أقلام وأراء
الأحد 03 ديسمبر 2023 9:30 صباحًا - بتوقيت القدس
بين الأهداف المعلنة والحقيقية للحرب على غزة
في الثامن عشر من أوكتوبر الماضي، وقبل مرور أسبوعين على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حطت طائرة الرئيس الأميركي جو بايدن في مطار اللد في زيارة كانت الأولى التي يقوم بها رئيس أميركي إلى إسرائيل في زمن الحرب. وخلافا لعبارات التأييد والانحياز المعروفة، والتي تكررت لاحقا على ألسنة جميع المسؤولين الأميركيين، نبّه بايدن مستقبليه إلى ضرورة التفكير في اليوم التالي للحرب، وتحديد أهدافها بدقة، وعدم الاندفاع وراء رغبات الانتقام كما فعلت الولايات المتحدة في الحرب على أفغانستان والعراق.
جاءت تحذيرات بايدن الدقيقة لإسرائيل، على الرغم مما عرف عنه من عدم التركيز في تصريحاته الرسمية بسبب أثر التقدم في العمر.
يمثل هذا الموقف إقرارا ضمنيا بأن الأهداف الإسرائيلية المعلنة للحرب وهي القضاء على حماس واستعادة الأسرى، ولاحقا أضيف هدف القضاء على التهديد القادم من غزة، هي أهداف غير واقعية على الإطلاق، بل يناقض بعضها بعضا. لأن القضاء على حماس أو على المقاومة يناظر القضاء على الشعب الفلسطيني، ومواصلة عمليات الإبادة والتدمير وقصف كل متر مربع من مساحة قطاع غزة، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى تعريض حياة الأسرى للخطر.
فشلت خمسون يوما من حرب الإبادة والتهجير والتطهير العرقي والعقوبات الجماعية في استعادة أسير واحد، فما الذي يضمن أن استمرار هذه العمليات الوحشية (المدعومة من الإدارة الأميركية وفق الذريعة الممجوجة والكاذبة عن حق الدفاع عن النفس) يمكن لها أن تعيد بقية الأسرى؟
من المؤكد أن أهداف حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة تختلف اختلافا جذريا عن تلك المعلنة، ولمعرفة هذه الأهداف والتحقق منها، لسنا بحاجة لمتابعة وتحليل ما يتفوّه به السياسيون والجنرالات، بل تكفينا ما تقوم به آلة الحرب من مذابح جماعية يومية، وتدمير للمساكن والبنى التحتية والمعالم الحضارية والخدمية. فهذه الحرب هي جزء من الحملة والمخططات المعروفة لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية وحسم الصراع، وهي الحملة التي عايشنا ترجماتها في الضفة على امتداد العامين الماضيين. يضاف إلى ذلك هدف التخلص من قطاع غزة الذي راود كثيرا من قادة إسرائيل على مر العقود الماضية، والذي يترجم أحيانا بشكل "ناعم" بفكرة فصل غزة عن الضفة وإخراجها من معادلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأحيانا أخرى ينفذ بشكل وحشي وقاسٍ كما يجري الآن أو عبر مخططات التهجير التي تختفي أحيانا ثم تعاود الظهور مع كل حرب أو أزمة، ومفهوم أن اخراج غزة من الصراع يعني الخلص من مليوني فلسطيني ومن المقاومة ومن جزء مهم من قضية اللاجئين، بل ومن وحدة الشعب الفلسطيني، كل ذلك في وقت واحد.
في المدى المنظور تهدف هذه الحرب العدوانية إلى تكبيد الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا يفوق بعشرات المرات الثمن الذي تكبدته إسرائيل في عملية السابع من أكتوبر، وهو نهج دأبت إسرائيل على ممارسته حتى في عمليات القمع اليومية وسلسلة الحروب الصغيرة التي شنتها على غزة. يمكن تسمية هذا الأمر بميزان الدم، أو عدّاد القتل والذي رأيناه في كل عملية اجتياح لمدن الضفة ومخيماتها، حيث كان يجري إعدام المطلوبين ومَن تواجد إلى جوارهم أو في طريق تنفيذ العملية وحتى عابري السبيل ممن وُجد بالصدفة في مكان العمليات، يشير عداد الدم هذ إلى مقتل عشرة فلسطينيين على الأقل مقابل كل إسرائيلي، وغالبا ما يكون الضحايا الفلسطينيون من المدنيين وبخاصة من الأطفال والنساء وكبار السن كما يجري خلال المجازر المرتكبة حاليا في غزة.
تكبيد الفلسطينيين الثمن يهدف ايضا إلى كيّ وعيهم وخلق قناعة راسخة لأجيال باستحالة التصدي لإسرائيل، أو بالكلفة الهائلة لمثل هذه المحاولات. ويرى بعض المسؤولين الإسرائيليين مثل الوزير جدعون ساعر أن استيفاء الثمن يجب أن يشمل اقتطاع جزء مهم من مساحة قطاع غزة الصغيرة أصلا، و يوافقه في ذلك معظم الجنرالات والسياسيين الذين يدعو بعضهم إلى عودة الاستيطان إلى غزة، وذهب بعضهم إلى حد المطالبة بتحويل قطاع غزة إلى منتزه قومي إسرائيلي، بل طالبت الوزيرة السابقة أييلت شاكيد بتحويل مدينة خانيونس إلى ملعب لكرة القدم.
تهدف فظائع الإبادة والتدمير أيضا إلى استعادة قوة الردع المهدورة في السابع من أكتوبر، في رسالة ملطخة بالدم ليس للفلسطينيين فقط بل لكل من يفكر بالمساس بإسرائيل، ذلك ما كرره وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي توعد بتحويل بيروت إلى غزة جديدة إذا فكر حزب الله بتصعيد المناوشات ضد إسرائيل إلى حرب مفتوحة.
تتحرك أهداف الحرب الوحشية على قطاع غزة في ضوء نتائج المواجهات الميدانية وردود الفعل الإقليمية والدولية. ففي بداية الحرب طالب قادة إسرائيل المواطنين الغزيين بالخروج من القطاع للنجاة بأنفسهم، بل إن بعض أعضاء الكنيست وخاصة داني دانون (ليكود) ورام بن باراك (يوجد مستقبل) طالبا دول العالم باستيعاب اللاجئين الفلسطينيين بحيث تأخذ كل دولة حصة من هؤلاء اللاجئين، وحظي هذا الحل "العبقري" بإشادة من الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش. وفي موازاة الدعوة لتهجير الفلسطينيين، أطلَّت برأسها أفكار استيطانية وتوسعية قديمة وجديدة مثل مشروع قناة بن غوريون، والأطماع في حقول الغاز قبالة سواحل غزة وكلاهما يفترض أن الخلاص من غزة وشعبها بات أمرا ممكنا.
لكن الموقف الحازم لمصر والأردن برفض التهجير، ثم تبني موقف مشابه من قبل عديد الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة أدى إلى تراجع هذه المطالب، والاستعاضة عنها بالتهجير الداخلي الذي يهدف إلى حشر مليوني نسمة وتكديسهم في مخيمات كبرى من دون اية مقومات للحياة وبالتالي الضغط على المجتمع الدولي للتدخل من أجل إنهاء هذه الكارثة الإنسانية عبر التهجير.
تخطط إسرائيل كيفما تشاء بناء على أطماعها والدعم الأميركي لها، لكنها ليست وحدها في ميدان المعركة، فالشعب الفلسطيني صامد على أرضه، والمقاومة تقوم بواجبها، وحركات الاحتجاج تعم مدن العالم وعواصمه وتهز أركان النظام الدولي الظالم ومعاييره المزدوجة التي تُفصّل تفصيلا بحسب هوية الضحية ولونها وعرقها ودينها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 95)
شارك برأيك
بين الأهداف المعلنة والحقيقية للحرب على غزة