها لتعطي نفسها مبررا بقصف مراكز الايواء والنازحين والمستشفيات والمدارس ومقار وكالة الغوث والمساجد والكنائس وغيرها ؟ وتقول وتدعي ان حماس اساءت استخدام هذه المقار وانها السبب في ارتفاع عدد الضحايا.
كثيرة هي نقاط ضعف اسرائيل في هذا الملف ، ولا شك ان ثقة جنوب افريقيا وفريقها القانوني تدفعنا نحو الارتياح حيث انها اطلت امس بمؤتمر صحفي اكدت فيه انها ستكسب القضية .
جنوب افريقيا التي عانت طوال سنين طويلة من الاضطهاد والعنصرية والتمييز ، انتصرت في نهاية المطاف وها هي دولة تأخد من ميزان العدل نهجا في تسيير امورها وشؤونها ، وعندما تصدت لهذه القضية ولمناصرة فلسطين وشعبها ، حتما انها انطلقت من القول الشائع ( الحق دولة ، والباطل جولة ) فجولة الظلم لن تدوم يا اسرائيل ومهما ساد الظلام فالنور سيسطع في نهاية المطاف ليسلط الضوء على عدل ونزاهة قضيتنا .