صديقة عزيزة اتهمتها بالعنصرية، لأنها لم تُفرق بين العبري الإسرائيلي التقدمي، وبين الصهيوني العنصري، ذلك أن المجتمع الإسرائيلي لا يخلو من عناصر متفتحة تقدمية يسارية ديمقراطية معادية للاحتلال وللصهيونية، بل ولمشروعها الاستعماري التوسعي الإسرائيلي على أرض فلسطين، برمته.

فالإنسان العبري الإسرائيلي اليهودي الرافض للصهيونية ومشروعها، والمعادي للاحتلال وبرنامجه التوسعي، سلاح بشري مهم في النضال العربي ضد المستعمرة، لأنه يبرز من خلال إنحيازه للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، أن قضية فلسطين عادلة، ونضال شعبها مشروع، وتتقوى بإنحيازات إسرائيلية لصالحها، وهذا ما يفعله بعض الشخوص الإسرائيلية التي تواجه العزلة والاضطهاد إلى حد الاتهام بالخيانة بسبب دعمها وإسنادها وإنحيازها لنضال الشعب الفلسطيني.

عضو الكنيست الحالي النائب عوفر كسيف من الحزب الشيوعي خاطب البرلمان في أول جلسة بعد انتخابه بقوله: "لازم أذكركم أن لهذه البلاد أصحاب أصليين هم الشعب الفلسطيني".

الذي تكتبه عميرة هيس، ويكتبه جدعون ليفي، وكتب المؤرخ الإسرائيلي الأستاذ في جامعة إكستر البريطانية "آلان بابيه" لا يكتبه أي عربي، بل أي فلسطيني من شدة الوضوح وسرد الوقائع عن معاناة الفلسطينيين وعن همجية الاحتلال في تعامله مع الفلسطينيين.

آلان بابيه الذي عمل سابقاً محاضراً في جامعة حيفا، كتب كتابه الوثائقي غير المسبوق بالوضوح والوقائع حمل عنوان "التطهير العرقي في فلسطين"، وكُتب عديدة في غاية الأهمية، عن اختراع الشعب اليهودي وعشر أساطير عن المستعمرة وغيرها.

كتب عن النكبة والهجمات على غزة في مقال نشرته مجلة "بالستاين كرونيكل" يوم 15/5/2023 بذكرى النكبة الفلسطينية كتب يقول: "مرة أخرى، يتعرض قطاع غزة للقصف من الجو والبر والبحر، ومرة أخرى تقابل الوحشية والقسوة الإسرائيلية بالصمت الغربي، وقد كتبنا مرات لا تُحصى حول هذا الموضوع، ولكم أن تتخيلوا كم مرة صرخ الجيل الأكبر منا ضد هذا الظلم الذي يعود إلى الوراء، إلى أيام النكبة، إن لم يكن قبلها".

في تلك الأيام، أيام النكبة عام 1948، كتب عنها آلان بابيه في مقالته يقول:
"وقف الممثلون البريطانيون، وقفوا متفرجين بينما يتصاعد التطهير العرقي ضد الفلسطينيين مصحوباً بالإبادة الحضرية (التدمير المنهجي للبلدات والأحياء الفلسطينية) الذي إندلع في نيسان إبريل 1948، حتى أنهم (أي البريطانيين) ساعدوا في بعض الحالات القوات الصهيونية في تنفيذ التطهير العرقي، وأدت تلك المرحلة إلى طرد ونزع الملكية إلى تحويل الفلسطينيين إلى لاجئين".

وعن النتائج يقول "آلان بابيه":
"إن استمرار غياب أي رد فعل غربي أو أممي (على عمليات التطهير العرقي من قبل الدولة اليهودية ضد الفلسطينيين)، قامت إسرائيل بمحو أي أثر للثقافة والحياة الفلسطينيتين في أعقاب عمليات التطهير العرقي، من خلال بناء المستوطنات اليهودية، وإنشاء الحدائق الترفيهية على أنقاض القرى الفلسطينية التي تم تدميرها".

مَن مِن العرب يهتم بهؤلاء اليهود الرافضين للصهيونية ولمشروعها الاحتلالي الاستعماري التوسعي، من يهتم بدعوتهم والاستماع لهم وهم يحملون مصداقية رفض الصهيونية ورفض التطبيع مع المستعمرة، ألا يعكس ذلك جهلاً عربياً وعدم القدرة على التمييز بين من هم أصدقاء الشعب الفلسطيني ومن هم أعدائه؟؟.