أقلام وأراء

الأحد 15 أكتوبر 2023 9:48 صباحًا - بتوقيت القدس

مواطنون في غزة يتركون خلفهم حكايات وروايات تاريخية

لم يكن الامر سهلا على المصورة والصحفية نيللي المصري وهي تغادر مع عائلتها غزة نحو الجنوب فهو  مرتبط بوداع لتاريخ وجغرافيا كاملة وتراث لا يمكن ان ينسى ..


قد لا تتم العودة مجددا الى البيوت التي تهدم المئات منها في ظل موجة القصف الاسرائيلي العنيفة جدا في اطار الحرب المستمرة على قطاع غزة بعد ان اعلنت حماس في السابع من اكتوبر الجاري عن بدء معركة طوفان الاقصى ..


تعمل نيللي المصري في الصحافة الفلسطينية منذ سنين طويلة وتوفي شقيقها الوحيد في الثامن من سبتمبر الماضي وهو نجل اسطورة كرة القدم الفلسطينية اسماعيل المصري الذي لعب من العام ١٩٦٨ حتى العام ١٩٧٣ في القدس مع نادي سلوان الرياضي لكن قطاع غزة لم يعد نفس المكان الذي يمكن لسكانه الوصول للقدس لغايات اخرى مثل العمل في ضوء الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال منذ عام ٢٠٠٦ ..


تقول نيللي : تركنا منزلنا وحياتنا وذكرياتنا وتفاصيل اخرى عشناها لترحل مع عائلتها الى الجنوب بناء على القرار الاسرائيلي برحيل الاف المدنيين ونزوحهم تجنبا للقصف العنيف والعملية البرية المرتقبة قريبا جدا ..


لم ترحم اسرائيل المواطنين الابرياء وحتى الحافلات التي انطلقت نحو الجنوب تم قصفها بالصواريخ ما ادى الى استشهاد ٢٠٠ من افراد عائلات كانت تحلم بالبحث عن مكان آمن في خارطة الصراع العنيفة ووسط اصوات الطائرات وهديرها الذي لم يتوقف والصواريخ التي لم تفرق بين احد وانهالت على رؤوس الجميع فدمرت المنازل والابراج وقتلت المواطنين وخصوصا الاطفال والنساء ..


حال نيللي المصري وعائلتها هو حال عشرات الالاف من الغزيين الذين لم يجدوا مناصا من النزوح نحو الجنوب تجنبا لمزيد من ويلات الحرب والقصف والدمار واذا كانت اسرائيل قد اعلنت مطالبتها للمدنيين بمغادرة شمال ووسط غزة للجنوب حرصا حسب مزاعمها لعدم قتل المدنيين فان هذا الاعلام زائف ومتاخر لانها اصدرته بعد ان قامت بقتل حوالي ٣ الاف فلسطيني معظمهم من الاطفال والنساء ، في الوقت الذي اعلن فيه الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي صراحة ان قادة المقاومة وحماس يتواجدون في أماكن آمنة ..


يشعر مواطنو غزة بحرقة شديدة وألم كبير فالذكريات التي عاشوها بجوار بحر غزة والسنين الخوالي رغم المعارك والحروب المتتالية جعلتهم شعبا لا يقهر وبارادة وعزيمة جبارة حاولوا مرارا وتكرارا النهوض من ويلات ودمار المعارك السابقة واصروا على عيش كريم في بقعة جغرافية هي الاكثر كثافة في العالم لكن الوضع هذه المرة مختلف تماما لان الاف العائلات قد لا تتمكن من العودة الى بيوتها في ضوء محاولات اسرائيل لفرض واقع جديد يشبهه الخبراء بنكبة جديدة بعد نكبة ١٩٤٨ ..


تبدو الحرب الحالية حرب ابادة وفيها سعي اسرائيلي لتغيير معالم المنطقة كليا وهي اعلنت مرارا وتكرارا على لسان مسؤوليها ان هدف الحرب القضاء على المقاومة وحماس سياسيا وعسكريا وهو الامر الذي يلقي بمزيد من الاعباء على عاتق وكاهل مواطني القطاع فهم  الحلقة الاضعف في هذا الصراع الشرس فلم تعد لهم بيوت تأويهم ولا سلطة تحميهم ولا عمق عربي او اسلامي يدعمهم وتركهم في المعركة ينزفون ويعيشون بلا ماء او غذاء او دواء او كهرباء كلها مسائل تنذر بكارثة انسانية لم يسبق لها مثيل ..


الحرب ونتائجها المدمرة يتحملها المواطن الغزي الذي اصبح الضحية لكل شيئ وهو يدرك جيدا ان ما كان سابقا لن يكون ويتساءل احد المواطنين هل ستسمح اسرائيل بعودة عمال غزة للعمل في الداخل وفتح معبر بيت حانون ( ايريز) ويضيف : انه امر صعب للغاية وسنجلس امام ركام بيوتنا المدمرة لنحكي عن رواية اسمها نكبة غزة عام ٢٠٢٣ لأبنائنا واحفادنا لنقول لهم كانت هناك مدينة اسمها غزة لكنها اصبحت اليوم دمارا شاملا ..


كثيرة هي الروايات والقصص التي كتبها ابناء قطاع غزة عبر منصات التواصل الاجتماعي وفي تصريحات لوسائل الاعلام وجميعها مغلفة بقصص الشهادة والدم  والطرد والتهجير والترحيل وفي هذه المرحلة يعتقدون ان اهم العوامل التي يبحثون عنها الامان والحماية وتجنب ويلات القصف والدمار والتجويع وانتهاء المعركة باسرع وقت ممكن في محاولة للعودة لكنها وان تحققت ستستغرق سنوات طويلة بعد ان ادت الحرب الاسرائيلية لاعادة قطاع غزة ٥٠ سنة الى الوراء

دلالات

شارك برأيك

مواطنون في غزة يتركون خلفهم حكايات وروايات تاريخية

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 221)

القدس حالة الطقس