Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 17 فبراير 2025 10:39 صباحًا - بتوقيت القدس

خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف

الخطاب الذي ألقاه "جي دي فانس" نائب الرئيس ترامب في مؤتمر ميونخ للأمن، كان خطاباً مستفزاً، فضلاً عن إضلاله وأخطائه واستعلائه، وبعيداً عن الفتور الذي حظي به ذلك الخطاب، والانتقادات التي انهالت عليه من قبل المتحدثين الرسميين في الاتحاد الأوروبي، فإنني هنا أتناول ذلك الخطاب من زاوية فلسطينية بحتة.

قبل ذلك، لا بد من القول أن الأوروبيين رأوا في ذلك الخطاب إهانة حقيقية لهم، إذ أن الرجل أراد تلقينهم درساً في الديموقراطية والقيم الأخلاقية والإنسانية، وبدلاً من أن يتكلم بالتفصيل عن تحديات ومخاطر الأمن في أوروبا القادمة من جهة روسيا والصين، فاجأهم بالحديث عن المخاطر الداخلية التي تتمثل في عدم القدرة على التعامل مع الأصوات المعارضة، وبدلاً من أن يتكلم عن التسوية في أوكرانيا باعتبارها الجرح النازف في الجسد الأوروبي، تحدث إليهم عن ضرورة الانفتاح والحوار مع اليمين الفاشي الأوروبي. كان الرجل مستفزاً حقاً، وعبر عن رواية ضحلة وساذجة للمخاطر التي تواجه الاتحاد الأوروبي وشعوبه عن قصور في إدراك الصورة الكاملة لنوع الصراعات وماهية التحديات.

كان خطابه ضربة للمبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي، حسب وكالة بلومبيرغ، التي أضافت أن الخطاب كان هجوماً غاضباً وغير مكبوت باسم حرية التعبير، وكشف العداء طويل الأمد الذي يشعر به ترامب وأبرز مساعديه تجاه الاتحاد الأوروبي. 

جي دي فانس قال ببساطة إن الولايات المتحدة ليست مضمونة لحماية أوروبا عند الحاجة، وهو تلميح صريح لدفع الاتحاد الأوروبي لزيادة الإنفاق الدفاعي، وتهديد مبطن بزوال الحماية الأمريكية إن لم تخضع القارة العجوز لابتزاز ترامب المالي والسياسي والأمني. كان الخطاب كاشفاً لحالة التبعية والخضوع الأوروبي طويل الأمد لسياسات وإملاءات الولايات المتحدة الأمريكية، وهي حقيقة دفعت أطرافاً أوروبية متعددة للبحث عن قوة أوروبية مستقلة أو انتهاج سياسة دفاعية خاصة تواجه المخططات الأمريكية في أوكرانيا وغيرها.

هكذا قرأ الأوروبيون خطاب نائب الرئيس الأمريكي، اعتبروه إهانة واستفزازاً وقلة تبصر وغياب رؤية شاملة، بالنسبة للأوروبيين فإن الخطاب كان أنانياً ويهدد السلم الداخلي، ويكشف عورات الأمن الأوروبي.

أما بالنسبة لنا نحن الفلسطينيين، الذي لم نذكر فيه، ولم تتم الإشارة إلينا مطلقاً، فإن هذا الخطاب يعبر عن ذروة النفاق والازدواجية، ففي الوقت الذي طالب فيه فانس بالانفتاح والشراكة واحتمال الآخر وهدم "جدران العزل" كما أسماها، فإنه وإدارته يدعون إلى تهجير الشعب الفلسطيني وتفكيك دولته، ومصادرة حقه في تقرير مصيره وشطبه عن الخارطة. كان خطاب فانس يعبر حقاً عن أزمة الحضارة الغربية الكبرى، وهي تتنكر لكل ما نادت به وحاولت أن تروجه للعالم، كان خطاب سقوط كاملاً، عبر فيه صاحبه عن استعلائية بغيضة تفترس أصدقاءها وحلفاءها إذا خالفوها، كان خطاب الليبرالية التي انقلبت على نفسها فصارت ترى في التطرف موقفاً أخلاقياً صافياً، وترى في القتل والتهجير حلولاً إنسانية، وترى في الاحتلال والمصادرة تسويات تاريخية. كان خطاب فانس خطاب إفلاس فكرياً وسياسياً وأمنياً، إذ أنه يفترض صوابية نهائية لا صوابية بعدها، ورؤية نهائية لا رؤية بعدها، إذ لا يمكن أن يأتي شخص لم تمضِ على دولته 300 سنة فقط ليعلم دولاً عريقة معنى الديموقراطية وحرية التعبير، ويصحح مسارها بالانعطاف إلى الفاشية، التي تم إسقاطها قبل تسعين عاماً تقريباً، وعندما لا يرى فانس سوى زعيمة الحزب البديل من أجل ألمانيا اليمينية المتطرفة، أسوة بزميله إيلون ماسك، فإن الديموقراطية التي يدعو إليها فانس وماسك ديموقراطية ستقود إلى هاوية سحيقة دون أدنى شك.

دلالات

شارك برأيك

خطاب فانس في ميونخ.. الضلال والسطحية والتطرف

المزيد في أقلام وأراء

ويتكوف إذ ينقلب على نفسه!

إبراهيم ملحم

معوقات نجاح المرحلة الانتقالية للإدارة السورية الجديدة

كريستين حنا نصر

هل سيحقق المجلس المركزي الإصلاح الشامل ويواجه التحديات الوطنية المصيرية؟

بسام زكارنة

حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!

د. رمزي عودة

موقف .. هل حقاً تراجع ترامب عن فكرة التهجير؟

سياسات واشنطن المعادية لفلسطين

حمادة فراعنة

الحضور الفلسطيني والانحسار الإسرائيلي

حمادة فراعنة

الإسلاميون وقرنٌ من المحاولة.. أفكارٌ ورؤية لم تتحقق!!

د. أحمد يوسف

مبدأ حل الدولتين.. هل أصبح خياراً دولياً في طريق التلاشي؟

مروان إميل طوباسي

بين ثغرتي الدفرسوار وكورسك.. ما هي المفاجأة !

جودت مناع

ترامب.. سياسة الفوضى

بهاء رحال

ترمب ــ أوروبا: نحو نظام عالمي جديد

من هو ملهم دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة ؟

د. دلال صائب عريقات

إعادة التفكير في التضامن: ولاء غير مشروط أم مقاومة أخلاقية؟

بقلم: د. سماح جبر، استشارية الطب النفسي

أوروبا على المحك

د. آمال موسى

منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى

حمادة فراعنة

ليس كل ما يتمنى "الثعلب" يدركه!

ابراهيم ملحم

غياب غزة عن دراما رمضان: تقصير أم تغييب متعمد؟

بهاء رحال

الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا

نعمان توفيق العابد

ردّ على دعوة جرشون باسكين.. بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الاستعمار البشع

مروان إميل طوباسي

أسعار العملات

الإثنين 17 مارس 2025 2:11 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.66

شراء 3.65

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.16

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 849)