أقلام وأراء

الخميس 01 يونيو 2023 10:14 صباحًا - بتوقيت القدس

"في بلدنا انتخابات"...

خلال لقائي هذا الأسبوع مع طلاب مدرسة ابتدائية في إحدى قرانا، تحدّثت كالعادة للطلاب عن عناوين قصصي، وقدّمت نبذة سريعة عن كل واحدة منها وما هو المغزى أو الفكرة التي تحملها.

من بين هذه القصص، قصة "في بلدنا انتخابات"، وهي ملائمة للطلاب من طبقة الخوامس وما دونها.

كان اللقاء مع طلاب ثوالث، وعندما ذكرت الانتخابات، ردّ بعض الطلاب فورًا وبفرح واضح "إردوغان فاز في الانتخابات"، لم يكن هذا واحدًا ولا اثنين، بل عددٌ كبير من الطلاب، راحوا يتحدثون عن الانتخابات في تركيا وعن فوز إردوغان، وفوجئت بأحدهم يدخل في تفاصيل ويقول: لو نجح رئيس المعارضة لطرد السوريين من تركيا.

دهشت من انغماس طلاب ثالث ابتدائي إلى هذه الصورة وانكشافهم على السياسة الدولية وليس المحلية فقط، فأجريت معهم نقاشًا في السياسة بالضبط كما لو كانوا كبارًا بالغين.

واضح من ردّة فعل الطلاب، مدى أهمية الانتخابات التركية وانعكاسها على شعبنا محليًا، كذلك على الشعوب العربية عموما من خلال وسائل التواصل، فهذا الاهتمام الذي وصل إلى أطفال في هذه السِّن لم يأت صدفة، بل لأن السياسة موضوع مطروح في حياتنا اليومية وفي كل بيت.

هنالك انكشاف غير مسبوق من خلال الشبكة العنكبوتية ومختلف وسائل الإعلام على كل الأجيال، إلا أن الأهم من هذا كله هو تأثير الأهل وما يتناولونه من كلام في السياسة وغيرها أمام أطفالهم، واضح هنا أن الأهالي متعاطفون مع إردوغان وهذا انتقل إلى الأطفال.

هذا يعني أن للأهل دورًا حاسمًا في ما يتعلق بالموقف من الانتخابات المحلية، وكيفية إدارتها، وما يسمعه الأولاد من كبارهم بلا شك سوف يؤثر على تصرّفاتهم، فحين نتحدث عن الطرف المنافس في الانتخابات كأنّه عدوٌ للعائلة ونرميه بكل الصفات السَّلبية وننزّه المرشح الذي نؤيّده، هذا سوف يصل إلى الأولاد، وسوف يتصرفون على أساس المعلومات التي تلقوها من ذويهم، فالإيجابية تعكس إيجابية، والسلبية تعكس سلبية.

التوجيه في البيت هو أساس التربية على أهمية احترام وقبول وجود منافسة ورأي آخر من دون شيطنة للخصوم السياسيين.

تتحدّث قصتي "في بلدنا انتخابات" التي صدرت عام 2017 عن دار الأسوار للطفل عن تصرّف المتنافسَيْن، الفائز والخاسر، وما يتوجب عليهما أن يفعلاه في الانتخابات، سواءً كانت محلية أو قطرية.

مسؤولية ردّة الفعل على نتائج الانتخابات ليست مسؤولية الخاسر فقط بأن يقرَّ بخسارته وأن يهنئ الفائز، بل تقع المسؤولية بنفس القدر على الفائز الذي من حقه أن يفرح، ولكن من غير استفزازات للمنافس الخاسر، وأن يتحلى بالذوق، وألا يقلق الكرة الأرضية بالمفرقعات أو إطلاق النار!

هذا على الصعيد المحلي، فالانتخابات المحلية قد اقتربت.

أما على الصعيد الدولي، فقد شكّلت تركيا في العقدين الأخيرين نموذجًا ممتازًا لدول المنطقة، ولكثير من دول العالم، من خلال بث الروح الديمقراطية التي جرت فيها الانتخابات، والمنافسة الشفافة، وتصرّف رجب طيّب إردوغان مع المعارضة قبل وبعد فوزه، وطريقة توجّهه المُطَمئنة التي تشكل نموذجًا جيّدا للحد الأدنى الذي يجب أن يكون عليه النظام، وهذا ما لا تنعم فيه أي دولة عربية للأسف.

تركيا وسياستها مهمة جدًا للمنطقة وللعالم وللعرب، وفوز إردوغان وحزبه وما يمثله هو استفتاء للشعب التركي، أعلن فيه بوضوح احترامه لتاريخه وانحياز أكثره إلى علاقة سويّة من الاحترام المتبادل مع العرب، ومن غير تنكّر لحضارتهم ولغتهم وإلى ما قدّموه للبشرية.

كثيرون على صعيد العالم تمنّوا فشل إردوغان، ومنهم كثيرون من العرب، وأكثر الأحزاب في إسرائيل ومن مختلف الأطياف تمنّوا اختفاء إردوغان ونهجه من خارطة المنطقة والعالم، فأكثرهم يزعجه هذا النموذج الذي يتقرّب من العرب، ويفتح قنوات التعاون الممكنة معهم، إضافة إلى محاولته اتباع سياسة مستقلة عن الدول العظمى، كذلك فهو لا يصمت عندما يرتكب الاحتلال ما يرتكبه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني، ولا يساوي بين المجرم والضحية، ولهذا أتفهّم تلك العبارات البريئة التي قالها الأطفال، والتي عكست مزاجًا شعبيًا بين ظهرانينا متعاطفًا مع رجب طيب إردوغان وما يمثّله. عن "عرب ٤٨"

دلالات

شارك برأيك

"في بلدنا انتخابات"...

المزيد في أقلام وأراء

٢٠٠ يوم على أطول عدوان ضد قطاع غزة

حديث القدس

مخيم "نور شمس" وإعادة تدوير الموت عنقاء ستنهض من رمادها

سماح خليفة

مَرض"الوطنّي الوحيد"

سهيل كيوان

أطفالنا القادمون!

أسامة الاشقر

فعل الإجرام واحد

حمادة فراعنة

الفيتو تقويض للسلم والعدالة والمساواة..... الفيتو الأمريكي الدليل ؟

فوزي علي السمهوري

مقابلة الرئيس مع وفا … بداية تغيير أم بقاء القديم على قدمه؟‎

هاني المصري

تراجع إسرائيل وإيران عن حافة الهاوية لا يعني نهاية المخاطر

محمود علوش

الفصح المجيد في أدبنا العربيّ التّليد

د. إياس يوسف ناصر

حرب المجازر والمقابر ..

حديث القدس

ما العمل في ظل أجواء الفقدان

غسان عبد الله

عن اليوم التالي لحرب غزّة واليوم الذي يليه

سعيد زيداني

الحرب على غزه وتصفية القضية الفلسطينية

ناجى صادق شراب

عار الفيتو

رمزي عودة

جرائم المستعمرة متواصلة

حمادة فراعنة

الاحتلال يواصل جرائمه والقيادات تواصل تصريحاتها .. والالتصاق بالكراسي

إبراهيم دعيبس

اجتماع السبعة : خطاب الاستعداء اجتماع الستة : اعتدال ينقصه الغضب

أحمد رفيق عوض

بمناسبة يوم الأسير: شهادة الأسير عز الدين عمارنة، السجون وعجائبها السبع؟!

وليد الهودلي

استراتيجيات الرد المتوازنة: لعبة شد الحبل بين إيران وإسرائيل على وقع حرب غزة

فادي أبو بكر

الهند والأونروا... بين نهجين: الشراكة التنموية و"عدم التسامح مع الإرهاب"

منال علان

أسعار العملات

الثّلاثاء 23 أبريل 2024 8:39 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.76

دينار / شيكل

بيع 5.32

شراء 5.28

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%22

%5

(مجموع المصوتين 151)

القدس حالة الطقس