أقلام وأراء
الأحد 16 فبراير 2025 9:30 صباحًا - بتوقيت القدس
في القدس.. حرب على الوعي والمناهج والهوية والذاكرة والتاريخ

واضح أن التركيز في الحرب الشاملة التي تشن على المقدسيين، في كل المجالات والميادين، تتركز الهجمة فيها، على "الأسرلة" و"كي الوعي"، وسعي محموم من قبل إسرائيل وكل أجهزتها ومؤسساتها ومستوياتها مدنية وأمنية، من أجل إلحاق هزيمة شاملة بالشعب الفلسطيني على صعيد جبهة "الوعي" والذاكرة والهوية والثقافة، وهذا واضح من الميزانيات الضخمة التي يتم رصدها، من أجل السيطرة على التعليم والعملية التعليمية والمناهج في مدينة القدس، عبر ما يعرف بالخطط الخماسية الحكومية الإسرائيلية 2018 – 2023 و2024 -2028، حيث الهجمة تتوسع على المدارس التابعة لوزارة الأوقاف الإسلامية، ومدارس وكالة الغوث واللاجئين والمدارس الخاصة، من أجل إزاحة المنهاج الفلسطيني، بشكل كامل من المدينة، فالحرب تستعر على تلك المدارس لجهة الميزانيات والتراخيص، والتصاريح للطلبة والمدرسين من خارج ما يعرف بحدود بلدية القدس، ولذلك تتعرض تلك المدارس لعمليات دهم وتفتيش تشارك فيها العديد من الأجهزة، شرطة ومخابرات وموظفو بلدية من دائرة المعارف، وتجري عمليات تفتيش لحقائب الطلبة والكتب التي يحملونها والمنهاج الذي يجري تدريسه، وحتى المنهاج الفلسطيني "المقزم" لا يريدونه، بل يريدون منهاجاً إسرائيلياً بالكامل من الروضات وحتى الثانوية العامة، ضمن خطط وبرامج ورؤى واستراتيجات متكاملة، "هدفها "كي" و"تقزيم" و"صهر" و"تطويع" وتجريف" كلي وشمولي لوعي الطلبة الفلسطينيين، والسيطرة على ذاكرتهم الجمعية، أي غسيل أدمغة، هي معركة لفرض الرواية والسردية الإسرائيلية، ليس على التعليم فقط ، بل على مسار التاريخ بالكامل. الهجمة توسعت ولم تبق في حدود التعليم، بل للأسف هناك أطراف تشارك في تلك الهجمة أمريكية وأوروبية غربية، وحتى وكالة الغوث واللاجئين "الأونروا"، التي تعرضت للشطب والإخراج عن "القانون"، ومنعها من مزاولة أي نشاط أو عمل في مدينة القدس وخارجها، وجدنا بأن مسؤولي تلك الوكالة، عمدوا تحت ضغوط أمريكية وإسرائيلية وأوروبية غربية، إلى الغاء كتاب اللغة العربية للصف الخامس، تحت حجج وذرائع، وجود مضامين تربوية تشجع على التحريض" و"الإرهاب"، ولها علاقة بتعزيز الانتماء والثقافة والهوية الوطنية، والحفاظ على الرواية والسردية الفلسطينية للتاريخ، كونها تتحدث عن معركة القسطل وعن سيرة الشهيدة دلال المغربي، وأشعار فدوى طوقان وسميح القاسم ومحمود درويش وتوفيق زياد وغيرهم.
الحرب انتقلت إلى المؤسسات الثقافية والمكتبات ومحلات التحف الشرقية، فالعديد من المؤسسات الثقافية في مدينة القدس، والتي تعنى بالجانب الثقافي والفني والمجتمعي، تعرضت لحملات دهم وتفتيش وتكسير وإغلاق لفترات محددة، تحت حجج وذرائع تقديمها وعرضها وإقامتها لأنشطة وفعاليات تحريضية، وأنشطة تحض على الكراهية و"اللاسامية"، وتشجع " الإرهاب"، ونذكر من تلك المؤسسات مركز "يبوس" الثقافي، والمسرح الوطني - الحكواتي- وبرج اللقلق، وغيرها من المؤسسات الأخرى، ولكي يعملوا لاحقاً على إغلاق تلك المؤسسات ومنع وجودها في المدينة، جرت السيطرة على موقف السيارات في ساحة ما يعرف بمكتبة "البلدية، قبالة المدرسة المأمونية الثانوية للبنات في القدس، تحت ذريعة إقامة منصات ثقافية وفنية ومسرحية للمقدسيين، والهدف واضح مؤسسات ومنصات لها علاقة بتقديم انشطة وفعاليات تطبيعية فلسطينية - إسرائيلية، ويستتبع ذلك القيام بإغلاق ومنع تجديد تراخيص المؤسسات الثقافية والفنية الفلسطينية في المدينة.
الهجمة امتدت لتطال المكتبات، حيث أقدمت يوم الأحد 9-2-2025 على اقتحام المكتبة العلمية في شارع صلاح الدين، تلك المكتبة التي افتتحت قبل 38 عاماً في شارع صلاح الدين في القدس المحتلة، لتصبح مع مرور السنوات واحدة من أهم المكتبات في فلسطين، وفي القدس على وجه الخصوص، حيث تعد مقصداً للدبلوماسيين والصحفيين والباحثين والطلبة.
وفازت المكتبة العلمية بجائزة أفضل مكتبة لعام 2011 على مستوى فلسطين، وثالث أفضل مكتبة على صعيد الشرق الأوسط من قبل مؤسسة "لونلي بلانيت" و"بي بي سي" في لندن.
هذه الأهمية التي تحظى بها المكتبة وما تحويه من كتب ومراجع بلغات متعددة بشأن فلسطين والقدس، لم ترق للاحتلال الإسرائيلي الذي يستهدف كل ما هو عربي فلسطيني في المدينة المقدسة، ليقدم على إغلاق المكتبة واعتقال مالكيها محمود وأحمد منى، بذريعة بيع كتب "تحريضية"، واللذين أطلق سراحهما يوم الثلاثاء 11-2-2025 بشروط مجحفة.
وسبق إغلاق المكتبة العلمية، إقدام الاحتلال على إغلاق مكتبتين في البلدة القديمة في القدس منذ مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي يكشف عن مخطط احتلالي يستهدف الفكر والثقافة والأدب في القدس.
ففي وقت سابق، اقتحمت شرطة الاحتلال مكتبتين في باب خان الزيت، داخل أسوار البلدة القديمة، واعتقلت هشام العكرماوي صاحب مكتبة القدس لعدة أيام، وأغلقت مكتبته لمدة شهر بحجة بيع كتب" تحريضية"، كما فرضت على صاحب مكتبة أخرى داخل أسوار البلدة مبالغ باهظة لذرائع واهية.
إن إغلاق المكتبات يقع ضمن المخططات الإسرائيلية للتجهيل وتكميم الأفواه ومحو أي شيء له علاقة بالثقافة الوطنية الفلسطينية، والثقافة والتعليم توأمان لهما علاقة بالعقل والوعي والانتماء والتفكير، وهو ما تحاول إسرائيل السيطرة عليه والتحكم به، لتمرير روايتها المزورة التي تخدم روايتها الاحتلالية.
إن العدوان لم يتوقف عند الاعتداء على المنهاج الفلسطيني بل إن المسألة أبعد من ذلك، وتستهدف الثقافة والرواية والسردية الفلسطينية في مدينة القدس.
واضح أن الحرب التي تجري الآن على المكتبات وإغلاقها تأتي تحت حجج وذرائع تتمثل في بيع كتب متعلقة بالتاريخ والهوية الفلسطينية والزعم أنها تحريضية، وتتصاعد هذه الحرب باتجاه كل المكتبات.
إن الاحتلال يحارب أي مجسم فلسطيني في مدينة القدس، والمحال التجارية استهدفت بحجة وجود رموز فلسطينية فيها، وهذا يندرج في إطار محاولة كي الوعي الفلسطيني واستهداف للثقافة والرواية والوجود الفلسطيني والتاريخ الفلسطيني، وهي محاولة يائسة من قبل الاحتلال لتغييب الرواية والسردية الفلسطينية وادعاء أن مدينة القدس هي يهودية، وأن المقدسيين دخلاء على المشهد في القدس، وهذا لن يحدث.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
أول الغيث قَطْرُ!
حديث القدس
الانقسام الإسرائيلي
حمادة فراعنة
دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!
غسان عبد الله
الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية
جي وينهوا
الوعد المشؤوم
حديث القدس
بين ابتزاز غزة بالتهجير واجتثاث مخيمات الضفة.. ما العمل؟!
جمال زقوت
الرقص على حافة الجنون
رمزي الغزوي
العناد الفلسطيني ورفض التوطين والتهجير
حمزة البشتاوي
هذه رسالتي لحركة "حماس"
محمد المصري
أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية
مروان إميل طوباسي
أميركا وتداعيات "الدعم غير المشروط"
جيمس زغبي
اعتذار الرئيس الأميركي
حمادة فراعنة
زامير والتهديد بالتغيير
حديث القدس
خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف
أحمد رفيق عوض
جمعية فلسطين الدولية.. تفوّق نوعي متعدد الطبقات
حمادة فراعنة
مصر صمام الأمان للقضية الفلسطينية ضد مخطط التهجير
رائد عبد الفتاح مهنا
عن السعدنة وطريق السعادين
مصطفى بشارات
الأنظمة وتهجير غزة.. بين "التنمية بالحماية الشعبية" ومواجهة الصهيوأمريكي
د. عادل سمارة
التحول في الترمبية في المرحلة الثانية
رمزي عودة
نتنياهو وتزييف الحقائق
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
نتنياهو: لا مكان لحماس أو السلطة الفلسطينية في غزة في اليوم التالي للحرب

محاضرة في جامعة القدس للبروفيسور رياض إغبارية حول الموسيقى والدماغ وصحة الإنسان
مصر تستضيف القمة العربية الطارئة يوم 4 آذار/ مارس المقبل

الاقتراح المصري خطة وطنية وخطوة ضرورية

الاحتلال يستولي على أرض لشق طريق استعماري شمال غرب نابلس

تركيا تحذر من نكوص نتنياهو على اتفاق غزة
القمة العربية المنتظرة هل تستجيب الأمة للمخاطر الوجودية؟
الأكثر قراءة
لازاريني: اقتحام الاحتلال مدارس للأونروا بالقدس ومعهد قلنديا انتهاك للحق في التعليم ولحصانة الأمم المتحدة

مصادر طبية: مستشفيات قطاع غزة تعاني نقصا حادا في الأكسجين
"هيئة الأسرى" ونادي الأسير يحمّلان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير آلاف المعتقلين في سجن "عوفر"

اجتماع للكابينت الإسرائيلي الاثنين لبحث ثاني مراحل اتفاق غزة
إعلام عبري يكشف هوية المحتجزين الذين ستفرج عنهم المقاومة السبت المقبل
الاحتلال يحكم على الأسير المقدسي الطفل محمد زلباني بالسجن لمدة 18 عاما
بيان صادر عن حركة حماس بشأن القصف الأخير على جنوب قطاع غزة


أسعار العملات
الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.54
شراء 3.53
دينار / شيكل
بيع 5.0
شراء 4.99
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 666)
شارك برأيك
في القدس.. حرب على الوعي والمناهج والهوية والذاكرة والتاريخ