أقلام وأراء
الخميس 06 يوليو 2023 10:22 صباحًا - بتوقيت القدس
رسالة تل أبيب إلى جنين: تظاهرة الدم
تقرأ جنين إسرائيل بصورة أصدق من ادعاءات تل أبيب، كما تصحح جنين الآن ادعاءات الإنسانية الإسرائيلية كما "يصححها" كل شهيد فلسطيني؛ أن حقيقة إسرائيل لا تكمن في صراعاتها، بل في الناظم الأعلى لصراعاتها: تماسكها الاستعماري. وحيث لم ينجح مشروع الصهر لشعب مخترع أن يخلق مجتمعًا موحدًا، نجحت الوظيفة الاستعمارية في ذلك، وكان من الغريب للوهلة الأولى أن نرى اهتمام المجتمع الإسرائيلي بتوحيد "التصوّر" أو "الحازون"، فأي المجتمعات تمتلك تصورًا واحدًا لمستقبلها أو حتى لحاضرها؟ لكن الغرابة تتلاشى عندما نضع في المركز حقيقة أننا بصدد مشروع استعماري عقائدي، لا يميز بين "التصور" وبين "الدولة" – ومن هنا هشاشة الدولة - وأن العضوية في المشروع العقائدي متوقفة على الهيمنة، أو على الاتفاق السياسي أكثر بكثير مما هي على الهوية المدنية أو الدولاتية، الأمر الذي يفسر خوف الإسرائيليين من "الانهيار".
مع ذلك، فإن ضعف المشروع العقائدي، أي حاجته لاتفاق سياسي كضرورة وجودية تعوض سيولة الدولاتية يقابل بتماسك استعماري: القيم العميقة للمجتمع الاستعماري.
في دراسة حول "الجيش الفتاك" وهو مفهوم تطور في الدولة العبرية - في أعقاب الجيش الأميركي - وطرحه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق أفيف كوخافي بعيد تعيينه في كانون الثاني/يناير 2019، موضحًا بأنه سيوفر "جيشًا فتاكًا، ناجعًا ومتجددًا"، ظهر أنه تم اختيار ونشر مصطلح "فتاك" على أثر تشخيصه كعنصر جذاب لكل أطياف المجتمع الإسرائيلي، وذلك كجزء من استراتيجية تجنيد شرعية مجتمعية لما يقوم – وسيقوم – به الجيش الإسرائيلي لاحقًا.
يشير البحث إلى أن سيولة المصطلح تفسح المجال لأن تقوم القطاعات الإسرائيلية المختلفة بتفسيره وفق قيمها ومواقفها، استنادًا إلى أن اختيار المصطلح هذا تحديدًا اعتمد على "معرفة عميقة بقيم الجمهور" الإسرائيلي. أي أن مصطلح "الفتك" اختير بسبب قدرته على "إنتاج مؤثرات تعبوية ضمن فئات إسرائيلية مختلفة الخلفية الإثنية والدينية والديمغرافية".
باختصار، يفيد البحث بأن الجيش الإسرائيلي يعتمد في عنفه المتزايد على شرعيات تخاطب القيم العميقة - وإن كانت مختلفة - للمجتمع الإسرائيلي بفئاته الليبرالية واليمينية، أي أن نجاح وشرعية إيتوس "الفتك" لم تعتمد على سطوة اليمين، بل على قدرة المصطلح على سبر غور القاسم القيمي الأعمق للمجتمع الإسرائيلي بكافة تصدعاته.
من جهة أخرى، تتشابه القطاعات الاجتماعية الإسرائيلية في حاجتها للعنف، قد يرضى بعضها بنموذج حوارة، وقد "يكتفي" بعضها الآخر بنموذج جنين، سيختلفون على درجة مشهدية الفتك، أيها أكثر مشهدية: حوارة أم جنين. قد يختلفون في ذلك، وسيختلفون في مدى الحاجة لانضباط العنف للمؤسسات القائمة، هذا مركز الخصام حاليًا، لكن اثنيهما يحتاجان إلى العنف: يدفع الفلسطيني بالدم ثمن المتطلبات المدنية لتل أبيب ليس أقل مما يدفعه ثمن التطلعات العقائدية للبؤر العشوائية.
يحتاج "الليبرالي" لإدارة حياة طبيعية والازدهار وعقد الصفقات والتعاون الأكاديمي في عواصم البلاد لصراع غير مكلف، يحتاج إلى اختفاء المقاومة الفلسطينية وابتعادها عن إمكانية جباية أي ثمن من المستعمر، ليس أقل مما يحتاج ذلك المستوطن الذي يريد تمدد البؤر العشوائية. على الفلسطيني أن يرتدع عن المقاومة والحضور حتى تستمر تل أبيب في الشعور بخفة الاحتلال وببخس ثمنه إسرائيليًا، لكي "تتحرر" منه. تحتاج تل أبيب أن تتحرر من جنين كجزء من كلفة يومها، لذلك فهي تقتلعها بالقوة، وتمضي في مظاهراتها فخورة.
لكن، للفخر مصادره التي لا تحتاج لساحات خلفية، جنين تعرفها. ونحن نعرف أن لا معنى للحق في الحرية دون الحق للسعي من أجل الحرية. ليتوقف الآن الكلام كله عن "المشاركة" أو "الوطن المشترك" أو الاعتراف بالواقع "ثنائي القومية"، وليفصح أصحاب تلك الخطابات عن مواقفهم بخصوص الحق في المقاومة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
هآرتس: نتنياهو أحبط 3 مرات التوصل لصفقة "الرهائن"
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
رسالة تل أبيب إلى جنين: تظاهرة الدم