أقلام وأراء
الأحد 18 يونيو 2023 10:01 صباحًا - بتوقيت القدس
مخططات احتلالية للسيطرة على حيّز الأرض والضبط الديموغرافي في فلسطين
نقل إيلان بابه في كتابه التطهير العرقي في فلسطين تصريحاً نشرته صحيفة هآرتس في 6/10/2004 صادراً عن دوف فايسغلاس، الناطق باسم رئيس حكومة الاحتلال أريئيل شارون قال فيه "تكمن أهمية خطة الانتصار ]عن غزة[ في أنها تجمّد عملية السلام. وأنت عندما تجمد هذه العملية تحول دون قيام دولة فلسطينية، وتحول دون مناقشة قضية اللاجئين، والحدود، والقدس، وعملياً، فإن كل تلك الرزمة المسماة دولة فلسطينية، بكل ما تتضمنه، أزيحت كلها إلى أجل غير مسمى من جدول أعمالنا، وكل ذلك بمباركة رئاسية ]الولايات المتحدة[، وإقرار الكونغرس الأميركي بمجلسيه."
إضافة إلى ما سبق، نقل بابه في كتابه تصريحاً نشرته جيروزاليم بوست في 10/5/2004 صادراً عن أرنون سوفير، أستاذ الجغرافيا في جامعة حيفا قال فيه "وهكذا، إذا أردنا أن نبقى أحياء علينا أن نقتل ونقتل ونقتل طوال اليوم، وفي كل يوم ]...[ إذا لم نقتل سينتهي وجودنا ]...[ الانفصال من جانب واحد لن يضمن "سلاماً"، وإنما دولة صهيونية- يهودية ذات أغلبية ساحقة يهودية."
من المؤكد أن فشل المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في كامب ديفيد عام 2000 كان بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي في طرح حلول جديّة لقضايا تعتبر فلسطينياً من الثوابت، ومن أهمها القدس، والحدود، واللاجئين، وعدم القبول الفلسطيني بتجاوز حقوقه المشروعة في تقرير المصير، وبناء الدولة، والخلاص من الاحتلال. تشير الكثير من الدلائل أن دولة الاحتلال كانت عازمة على عدم الاستمرار في مسار التسوية، وحل الصراع مع الفلسطينيين، وكانت تخطط للقضاء نهائياً على الحلم الفلسطيني بالدولة، والاستقلال. لقد تبع فشل مفاوضات كامب ديفيد التي كانت تجري أصلاً في ظل أجواء مشحونة بالتوتر، اقتحام المتطرف أريئيل شارون باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي أشعل الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.
وصل شارون إلى رئاسة حكومة الاحتلال ببرنامج ارتكز على أولوية جلب الأمن للإسرائيليين، وسحق المقاومة الفلسطينية، وعملياً إنهاء اتفاقية أوسلو، واجتياح المدن الفلسطينية، والسيطرة عليها.
انتقل شارون بعدها إلى إستراتيجية معلنة، هدفها تحقيق حالة من الانفصال عن قطاع غزة عام 2005، والسيطرة المطلقة عليه براً، وبحراً، وجواً، عبر آليات الحصار، والرقابة الشديدة، وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية، وهذا ما أكده مراراً الناطقون باسم شارون.
استكملت حكومات الاحتلال اللاحقة بعد موت شارون المفاجئ هذه الإستراتيجية ضمن دراسات معاهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، تحت ذرائع الوضع الديموغرافي في فلسطين ما بين البحر والنهر، وضرورة التخلص من وحدة المناطق الفلسطينية التي بات عدد سكانها الفلسطينيين يقارب، أو يفوق قليلاً عدد السكان اليهود. لقد رأت حكومات الاحتلال أن تعزيز هذا الانفصال سيعزل أكثر من 2 مليون فلسطيني عن مجموع الفلسطينيين ضمن حدود أقل من 365 كم2، لتدّعي دولة الاحتلال عالمياً أنها انسحبت من غزة، وتخفي أنها تحاصرها باحتلال غير معلن، وتعززت تلك الإستراتيجية بالفعل بعد الانقسام بين الضفة الغربية وغزة عام 2007.
تطغى تعابير ما بعد الانسحاب من قطاع غزة على الخطابات السياسية، مثل "الحصار"، و"العمليات المحدودة"، و"الهدنة"، و"التهدئة"، و"إنهاء الانقسام"، و"وحدة الصف الفلسطيني"، والكثير من العناوين التي تشكل وصفاً لحالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ توقف المحادثات الباحثة عن حل شامل لهذا الصراع. لقد أصبح من اللافت عدم إمكانية طرح قضايا جوهرية، مثل القدس، والحدود، واللاجئين، كون المفاوضات غير موجودة أصلاً، ولا نية لاستئنافها، ويرى المتابع حجم الضرر الذي سببته خطة الانفصال الإسرائيلية عن قطاع غزة، ثم الانقسام على القضية الفلسطينية في كل الساحات.
سنوات قليلة تفصلنا عن تمام عقدين من الانفصال الإسرائيلي الأحادي عن قطاع غزة، ثم الانقسام الفلسطيني. من المؤكد إن هذا الانقسام هو مصلحة للاحتلال الإسرائيلي بالدرجة الأولى، ومن الواضح تأثيره المدمر على المشروع الوطني الفلسطيني، وأيضاَ الشعب الفلسطيني. يدل على ذلك أنه خلال أكثر من عقد ونصف من الانقسام، أعلنت حكومات الاحتلال، خاصة التي ترأسها بنيامين نتنياهو إستراتيجيتها الداعمة لتعزيز الانقسام الفلسطيني كمصلحة إسرائيلية عليا، وترويجها وحلفائها أن الشعب الفلسطيني غير مؤهل لإقامة دولته المستقلة.
يعلن الاحتلال الإسرائيلي، خاصة أجهزة استخباراته العسكرية عبر الصحف وتصريحات قادتها أن إستراتيجية الاحتلال تكمن في المحافظة على الوضع القائم في قطاع غزة، ودعم أي جهد لضمان الهدوء. يضاف إلى ذلك اعتبار أن استمرار الانقسام الفلسطيني هو مصلحة إسرائيلية محضة، حتى لو قدمت دولة الاحتلال الدعم المالي العربي بجهودها وطائراتها عبر وسطاء، وبشروط عدم استخدام تلك الأموال لأغراض المقاومة. إن كل هذا بالطبع يخدم تعميق حالة الانقسام الفلسطيني، ويتماشى مع مخططات تهدف للسيطرة على حيّز الأرض في الضفة الغربية، والضبط الديموغرافي للفلسطينيين ككل.
إضافة إلى ما سبق، تستمر دولة الاحتلال باجتياح مدن الضفة الغربية، وتنفيذ الاغتيالات، والاعتقالات، وتكثيف الاستيطان، والحصار الاقتصادي، وسرقة الأموال الخاصة بالشعب الفلسطيني، ومؤخراً إصدار الكنيست الإسرائيلي تشريعات داعمة للاستيطان، والعودة للمستوطنات التي أخليت عام 2005، كحومش، وغيرها. يعلم الجميع هذه الحقائق المؤلمة التي سبّبها الانفصال، ثم الانقسام، وقد يعتبر السكوت عنها خيانة لدماء الشهداء، ونداءات الأسرى والجرحى التي ما زالت تدعو إلى الوحدة الوطنية، وتعتبرها قانوناً للانتصار.
من المؤسف أنه بعد قرابة العقدين على الانقسام، ورغم الفهم العميق لسياسة الاحتلال "فرّق تسد"، لم تثمر كافة الجهود والنداءات في إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة، والوحدة الوطنية.
طبقاً لذلك، يجب على كافة أبناء الشعب الفلسطيني العمل كأولوية قصوى ضد هذا الانقسام، والمستثمرين فيه، ووضع حد للمساس بمقدرات الشعب الوطنية، والدعوة لأوسع مشاركة لكافة أبناء شعبنا في فعاليات شعبية مؤثرة لاستعادة الوحدة الوطنية. يضاف إلى ذلك مجابهة المخططات الرامية للفصل والتجزئة، كمقدمة لوأد تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
نيويورك تايمز تكشف تفاصيل اتفاق وشيك بين إسرائيل ولبنان
الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
مخططات احتلالية للسيطرة على حيّز الأرض والضبط الديموغرافي في فلسطين