أقلام وأراء
الثّلاثاء 26 سبتمبر 2023 9:20 صباحًا - بتوقيت القدس
عود على بدء ! عبثية اللحظة.. بين التيه السياسي و فوضى السلاح
"لا يكفي أن يكون موقفك واقعياً وعقلانياً حتى يكون قابلاً للحياة. ففشل التسوية التي استثمرت بها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية كل رصيد شعبنا لا يعني أنها لم تكن صوابية من حيث المبدأ، ولكن التفريط بعناصر القوة التي كانت بيدها في حينه، والتفرد بالقرار الوطني من خلف الشعب، وإدارة الظهر لقرارات مؤسساته الوطنية، واللهاث خلف استجداء سراب تلك التسوية، بل والإصرار على المضي في مغامرة البحث عن "سلام مفقود"، لدرجة المغامرة في تفتيت وتبديد أي إمكانية لاستعادة بناء وتعزيز عناصر القوة الفلسطينية، هو التيه الذي يعصف ليس فقط برصيد الثورة وإنجازات شعبنا ويعرض تضحياته للتبديد، بل وربما يعرض القضية الوطنية ذاتها للخطر. فالسلام ليس مجرد "قيمة مثالية أخلاقية"، ومن لا يستطيع امتلاك القدرة على الصمود ومقاومة الضغوط والتقلبات لن يستطيع صنع وفرض السلام المتوازن والعادل والقابل للحياة"
اقتباس هذه المقدمة التي سبق أن تضمنها مقال سابق بنفس عنوان هذا المقال حول خلفيات الوضع الداخلي الذي شكل حاضنة للفوضى وصلت حد ارتكاب جريمة محاولة اغتيال د. ناصر الشاعر أحد قادة التيار الاسلامي ونائب رئيس الوزراء الأسبق، والتي حتى اليوم لم يكشف عن مرتكبيها وتقديمهم للعدالة، الأمر ذاته حدث في جريمة قتل واغتيال نزار بنات وغيرها من جرائم استخدم فيها سلاح محسوب على السلطة خارج القانون. فعدم قيام السلطة الحاكمة بذلك مؤشر لطبيعة الحكم وسلوك النظام السياسي في المرحلة القادمة . وكما يبدو أنها مستمرة في استراتيجية الوهم لتحقيق تسوية تمكنها من مجرد الاستمرار في الحكم، وليس استعادة الحقوق وفي مقدمتها الخلاص التام من الاحتلال والاستيطان والعنصرية. ويبدو أن السلطة مصرة على المضي في هذا الطريق، وليس من وسيلة في يدها لذلك سوى الاستمرار في سياسة استرضاء العدو وحلفائه، دون اكتراث بالرأي العام الفلسطيني واحتياجاته ومتطلبات صموده، الأمر الذي يفاقم من حالة التيه السياسي والفوضى التي باتت تعم البلاد .
ما يجري في الخليل من فوضى السلاح، ومحاولة فرض وتعميم سياسة البلطجة والاعتداء على أرواح وممتلكات الناس، يشكل مؤشراً خطيراً على استشراء هذه الفوضى .حيث أنه بغض النظر عن مدى الاجتهاد في تقييم دور ومدى نجاح المجلس البلدي المنتخب، فإن محاولات السيطرة على هذا المجلس وقراراته بقوة السلاح من ناحية، أو الاستقالة والانسحاب من ناحية أخرى ، لن تجلبا سوى الفوضى بكل أبعادها . ويقيني أنه لو كان رئيس بلدية الخليل من العناصر الموالية للسلطة لجندت كل امكاناتها للتغطية على أية أخطاء أو تجاوزات يرتكبها .
فقدان السلطة لدورها في مدينة الخليل، وما يرافق ذلك من تفكك وغياب سيطرتها، يشكل حاضنة استدعاء هيمنة الجهوية والعشائرية، وظهور مؤشرات انفصالية عن وحدة الكيانية الجامعة . هذا تماماً ما حدث في قطاع غزة صيف عام 2007 ، والذي توِّج بانقلاب حماس كنتاج ليس فقط لمشروع الحركة الاخوانية للسيطرة على شرعية التمثيل، بل وأيضاً بفعل استشراء فساد السلطة وتخليها عن مسؤولياتها الاساسية في منع الفوضى وتوفير الأمن والأمان للمواطنين، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بترسيخ العدالة الشاملة في أدوات ومرجعيات الحكم وفقاً للقانون ومتطلبات تطبيقه على الجميع، وليس بصورة انتقائية فقط في مواجهة غير الموالين .
ما جري ويجري في مدينة الخليل بات ظاهرة تعم البلاد وتثير القلق لدى عموم العباد . فالسلطة التي تحاول فرض سيطرتها بالعصا الامنية وأولوية التنسيق الأمني لضمان أمن المحتلين على حساب أمن المواطن وسيادة القانون ، وما يولده ذلك من اتساع دائرة عزلتها الشعبية، هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن انتشار الفوضى، سيما أن الاعتداءات المسلحة التي تجري ضد المواطنين في الخليل وغيرها ينفذها عناصر محسوبة على الأجهزة الأمنية والمتنفذين، وهي طليقة دون أية محاسبة.
ما يجري في الضفة الغربية من فوضى السلاح و التيه السياسي من ناحية ، وتقدم المشروع الانفصالي الذي تقوده حماس في قطاع غزة من ناحية ثانية، والاستقطابات الجارية على ضفتي هذا الانقسام الخطير في معركة السيطرة على الشرعية، على حساب القضية الوطنية والمصالح العليا والكرامة الوطنية لشعبنا ، لا يخدم سوى حكومة الاحتلال ومشروعها العنصري التصفوي ، الذي يتمدد يومياً على قدم وساق ، هذا في وقت تسعى فيه الولايات المتحدة لتقديم الجائزة الكبرى لحكومة نتانياهو بتعزيز مكانة اسرائيل الاقليمية على حساب القضية الوطنية وحقوق شعبنا ، واستخدام "الشرعية الفلسطينية" لمجرد التغطية على هذه الصفقة دون مقابل وطني يذكر .
هذه المؤشرات تشكل وصفة للانهيار والتفكك وربما الانزلاق نحو الاقتتال الداخلي، اذا لم تواجه بارادة وطنية جامعة من القوى الحية وكل الخيريين من أبناء شعبنا، وهم الأغلبية الساحقة والمتضررة مما يجري، كي تضع حداً للفوضى والتفريط والانقسام المدمر، وتعيد استنهاض عناصر القوة الذاتية الكفيلة بالتصدي لهذه المخاطر، وفق رؤية ومسار يعيدان زمام المبادرة للشعب وحقه الطبيعي والدستوري في انتخاب قيادته وممثليه ، والدفاع عن مصيره الوطني في هذه البلاد .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%52
%48
(مجموع المصوتين 99)
شارك برأيك
عود على بدء ! عبثية اللحظة.. بين التيه السياسي و فوضى السلاح