Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 08 يوليو 2022 11:02 صباحًا - بتوقيت القدس

إعادة الحياة للتعليم

بقلم:د. فواز عقل/باحث أكاديمي في شؤون التعليم والتعلم
الحلقة الأولى
التعليم هو المستقبل وهو وحده القادر على بقاء الشعوب.
وما احوجنا في هذا العصر/ عصر الإفراط المعلوماتي, عصر الانفجار المعرفي, تسونامي المهارات, إلى تجاوز التعريف والممارسات القديمة لمكونات العملية التعليمية التي تقوم على التلقين والسرد والرواية والوعظ والإرشاد كنمط تعليمي والذي خرج ويخرج أجيالا مقلدة أجيال بببغاوية وهذا النمط التعليمي قتل روح الإبداع والمغامرة ويؤدي إلى احتلال العقل وتقزيم العقل والتبليد واللامبالاة والاستبداد وهو وسيلة للتدجين.
ولهذا لا بد من تبني تعريفات جديدة تناسب العصر وتواكب المستجدات وتطرح منطلقات ورؤى تربوية معاصرة تواكب المستجدات اليومية للمعرفة. وكذلك وضع تصورات واهداف جديدة وتحديد بوصلة واضحة للتعليم والتعلم والبيئة الصفية ودور المعلم ودور الطالب واستراتيجيات التعلم والمنهاج الدراسي وكل هذه الأفكار المطروحة تقع في صلب القضايا التربوية التي تحدث تغييرا جوهريا في العملية التعليمية والممارسات الصفية.
وهذه المنطلقات يجب أن تتلاقى وتتلاءم مع كثير من تجارب ومفاهيم تربوية ناجحة لدول كثيرة في بلدان شرقية وغربية للاستفادة منها فمثلاً :
في اليابان لا أحد يتكلم عن حب الوطن ولكن الجميع يعمل من اجله بلا حدود، لا حديث ولا خطب رنانة عن الوطن والانتماء والاخلاق والديمقراطية ولكن الكل يمارسها في حياته اليومية، ولسان حالهم يقول هكذا الميكادو قد علمنا أن نرى الاوطان أما وأباً ،،
وفي فنلندا يقولون نحن لا نملك ذهباً ولا نفطاً ولكننا نملك التعليم (المعجزة الفنلندية) .
وفي ألمانيا وسر تقدمها ليس الثروات السمكية ولا النفط ولا المعادن، بل هو التعليم الذي يتساوى فيه الجميع، ولا يوجد تعليم خاص ولا جامعات خاصة، فمثلاً الطبيب يدرس الاخلاق والرحمة قبل ان يصبح طبيبا ويمارس المهنة والاستثمار هنا في الانسان لأنه المستقبل.
ومن الضروري ان يجد المتعلم نفسه ضمن جماعة لا يذوب فيها ولا ينفصل عنها وقد اطلعت على كثير منها وتعاملت مع قضايا تعليمية فكرا وممارسة على أمل أن تصل هذه الأفكار إلى التربويين وكل المهتمين بالشأن التربوي وان تنتج حراكا وغليانا فكريا معرفيا حول مكونات العملية التعليمية لبناء تصورات جديدة عن التعليم والتعلم.

الغاية من التعليم
تتمثل في خلق أجواء ومناخات صفية تساعد المتعلم على التفكير وتوليد أفكار باستمرار وإلى وضع الطالب في المقعد الأمامي للعملية التعليمية ليصبح مسؤولا عن تعلمه وفيما يجري داخل الصف. لأن الطالب لا يتعلم لمجرد الدخول للصف والجلوس على الكرسي والاستماع للمعلم وتدوين الملاحظات, الطالب يتعلم عندما يكون مشاركا في كلما يجري داخل الصف لأنه لا تعلم بدون احتكاك وحوار ومناقشة وتفاعل وخضخضة أفكار. كل هذا يؤدي الى تعلم والتعلم يؤدي إلى تغيير ونمو AND MAKE A DIFFERENCE سلوكيا ومعرفيا.
العملية التعليمية بوضعها الراهن ومحتواها وآلياتها وهيكلها وممارساتها وأدواتها لن تقود إلى نتيجة مختلفة لأنه من أجل نتيجة مختلفة ينبغي على التعليم والتعلم أن ينتقل من السؤال ماذا سيتعلم الطالب (المحتوى والمادة الدراسية) إلى كيف يتعلم الطالب, والإجابة على الأسئلة التالية:
أين سنأخذ الطالب؟ الهدف؟
كيف سنأخذ الطالب إلى ما يريد؟ الأسلوب أو الطريقة
وكيف نعرف انه وصل؟
وهذا ينتج الفرق الجوهري لان هذه الأسئلة تعكس رؤيا مختلفة لاكتساب المعرفة. مرة اخرى التعلم يقوم أساسا على التفاعل والمشاركة وهنا تقوم الأفكار بتوليد أفكار جديدة وهذا هو جوهر العملة التعليمية. وهنا نتطلع إلى منح المتعلم فرصة للمشاركة الفاعلة في عملية صياغة خياراته وهنا يظهر دور المعلم كمشرف كمراقب كمهندس كمكتشف لقدرات الطلاب كمنمي والذي لا يجب أن يكون نسخة لأحد حيث يقوم على إيقاظ عقل المتعلم, Turn On Students Ability UNLEASH STUDENTS ABILITY أي إطلاق العنان لقدرات المتعلم لنقله إلى العصر الذي يعيش فيه وليس كناقل أو كراوي للمعرفة من خلال أجواء ومناخات صفية متغيرة ممتعة شيقة جذابة آمنة تفرخ مبدعين ولا تفرغ الإبداع
وأرى أن ربط التعليم في سياق محدد هو جوهر العملية التعليمية وقد تكون الأساليب التعليمية التي يتبعها المعلم رائعة من ناحية نظرية ولكن عند التطبيق والممارسة لا تعكس تلك الروعة وقد تكون ملائمة لموضوع معين أو مجموعة معينة او موقف معين ولكنها ليست صالحة لكل شيء. وهنا أقول من الأفضل للمعلم أن لا يعلم عشرة مواضيع بطريقة واحدة بل يعلم موضوعا واحدا بعشر طريق مختلفة. وهنا أقول لو كان سقراط معلما لكان عليك أن تتعلم جالسا تحت شجرة بلا كتب بلا قلم بلا أي وسيلة معينة ولكن إذا كان المعلم غير مؤهل فإن ذلك يحد بالتأكيد من أي فرصة لأن نتعلم أمرا نافعا فكيف إذا كانت البيئة الصفية غير مشجعة قهرية وغرفة الصف مزدحمة والطالب ليس لديه رغبة في التعلم والمدرسة غير جذابة والكتاب فقد قيمته والمادة الدراسية ليس لها علاقة بحياة الطلاب ومستقبلهم ولا تلبي حاجات الفرد والمجتمع الآنية والمستقبلية واسلوب التعليم يقوم على التلقين والتخزين, كل ذلك يحد بالتأكيد من أي فرصة لأن يتعلم الطالب أمرا نافعا.
إن النهوض بالعملية التعليمية وآلياتها وهيكلها وأهدافها هو الذي يضمن السير إلى الامام دون تهميش دون إقصاء الآخر وإن الانتقال إلى التعليم المعاصر يتطلب مرة أخرى توفير مناخات تعليمية مختلفة متغيرة لأنها شرط لازم لأي عمل فكري وإبداعي.
وتطلب الانتقال إلى وعي جديد ينقل المعلم من صفة الراوي والناقل وكما يقول الشافعي: كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا للعلم رواة. ويقول الشاعر : اذا المعلم لم تكن أقواله طبق الافعال فقوله لم يثمرا ،،،
وعلى المعلم رفع سقف حرية التعبير الصفي ومحاربة الكراهية للآخر ويحتضن الابداع والتفكير وينتصر للعلم وللعقول ويتخلى عن ثقافة الصمت والتكرار وثقافة الببغاوية والبنكية والسرد والتلقين والاستظهار. وفي التعليم التقليدي يتكلم المعلم ويسكت الآخر اي الطالب، ويقال له لا تتكلم ، لا تفكر، إفعل كذا، لا تفعل كذا ، المعلم هنا يريد الصمت والعقل يدعو الى الكلام بإستمرار ، وتقول الآية الكريمة (وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً )
وإن مقياس التدريس الفعال لا يحكم عليه من الطريقة والأسلوب التي يستعملها المعلم بل من خلال طريقة تفكير الطالب ومقدرته على التأثر وتطبيق وتوظيف ما تعلمه في الحياة اليومية.
قياس الفاعلية التعليمية يقوم على تلمس الفرق بين ما هو كائن ACTUCAL LEARNINGوما سيكون INTENDED LEARNING بعد مرور الطالب بخبرات وتجارب وأفكار وممارسات وخيارات داخل الصف ومدى ما تحدثه من فرق وتغيير في حياة المتعلم وهنا أذكر : ليس المهم كمية المادة التعليمية التي يغطيها المعلم خلال الفصل أو خلال العام الدراسي ومقدار ما يعرفه الطالب من الحساب والجغرافيا والتاريخ بل المهم الطريقة التي يستثمر فيها الطالب معرفته وكيف يختلف المتعلم عن من لا يملك هذه المعلومات والأساليب الذهنية وقد يكون المعلم أنهى ثماني وحدات من الكتاب أو المادة الدراسية ولكن الطالب لا زال يصارع في الوحدة الثالثة أو الرابعة وكما يقال إذا أسرع البناء في البناء إنهار البناء من أوله.
أنا انادي بحوار تربوي عميق من قبل خبراء ومهتمين وأصحاب قرار وأصحاب العقول النيرة يؤدي إلى إنتاج ممارسة تربوية متغيرة متجددة مواكبة تخاطب العقل وتنفض الغبار عن التعليم. لأنه إذا وضع الحجر الاول في البناء مائلا فسيرتفع البناء إلى السماء مائلا.

دلالات

شارك برأيك

إعادة الحياة للتعليم

المزيد في أقلام وأراء

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)