أقلام وأراء

الأربعاء 25 أكتوبر 2023 9:46 صباحًا - بتوقيت القدس

قرار الحرب والسلام

القراران (الحرب والسلام) في حاجة للشجاعة والقوة، لكن الأهداف والغايات والآليات والتداعيات تختلف. قرار الحرب يعني القتل والدمار وزرع الكراهية والخوف والثأر والحقد البشري، وقتل الأمل في الحياة، والتشرد والتشتت وقتل الإنسانية التي خلقها الله. قرار الحرب يعني غطرسة القوة والاستعلاء العنصري والشعبوية والقومية السلبية. أما قرار السلام فيحتاج إلى القوة والشجاعة أكثر من قرار الحرب؛ لأنه يعني الأمان والبناء والإعمار والتعايش والتسامح والبناء والإنسانية المشتركة والخيرية، والاستقرار، وتجدد الحياة والمستقبل لطفولة آمنة. قرار السلام تحكمه الشعوب بأكملها على عكس قرار الحرب الذي تتخذه نخبة حاكمة تحكمها النزعات الميكيافيلية الشخصانية الباحثة عن البقاء الشخصي.

الحرب والسلام يلخصان تطور البشرية منذ بدء الخليقة، ويفسّران تطور العلاقات الدولية والنظام الدولي وبنية القوة والإنفاق العسكري الضخم الذي يأتي على حساب الفقر والمجاعات التي تسود أغلبية دول العالم. ومنذ أن ظهرت الكينونات السياسية في صورة إمبراطوريات ودول قومية كانت الحرب تحكم سلوكها كوسيلة لتحقيق التوسع والسيطرة والهيمنة.

تتفاوت الحروب في صورها وأشكالها ومبرراتها، ولعل أخطرها الحروب الدينية التي تتغلف بمبررات ووعود دينية لا أساس لها من الواقع. وهذه الحروب هي أكثرها شراسة وقتلاً وتدميراً؛ لأنها حروب عمياء لا ترى ولا تبصر إلا القتل. وتبقى الحروب مدانة ومرفوضة وظاهرة ملعونة بشرياً، لكنها تبقى ترجمة للقوة التي تحكم العلاقات بين الدول. لكن إلى جانب الحروب الدينية المرفوضة منطقاً ووسيلة هناك حروب التحرر الوطني التي تلجأ إليها الشعوب التي تعاني من الاحتلال والاستعمار، ولقد كفل القانون الدولي للشعوب المستعمرة والمحتلة أن تلجأ للمقاومة المشروعة بكل الوسائل، بما فيها المقاومة العسكرية وفق محددات ومعايير إنسانية. فسبب هذه الحروب هو الاحتلال؛ كونه السبب الرئيسي للمقاومة.

فالدول المحتلة، وكما نرى اليوم في غزة، فإن المشكلة أن إسرائيل ترفض الاعتراف بأنها دولة احتلال، وتقوم بمصادرة الأرض، وتمارس الاستيطان وترفض الدولة الفلسطينية وكل القرارات الدولية الشرعية التي أصدرتها الأمم المتحده. ولو التزمت إسرائيل بالهدف من اتفاقات أوسلو ما قامت الحرب، بل عمدت إلى إفشالها على مدار الثلاثين عاماً. وإلى جانب ذلك تتحمل الولايات المتحدة والدول الغربية المسؤولية المباشرة عن هذه الحرب وغيرها وفشلها في تحقيق السلام. هنا الحرب حرب تحرير من أجل إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، فيما إسرائيل من جانبها تصوّرها أنها حرب ضد الإرهاب، وتصف حركات المقاومة الفلسطينية ب«المتوحشين»، وتربط بينهم وبين «داعش».

إن حروب اليوم ليست كحروب الأمس من حيث توظيفها لكل عناصر القوة المتطورة وتكنولوجيا السلاح الذي يكون حجم تدميره شاملاً. والحرب بكل المعايير والمبررات غير أخلاقية، وهي وسيلة للتغيير الديمغرافي والجغرافي للبشر. وهذا أخطر ما فيها؛ إذ تدمّر البيت والذكريات، وتحول البشر لجماعات مشتتة تبحث عن هوية وملجأ جديد، وتمزق النسيج الاجتماعي، وتحوّل الشعب إلى جماعات تعيش في الخيام، وهذه أهداف الحرب الحالية على غزة.

بالحرب، تسعى الدول القوية كإسرائيل لفرض الهيمنة والخضوع والاستسلام على شعب آخر. فالسلام لا يمكن تحقيقه من خلال القوة والاحتلال والقهر والإذلال. وكما يقول الفيلسوف الفرنسي فرديريك غروس في كتابه «فلسفة الحرب».. واليوم نرى العودة للحروب العدمية التي تلغي الأخلاق والقوانين الإنسانية.

إن مهمة وقف الحروب هي مهمة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والاعتراف بحقوق الشعوب المحتلة بتقرير مصيرها، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني.

[email protected]

دلالات

شارك برأيك

قرار الحرب والسلام

المزيد في أقلام وأراء

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 212)

القدس حالة الطقس