أقلام وأراء

الأحد 18 يونيو 2023 9:52 صباحًا - بتوقيت القدس

خلال أسبوعين في إسرائيل: فشل وخيبة أمل من ناحية وانتصار مفاجئ من ناحية أخرى

تحطّمت الآمال الاسرائيلية بتحقيق انجاز قريب على صعيد ملف التطبيع مع السعودية بعد فشل وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن في إحداث اختراق لهذا الملف إبان زيارته للرياض الاسبوع الماضي، خاصة بعد التصريحات الحاسمة لوزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان" بأن التطبيع ذو فوائد "محدودة" دون اتمام سلام مع الفلسطينيين . والحقيقة ان الموقف السعودي ليس جديدا فخلال السنوات السابقة أكدت السعودية أنها ليست من السهولة بمكان لتبيع هذا الانجاز ببساطة لإسرائيل . وفي كلّ مرة يبدو أن هذا الامر بات وشيكًا تعود السعودية وترفع من سقف شروطها وتؤكد على موقفها الثابت لا تطبيع دون الفلسطينيين. التطبيع مع السعودية حلم لنتنياهو وضعه على رأس اولوياته منذ عودته الى الحكم، وهو بمثابة الجائزة الكبرى له في خطوة ـــ إذا تحققت ـــ ستكون كفيلة بكسر الجليد السياسي الذي يحيط به داخليا وخارجيا . فالسعودية مركز الثقل الاستراتيجي اقتصاديا ودينيا في العالم العربي والاسلامي، ووزنها الاستراتيجي يضعها في كفة وجميع الدول المطبعة الاخرى في كفة.


مقابل هذا الفشل الذريع، حققت اسرائيل هذا الاسبوع نصرا دبلوماسيا إثر توقيع روسيا اتفاقية يتم بوجبها افتتاح فرع للقنصلية الروسية في القدس المحتلة . وتعد الاسباب التي بررتها موسكو لهذه الاتفاقية تافهة جدا لا تليق أبداً بدولة عظمى تعي خطورة الدلالات السياسية لهذا الامر في أكثر الملفات تعقيدا بين الفلسطينيين واسرائيل، حيث اعتبرتها صفقة تسوية مع بلدية القدس المحتلة لنزاع حول أراض اشترتها الامبراطورية الروسية عام 1885 .


بالنسبة لإسرائيل/ نتنياهو فإنّ هذا النّصر السياسي والدبلوماسي يعوّض بعضاً من خيبة الامل التي صاحبت فشل مسألة التطبيع مع السعودية الاسبوع الماضي. أما بالنسبة لروسيا / بوتين أعتقد أن ثمن هذه الخطوة أبعد كثيرا من صفقة عقارات تطالب بها روسيا في القدس.


فعلى الرغم من التحديات التي واجهت العلاقات الاسرائيلية منذ بدء الأزمة الروسية / الأوكرانية، إلا أنها لم تمنع من استمرارية ومتانة العلاقات بين الطرفين التي تتصف بالتشابك والتعقيد كما يحلو لنتنياهو القول حين الحديث عنها. وحتى في أشدّ ظروف الحرب الباردة في الماضي وانقطاع العلاقات كان هناك اتصالات سرّية بين الجانبين. ودائما تعلو أصوات في تل ابيب وموسكو تتحدث عن أهمية استمرارية العلاقات بين البلدين لضمان أمنهما القومي . إبان الأزمة الاوكرانية اعتمدت اسرائيل في نهجها ما يسمى "الدبلوماسية الذكية" التي ارتكزت على سياسة الحذر الشديد وتحمل الضغوطات الغربية وعدم اتخاذ موقف واضح من الازمة حتى لا تغضب بوتين.


اسرائيل تضع ايران في واجهة الاعداء وروسيا تضع حربها في أوكرانيا على رأس أولوياتها . إسرائيل قلقة جدا من التقارب الروسي/ الايراني الأخير وتخشى من تزويد ايران بأسلحة متطورة ومنظومات دفاعية وفقدان هامش الحرية الذي يمنحه بوتين للجيش الاسرائيلي لتنفيذ عملياته العسكرية وأهدافه في عمق الاراضي السورية ضد ايران. من جهتها روسيا تشتكي من تعاظم الدعم الاسرائيلي المقدّم لأوكرانيا رغم ان هذه الاخيرة لا تراه كافيا.


منذ عودة نتنياهو الى الحكم كان السؤال الأكثر الحاحا في اسرائيل هو المدى الذي يمكن أن تصل اليه العلاقات بين موسكو وتل ابيب، وما إذا كان سيتغير موقف الحكومة اليمينية في اسرائيل من الأزمة الأوكرانية؟ الظاهر للعيان أن السياسة الاسرائيلية بقيت كما هي تتسم بالحذر والحياد، لكن كان هناك اشارات توحي بزيادة التقارب الروسي/ الاسرائيلي ، فلم يعد هناك انتقاد لروسيا علنا ولم تتحول الاقوال بمساعدة عسكرية اسرائيلية لأوكرانيا الى أفعال حتى اليوم ، ولم يتحدث وزير الخارجية الاسرائيلي ضد روسيا أو يذكرها اثناء زيارته لكييف في فبراير الماضي .


يبدو أن الرجلين بوتين ونتنياهو لديهما من نقاط الالتقاء والمصالح أكثر مما يختلفا، وستكشف الايام المقبلة عن ثمن هذه الخطوة .

دلالات

شارك برأيك

خلال أسبوعين في إسرائيل: فشل وخيبة أمل من ناحية وانتصار مفاجئ من ناحية أخرى

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

أسعار العملات

السّبت 27 أبريل 2024 8:23 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.41

شراء 5.39

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%5

(مجموع المصوتين 167)

القدس حالة الطقس