أقلام وأراء

الأربعاء 03 مايو 2023 4:56 مساءً - بتوقيت القدس

السودان بين فكي كماشة

ليس صدفة أن قضية السودان ووجعه لا يحظى بالعطف والإنحياز العربي المعلن، باستثناء بعض الأحزاب والحركات الشعبية في هذا البلد العربي أو ذاك، مع أن السودان يشغل مكانة رفيعة في ضمائر العرب، كل العرب، منذ لاءات الخرطوم الثلاثة وحكمة المحجوب القائد السوداني، في مواجهة هزيمة حزيران وإذلالها أمام توسع المستعمرة واحتلالها المزيد من أراضي العرب لفلسطين والأردن وسوريا ولبنان ومصر عام 1967.


شعب السودان يحمل المعاناة ودفع ثمن سيطرة العسكر ومبادراتهم الانقلابية سواء في فشل 17 مرة منذ الاستقلال عام 1956، أو نجاحهم في الانقلاب والسيطرة لمبادرات إبراهيم عبود وجعفر نميري وعمر البشير، وشغلوا ثلاثتهم اكثر من نصف قرن لسلطاتهم المنفردة.


وها هما الجنرالان عبدالفتاح برهان ومحمد حمدان دقلو حميدتي يتفقان على الانقضاض على رئيسهم السابق عمر البشير، ويدفع ثمن خياراته في عدم الاستجابة المباشرة لصوت الانتفاضة الشعبية من ذاته، فتتم إقالته واعتقاله ممن صنعهما، استجابة للانتفاضة الشعبية والقرار الأميركي.


الجنرال عبدالفتاح البرهان قائد الجيش تولى السلطة بفعل مكانته داخل المؤسسة العسكرية، أما الجنرال حميدتي فقد صنعه عمر البشير بناءً على خبرة أمنية اكتسبها من تجربة إيران بوجود مؤسستين: 1- الجيش الإيراني، 2- الحرس الثوري الإيراني، وهكذا فعل عمر البشير في السودان بصنع مؤسستين كي تحول أي منهما الانقلاب ضده، فشكل قوات التدخل والردع السريع، كي توازي الجيش، وتقوم بمهام ردع الاحتجاجات الشعبية أو المسلحة في مناطق الاشتباكات الساخنة، من دارفور وغيرها.


اتفق الجنرالان على إقالة البشير، وتقاسما السلطة رئيساً للمجلس العسكري الحاكم ونائباً للرئيس، وتضاربت الرؤى والمصالح والتطلعات، فتصادما ووقعت الكارثة التي يدفع ثمنها شعب السودان.


أغلبية شعوب العرب، تتعاطف مع شعبها الشقيق في السودان، سواء كانوا عرباً أو أفارقة، مسلمين أو مسيحيين، سمراً أو سوداً، فالإنسان السوداني، سوداني الوطن والقضية والانتماء وإن تعددت الألوان واللهجات والمواقف، هكذا يجب معاملة السودان كما يستحق من التقدير والأخوة والشراكة وحُسن الجوار، ولكن لا أحد يقف مع السودان، أو مع طرف ضد طرف، لأكثر من سبب:


أولاً أن كليهما من العسكر، ومعركتهما صراع على السلطة، أو هكذا هي انطباعات العرب، ولم تصل أي رسالة سودانية بديل عن هذا الانطباع أو تنفيه.


ثانياً أن كليهما تربطه العلاقة مع الولايات المتحدة.


ثالثاً أن كليهما تربطه العلاقة مع المستعمرة الإسرائيلية منذ الاتفاق الإبراهيمي، رغم فشل كل الرهانات العربية منذ كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو لتحقيق التوازن، أو استعادة الأراضي بكرامة، أو إنهاء تطلعات التوسع الاستعماري للمشروع العبري الإسرائيلي اليهودي، فالسودان بهذا المعنى مثل ذاك الذي ذهب إلى الحج والناس راجعة.


رابعاً لقد اختلفوا على خلفية التنازل عن السلطة لصالح المدنيين والأحزاب السياسية، مما جعلهما في واد، والقوى السياسية السودانية في واد آخر، وانعكس ذلك على موقف القوى السياسية العربية.


واجبنا أن نكون مع السودان، تضامناً وانحيازاً وتفهماً، على الأقل بالقضايا الإنسانية من علاج وأدوية وغذاء، والنداء الذي وجهه سفير السودان حسن سوار الذهب في الأردن ومطالبته توفير مستشفى ميداني، وفريق طبي، وتوفير الأدوية ونقل الجرحى مطالب محقة ضرورية يجب أن تُلبى من بلد الأردنيين ومن شعب يحب السودان والسودانيين.

دلالات

شارك برأيك

السودان بين فكي كماشة

المزيد في أقلام وأراء

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

حوار عربي أوروبي في عمّان

جواد العناني

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

"سان ريمو" إرث استعماري يتجدد ضد فلسطين والقدس

عبد الله توفيق كنعان

لماذا تقلق النخب من الحراك الطلابي المعادي لسياسات إسرائيل والمؤيد لغزة بالجامعات الأمريكية والغربية ؟!

محمد النوباني

أزرار التحكم... والسيطرة!

حسين شبكشي

ما أشبه الليلة الفلسطينية بالبارحة الفيتنامية

عيسى الشعيبي

الانتماء لفترة الصهيونية

حمادة فراعنة

الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة

سماح خليفة

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 202)

القدس حالة الطقس