أقلام وأراء

الجمعة 07 يوليو 2023 11:36 صباحًا - بتوقيت القدس

العدوان على مخيم جنين والإسراع في سياسة الابارتهايد

يبدو أن العمليات العدوانية التي يقوم بها نتنياهو ضد العرب الفلسطينيين جاءت مباشرة بعد الأعياد الإسلامية، فالهجوم على غزة الذي استهدف المدنيين قبل شهرين، جاء مباشرة بعد عيد الفطر الأخير، وجاء العدوان الأخير على مخيم جنين في الثاني من تموز 2023 أي بعد انتهاء عيد الأضحى المبارك. وكانت الاجهزة الامنية الإسرائيلية قد تداولت عن هذا العدوان على جنين قبل أشهر، حيث وافق نتنياهو على تنفيذه وأعطى الضوء الأخضر له بدون تحديد الوقت المحدّد، حيث بدأت الأجهزة الأمنية والعسكرية تخطّط معالم هذا الهجوم، ويمكن القول إن نتنياهو حاول إعطاء الانطباع بأنه هو نفسه الذي يدير المعركة بدون الاخذ بعين الاعتبار شركاءه الآخرين كبن غفير وسموت ريتش، واستغل نتنياهو عزلته الدولية سياسيًا لتنفيذ مآربه ومخططاته وبدأ بهذا الهجوم الكاسح الذي شمل أكثر من ألف جندي بمعدات ووسائل قتالية ثقيلة، على مخيم لاجئين لا تصل مساحته إلى كيلومتر مربع واحد، هذا وتداولت وسائل إعلام وخبراء عسكريون قبل أشهر ما إذا كان باستطاعة الجيش احتلال الضفة الغربية ثانيةً وإخضاعها للسيطرة العسكرية الإسرائيلية المباشرة، وقد وافق بعض الخبراء أن الجيش الإسرائيلي يستطيع إعادة احتلال كافة مساحات الضفة الغربية، لكن هنالك خبراء آخرون اعترضوا على ذلك وقالوا إنه من الصعب أن يتمّ ذلك نظرًا الى الطبيعة الديموغرافية وللمقاومة السُكّانية الشرسة للاحتلال التي يشنها الفلسطينيون ضد إسرائيل هناك، حيث قال هؤلاء إن الأوضاع السكانية ومقاومة الاحتلال قد تغيرت منذ الهجوم الأخير الإسرائيلي عام 2003 الذي شنّته ضمن عملية "السور الواقي" على جنين، وقد قام الجيش الإسرائيلي في العامين الأخيرين بالهجوم على جنين ومخيمها بشكل شبه يومي، وكل ذلك كان ليلًا وهناك مَن يقول إن هذا الهجوم اليومي كان ضمن إطار مساعدة الجيش، في إجراء التدريبات العسكرية لوحدات الجيش الإسرائيلي للتوغّل في مناطق سكانية مأهولة، وقد استشهد جرّاء ذلك المئات من الفلسطينيين في منطقة جنين وضواحيها، أما قيادة الجيش وبعد شنّ تلك العمليات فقد باتت تستبعد أن تقوم وحداتها باحتلال الضفة الغربية في حال اندلاع انتفاضة عارمة وواسعة النطاق هناك، حيث بدأ رويدًا رويدًا يفكر في انتهاج هجوم مباغت وعينيّ على مناطق محددة تشمل جنين، مخيمها وضواحيها، وقد تأكدت نوايا الجيش في هذا الهجوم بعد صعود هذه الحكومة المتطرفة بقيادة نتنياهو وحلفائه الجدد، الذين الغوا القانون الذي يمنع الاستيطان الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية وفي المنطقة C المحاذية لمنطقة جنين ونابلس، حيث بدأت هذه الحكومة بإعادة الاستيطان وتثبيته وبناء البؤر الاستيطانية الكثيرة هناك، الامر الذي أدخل الفلسطينيين إلى دائرة الصراع المرير، الذي لا يتوقف أمام هذا الازدياد المفاجئ في عدد المستوطنين، وحرص الجيش الإسرائيلي على عدم تكبد الخسائر بالأرواح بل حاول استعمال النيران الكثيفة والمستعربين من اجل إنجاح عمليات الاغتيال واسعة النطاق، وقد استطاع بعض الشيء إلى أن حدث أخيرًا فشلًا عسكرًيا تعلّق بتفجير بعض المدرعات في أرض المخيم عند انسحابها ليلًا، وقد ضربت تلك الواقعة قيادة الجيش بالصميم وأدت إلى التحضير لعملية انتقام واسعة النطاق ضد هذا المخيم، حيث بدأوا لأول مرة منذ عشرين عامًا باستعمال الطائرات العسكرية بعمليات اغتيال بعيدة المدى، وهذا يعتبر أمرًا منافيًا للقانون الدولي وكيفية إدارة الصراع في المناطق المحتلة حيث تقوم إسرائيل بسلخ أراضي الضفة الغربية، مصادرتها وإقامة المستوطنات بمحاذاةٍ للقرى والمدن الفلسطينية التي توضع وتُحدد في غيتوات صغيرة ومحاصرة، وقد قام أعضاء الحكومة المتطرفين الجدد بالضغط من اجل بناء العديد من المستوطنات هناك وجلب المستوطنين المسلّحين، الامر الذي زاد في إمكانيات اندلاع الصراع الوشيك هناك، وقد تمّ هذا بالفعل في منطقة شمال الضفة ومنطقة حوارة، ترمسعيا، أم الصفا والمنطقة المحاذية لطول كرم وأريحا، بحيث وجدت هذه الحكومة أن الفرصة سانحة لبناء مشروعٍ استيطانيٍ كبير، يمكن أن يصل إلى 200،000 مستوطن في السنوات الثلاث المقبلة، الامر الذي يخلّد حالة من الابارتهايد بين التجمعين الإسرائيلي والفلسطيني في هذه المنطقة الحسّاسة في وسط الضفة الغربية، وفي زيارةٍ للأمين العام السابق للأمم المتحدة الكوري بان كي مون ورئيسة وزراء ايرلندا السابقة ميري روبنسون، إلى الاراضي الفلسطينية بهدف دراسة ما يجري من تحوّلات بنيوية وجذرية هناك، أخذوا انطباعاتٍ علينا أخذها بعين الاعتبارات لما يجري من علاقة خطيرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، حيث قال كي مون إن معاملة إسرائيل للفلسطينيين تعتبر نوعا من "الأبارتهايد" (نظام الفصل العنصري)، مشيرًا إلى أن تل أبيب تبتعد عن آمال إقامة دولة فلسطينية بجوارها. وأضاف خلال مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، انه خلال زيارته الاستكشافية التي تواصلت ثلاثة أيام في أواخر يونيو/ حزيران 2023 وتزامنت مع التصعيد الدامي في الضفة الغربية، واجه واقعًا أكثر قتامة مما واجهه عندما ترأس الأمم المتحدة من 2007 إلى 2016. وأوضح أنه كان قد رأى مؤشرات على تجذّر نظام الأبارتهايد، من خلال التوسع في بناء المستوطنات في الضفة الغربية وفرض قيود أشد على الفلسطينيين.


وتابع مون: "أعتقد أن الوضع زاد سوءًا، كما يقول الكثيرون، أن هذا ربما يمثّل أبارتهايد". وأشار إلى أنه يشعر بالقلق من الفشل الذريع لحلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ولا يعي الجانب الإسرائيلي السياسي ما يحدث في الضفة الغربية، حيث أكد المحتجون على الإصلاحات القضائية تأييدهم الكامل للهجوم على غزة تمامًا كما أيدوا الهجوم العدواني على مخيم جنين ويتقاطعون بذلك الموقفين في إسرائيل يمينا ويسارًا في تأييدهم لسياسة ما سماه بان كي مون وروبنسون بالابارتهايد والفصل العنصري، الذي يحدث وبشكل متسارع بعض الشيء في الضفة الغربية، بحيث نجد أنفسنا أمام واقع سياسي من الصعب تغييره، لكن يمكن أن يتغيّر مرة واحدة، تمامًا كما تتغير السياسات في بعض دول العالم حيث تأتي فجائية كما كان في سوريا وأوكرانيا و السودان واثيوبيا وفي دول عديدة أخرى وهذا ما لا تعلمه القيادة الإسرائيلية .

دلالات

شارك برأيك

العدوان على مخيم جنين والإسراع في سياسة الابارتهايد

المزيد في أقلام وأراء

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 229)

القدس حالة الطقس