أقلام وأراء
الجمعة 02 سبتمبر 2022 11:06 صباحًا - بتوقيت القدس
لماذا خيارات الحرب؟
بقلم:د. ناجي صادق شراب
اقترنت الحرب بالدولة كفاعل رئيسي في العلاقات الدولية، وإن كانت تعود إلى ما قبل ظهور «الدولة القومية» في مؤتمر «وستفاليا» عام 1648، لتصبح خياراً رئيسياً للدولة، لتحقيق أهدافها. واليوم لم تعد الحرب مقتصرة على الدول فقط؛ بل تمارسها «الفواعل» من غير الدول. وابتداء، لعل السبب الرئيسي للجوء للحرب، عدم فاعلية المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة في ردع الدول، وخصوصاً إذا كانت دولة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن ولها حق الفيتو. ومن ناحية أخرى، انتشار القوة التي تعد حكراً على دولة دون أخرى؛ بل حتى «الفواعل» من غير الدول يملكون القدرة على الوصول للسلاح. ومن ناحية ثالثة، لجوء الدول إلى خيار الحرب بالوكالة، والأمثلة كثيرة في اليمن وسوريا وليبيا، وحتى أوكرانيا تلعب دور الحرب بالوكالة نيابة عن أمريكا.
وفي البحث عن الدوافع والأسباب الكامنة وراء الحرب، حدد الباحث البريطاني ريتشارد نيوليبو أربعة دوافع رئيسة؛ هي: الخوف والمصلحة والمكانة والانتقام. وهذه الدوافع مستقاة من دراسته لتاريخ الحروب. وقد تنطبق بدرجات متفاوتة على الحرب التي نعاصرها اليوم، وأحدثها الحرب في أوكرانيا. وبدراسته لتاريخ الحروب، أوضح أن نسبة ضئيلة كانت مدفوعة بالأمن والخوف والمصلحة، وأن أغلب الحروب سببها المكانة والانتقام، أي محاولة الثأر من دولة نجحت في السابق في الاستيلاء على أراضي الدولة المبادرة بالحرب. هذا المثال ينطبق على روسيا وقناعتها أن أوكرانيا أصلاً أرض تابعة لروسيا. ومثال الحروب العربية الإسرائيلية، فاحتلال إسرائيل للأراضي العربية في عام 1967 كان سبباً رئيسياً لحرب أكتوبر التي استعادت فيها مصر سيناء. والحرب التي قامت بها الولايات المتحدة بدعم من دول التحالف على العراق.
واللافت في دراسته أن أياً من هذه الدوافع لا يمكن تحقيقها على نحو فعّال عن طريق الحرب. وأشار إلى أن الحروب بين الدول في انخفاض وتراجع، عكس الحروب الداخلية والتي نجد أمثلتها في أكثر من مكان في العالم، وقد يعلل ذلك بارتفاع كُلفة الحرب، وما قد تثيره الحروب من ردود فعل وتداعيات قد لا تتحملها الدول، فالحرب الكونية الأولى راح ضحيتها عشرة ملايين وأربعمئة ألف قتيل، والثانية أكثر من خمسين مليوناً، ناهيك عن خسائر بمليارات الدولارات.
ولعل السبب في تراجع الحروب يرجع إلى التنمية الاقتصادية، ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، فضلاً عن تزايد القوة التدميرية للحروب، ونمو التجارة وزيادة درجة الاعتماد المتبادل بين الدول، وقد ظهر ذلك في عمليات التصويت على الحرب الأوكرانية في الأمم المتحدة، وكيف أن العالم لم يكن متحداً وإن كان ذلك يعد دافعاً لاستمرارية الحرب من ناحية روسيا. ويضيف الباحث أن أحد الأسباب لتراجع الحرب انتشار الديمقراطية، وما شهدته العديد من الدول في أوروبا الشرقية من ثورة التحول الديمقراطي في تسعينات القرن الماضي؛ لذلك هناك من يتحدث عن السلام الديمقراطي، ويبرر عدم دخول الولايات المتحدة وأوروبا الحرب لفاعلية القيم الديمقراطية، والسبب الآخر دور المؤسسات والأعراف والقوانين الدولية، وردود الفعل القوية من الدول وانتقاداتها للدول المتحاربة. وملخص القول: الخوف والأمن مسؤولان عن 19 حرباً من بين ال94 حرباً التي قام بدراستها. وليس معنى ذلك أن الأمن ليس دافعاً قوياً، وما زالت معضلة وعقيدة ثيوسيديدس الأمنية السبب الرئيسي وراء الحروب بين الدول.
ويرى أن المصالح المادية تمثل دافعاً ضعيفاً وإن كانت مسؤولة عن 8 حروب. وأما المكانة والدور وتغيير بنية القوة الدولية واحتكارها من قبل دولة واحدة فإنها كانت مسؤولة عن 62 حرباً، وأخيراً الانتقام كان سبباً في 11 حرباً. هذا إلى جانب أن التنافس بين الدول الكبرى ودول القوة بات يهدد السلام والأمن العالميين. وإلى جانب ذلك لا يمكن أن نغفل الطابع والهوية القومية وخصوصاً القوميات التي ترى في نفسها قوميات استعلائية على غيرها.
ستبقى الحرب مرتبطة بصورة أو بأخرى بالقوة الشاملة التي تملكها الدولة، وخصوصاً القوة الصلبة؛ المتمثلة بالقوة العسكرية والاقتصادية، وكلما كانت الدولة قوية، فإنه ذهابها لخيار الحرب سيكون أكبر؛ وذلك لتحقيق مصالحها وأهدافها القومية، ولو على حساب غيرها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع
حديث القدس
اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟
سماح خليفة
حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة
سري القدوة
لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة
راسم عبيدات
حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟
علاء كنعان
ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟
د. أسعد عبد الرحمن
التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن
جواد العناني
متى يرضخ نتنياهو؟
حديث القدس
سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة
بهاء رحال
السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024
كريستين حنا نصر
الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين
سري القدوة
المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات
وسام رفيدي
مبادرة مروان المعشر
حمادة فراعنة
سجل الإبادة الجماعية
ترجمة بواسطة القدس دوت كوم
هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة
حديث القدس
المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة
المتوكل طه
عواقب خيارات نوفمبر
جيمس زغبي
النكبة الثانية والتوطين المقبل
سامى مشعشع
They will massacre you
ابراهيم ملحم
شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين
حمادة فراعنة
الأكثر تعليقاً
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
الشيخ: قرارات الكنيسيت لن تغير من حقيقة أن القدس عاصمة أبدية للفلسطينيين
نتنياهو: نريد أن تدفع إيران الثمن وأن نمنعها من التحول لقوة نووية
مازن غنيم يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس سفيرا لدولة فلسطين لدى السعودية
حزب الله يعلن انتخاب نعيم قاسم أمينا عاما خلفا لنصر الله
أن تجد "الأونروا" نفسها لاجئةً في خيمة!
حظر الكنيست لـ"الأونروا" ... إسرائيل حاكمة الكون انتدبت نفسها لشطب قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها
الأكثر قراءة
عثرة اقتصاد الصين تدفع شركات عالمية لتغيير إستراتيجياتها
"مجلس الأمن" يطالب بتمكين الأونروا من تنفيذ مهامها ويحذر من المساس بها
"المعابر والحدود": السماح بإدخال زيت الزيتون إلى الأردن بواقع 16 لترا لكل عائلة
الأردن تدعوا إلى اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية
عملية دعس وإطلاق نار في القدس المحتلة
السعودية تستضيف أول اجتماع رفيع المستوى لـ"تحالف حل الدولتين" الأربعاء المقبل
إسرائيل تتحدى الكون.. اغتيال حاملة الأختام
أسعار العملات
الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 4.06
شراء 4.04
من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟
%0
%0
(مجموع المصوتين 0)
شارك برأيك
لماذا خيارات الحرب؟