أقلام وأراء

الأربعاء 06 ديسمبر 2023 11:19 صباحًا - بتوقيت القدس

قوة الضعف وضعف القوة :أنموذجا إسرائيل وفلسطين

شتان بين القوة العسكرية لإسرائيل والقوة العسكرية المتاحة فلسطينيا بما تشمله من قوة المقاومة بكل فصائلها، فإسرائيل تملك كل القوة المتفوقة والمدعومة أمريكيا، والفلسطينيون يملكون ما يقدرون على حمله من سلاح يدافعون فيه عن أنفسهم وقضيتهم. والفارق كبير بين وظيفة السلاح إسرائيليا والسلاح فلسطينيا.ومصداقية هذا المبدأ الذي يعتبر أحد مبادئ العلاقات بين الدول ، والحاكم لكثير من الحروب وخصوصا الحروب التي خاضتها دول وشعوب العالم الثالث من أجل التحرر والإستقلال، فلا توجد قوة اكبر من قوى الدول والإمبراطوريات الإستعمارية كما الإمبراطورية البريطانية والفرنسية وغيرها ولكنها قوة الضعف للشعوب الأفريقية والأسيوية التي إنتصرت ولدينا النموذج الجزائري وغطرسة القوة الفرنسية وإعتبار الجزائر أرضا فرنسية ومليون شهيد والنتيجة إنتصار مبدأ قوة الضعف على ضعف القوة. وكما يقول المحلل السياسي والإستراتيجي الفرنسي برتران بادي في كتابه عجز القوة طارحا ثلاثة أسئله:أن الولايات المتحده لم تكتف في يوم من الأيام بهذه القوة الشاملة ولم تكن في يوم من الأيام بهذا العجز في مواجهة التحديات التي تواجهها كقوة أحادية . والسؤال ألأول لماذا يصعب عليها السيطرة؟والإجابة أن الإطار الدولي قد تغير ولم تعد بيئة النظام الدولي التي سادت بعد الحرب الثانية وسقوط الإتحاد السوفيتي وثنائية القطبية ثم مرحلة الأحادية الدولية التي مثلتها أمريكا قائمة اليوم ، وذلك مع بروز قوى دولية جديدة كالصين وقوى إقليمية وبروز دور الجماعات والأشخاص والمنظمات التي تسمى بالإرهابية . وانتشار للقوة. 


والسؤال الثاني ما هي إنعكاسات وتداعيات هذه المعطيات الجديده؟والإجابة تظهر عناصر القوة التقليدية انها لم تعد مؤثرة وفاعله وغير كافيه. فالعنف الإجتماعي لا يحارب بالقوة العسكرية،فكلما أظهرت أمريكا قوة أكبر كلما زادت درجة المعارضة والمقاومة والتشدد.وتصبح لعبة التحالفات أكثر صعوبة.والسؤال الثالث ما هي المقاربات الجديدة في العلاقات الدولية؟والإجابة كما يقال أن نزاعات القرن الواحد والعشرين مرتبطه بعدم المساوة ماديا ورمزيا وبالإذلال وعدم التوازن في إحترام قضايا الشعوب. وكما يشير السيد أمين هويدي وزير المخابرات المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وله الفضل في مفهوم عجز القوة وقوة العجز.فالقوة تتحول أحيانا لضعف والضعف يتحول لقوة. وان هذه المعادلة هي التي تحكم العلاقات الدولية وتحكم الحروب والصراعات الدولية ، فاللقوة حدود لا يمكن تجاوزها فالولايات المتحدة وهي القوة ألأكبر وتملك كل أنواع القوة لا يمكنها إستخدامها كما راينا في الكثير من المنارعات .وإلا تنقلب عليها بنتائج سلبية . والضعف يتحول لقوة عندما يرتبط بعدالة القضية التي تحارب من أجلها. 


والأمثلة كثيرة أبرزها كما نرى في أوكرانيا ، والأكثر بروزا وتجسيدا الحرب التي تشهدها غزة الأن وقبلها أكثر من خمسة حروب. فمن منظور القوة تستطيع إسرائيل أن تدمر غزة بالكامل وتمحوها عن الخارطة وتوقع مئات ألآلآف من القتلى لكنها أيضا حدود القوة ، ففي هذه الحالة ستفقد الحرب كل مبرراته وذرائعها ، ونرى كيف التحول اليوم في تاييد الراي العام ضد العدوان الإسرائيلي وإدانة الإبادة والسرديات الإسرائيلية لتصل اليوم دعما للموقف الفلسطيني لما يقار ب95 في المائة. وهنا ما هي عناصر قوة إسرائيل وضعفها. عناصر قوة إسرائيل تكمن في قوتها العسكرية الشاملة وهذا العنصر ليس ثابتا بل متحولا،العنصر الثاني التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحده بإعتبارها القوة ألأولى في العالم وكما راينا في الحرب على غزه ذهب الرئيس بايدن لإسرائيل واجتمع مع مجلس الحرب وأعلن تأييده الكامل للرواية الإسرائيلية مدافعا عن حقها في الدفاع عن نفسها, إلى جانب زيارات وزير الخارجية والدفاع. وحتى هذا العنصر قابل للتغير والتحول ورأينا صورا كثيره في الحرب الأخيرة.اما عناصر الضعف فتكمن في أمور كثيرة مشاكل التكامل والإندماج الداخلية ووجود 20 في المائة من السكان عربا، ومشاكل الهوية الدينية وتراجع الديموقراطية والإحتلال نفسه عنصر ضعف، ووجودها في قلب المنظومة العربية عنصر ضعف آخر.وتحالفاتها الخارجية لا تضمن لها السلام والأمن.ومشاكل تتعلق بالبنية الحزبية وتنامى الإتجاهات العنصرية والشعبوية والإستعلائيه. ويبقى ان خيار القوة والحرب لا يضمن لها الأمن والبقاء. وإسرائيل تعيش على الهجرة وهذه قابلة لتتحول لهجرة عكسية مع زيادة الحروب. 


وعنصر الضعف الرئيس يكمن في تجذر الشعب الفلسطيني على ارضه وتمسكه وعدم هجرته ومقاومتها ورفضه للإحتلال ونقطة الضعف الأخرى ان السلام وهو عنصر القوة ليس خيارا إستراتيجا لها لأنها تؤمن بسلام القوة. هذه العناصر تجعل من إسرائيل دولة ضعف وليس دولة قوة وبقائها مرتبط ببقاء الشعب الفلسطيني و اخيرا اختتم بالعنصر الأيدولوجي التحالف بين الصهوينة الدينة والصهيوينة القومية وإنزلاق إسرائيل نحواليمين. هذه هي عناصر الضعف التي لا يمكن للقوة ان تحميها.
[email protected]

دلالات

شارك برأيك

قوة الضعف وضعف القوة :أنموذجا إسرائيل وفلسطين

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 221)

القدس حالة الطقس