أقلام وأراء
الإثنين 17 فبراير 2025 10:36 صباحًا - بتوقيت القدس
عن السعدنة وطريق السعادين
هذه طريق السعادين!
أشار أحد الركاب إلى ممر وعر، متهالك، كان يتسلق كـ (السعادين) سفح الجبل الذي تستلقي عليه قرية (بورين) جنوبي (نابلس)، تماماً في مواجهة مستوطنة (يتسهار) الجاثمة قبالتها.
يصر أحد أبناء (بورين) على وصف قريته بـ (الإمبراطورية)، وهي القرية الوادعة والجميلة التي تشتهر بكثرة فناني الزجل الشعبي الذين تحدروا منها، كما يمتاز أهلها بقوة شكيمتهم، وحبهم لبعضهم بعضا.
هل يتصدى أهل (بورين) لاعتداءات مستوطني (يتسهار) بالوحدة أم بالزجل الشعبي أم بكليهما معاً، ولمن الغلبة لـ (إمبراطورية بورين الأصيلة) أم لـ (إمبراطورية يتسهار الطارئة)؟!
إلى حد ما، تشبه (طريق السعادين)، طريق أخرى تتسلق جبال مدينة (أريحا) الحارة، تتحايل على علوها الشاهق وتتجاوزها هاربة إلى مدينة (رام الله) المعتدلة!
يعود إنشاء (طريق المعرجات) إلى زمن الحكم الأردني للضفة الغربية، أو في أبعد تقدير، إلى زمن الانتداب البريطاني لفلسطين، لست متأكداً بالضبط، لكن (طريق السعادين) حديثة يرتبط شقها بـنشوء (حاجز المربعة) الذي أقامته قوات الاحتلال أعلى جبل يفصل بين قريتي (بورين) و(تل)، عبدتها عجلات السيارات القادمة من مدينتي (نابلس) و(جنين) ومدن أخرى في شمالي الضفة عندما سئم سائقوها الانتظار الطويل دون أن يسمح لهم الجنود بالعبور!
هل هذا نوع آخر من التحدي، وما شأن ذلك بـ (السعدنة) التي يمارسها الاحتلال مع الفلسطينيين الذين يتصدون لهم بـ (سعدنة) مقابلة على طريقتهم؟!
اندفع السائق بسيارته غير مبال بـ (السعادين) من الجانبين، الصهيوني المحتل والفلسطيني صاحب الأرض المحتلة، كانت عجلات السيارة تشعل الطريق، لكنها لم تشتعل، فالأمطار التي تأخر هطولها هذا العام على فلسطين تساقطت اليوم بغزارة، لم يكف سائقها عن الثرثرة، مع نفسه أحياناً، وأحياناً أخرى مع الركاب، وكلما لاحظ عدم اكتراثهم، لجأ إلى الغناء، ربما على طريقة أهل (بورين)!
- أنظر إلى هذه الأسلاك الشائكة على طول (الطريق الالتفافية) التي شقوها بين أراضي قريتي (بيتا) و(حوارة) فخرّبت آلاف الدونمات المزروعة بأشجار الزيتون!
بدت الطريق الأخيرة، (الطريق الالتفافية)، أشبه بثكنة عسكرية، ومن بعيد ظهر طابور طويل من السيارات التي تكدست أمام (حاجز عورتا)، لم نجتزه بسبب الازدحام، وفضل السائق أن يذهب بنا إلى (ميثلون) ومن هناك إلى (طوباس) التي علينا قطع حاجزين آخرين حتى نصلها: (حاجز دير شرف) وحاجز آخر يقع قرب قرية (برقة)!
كانت المفاجأة أن قوات الاحتلال اقتحمت في تلك الأثناء بلدات (طوباس) و(تياسير) و(عقابا)؛ لذلك قرر السائق أن يسير "على تساهيل المولى"؛ فاختار طريق (ميثلون) بدل طريق (بيت امرين)، ولمزيد من التحدي، كما قال، توقف عند مخبز في (السيلة)، وإمعاناً في تحديه، دعا الركاب إلى النزول وشراء ما يحتاجونه من المخبز والمحال المجاورة، وقضاء استراحة (ولا أحلى)، وأكل خبز (ولا أشهى)!
بعد أن اشترى من اشترى، ودخن من دخن، عاد الركاب إلى السيارة، وعاد السائق إلى ثرثرته.
- على (المربعة)، في رمضان سالف، كان الحاجز في مكان آخر، "لتحت اشوي"، أوقفني الجنود مرات عدة، اقترب موعد الإفطار، "ما أصعب الصيام على المدخنين!"، عرفوني بالاسم والشكل، "مثل الثور الأحمر"، لم يكن لدي خيار، كنت أعود كل مرة طردوني فيها (..) وعندما "انقلعوا" للاستراحة على "راس التلة"، ورغم أن جندي "سعدان" عرفني وأشهر بندقيته وصاح علي للتوقف؛ إلا أنني لم اكترث لتحذيراته، اجتزت الحاجز بسرعة.. ومضيت!
أضاف السائق
- في رمضان "ثاني"، وصلنا "المخبز إياه" - مخبز السيلة - قبل الإفطار تماماً، كان صاحبه يستعد للمغادرة، اشترى الركاب حاجياتهم، ووقفنا على "الكاونتر" لندفع الحساب، اختلفنا من سيدفع، اقترب موعد الإفطار أكثر، تضايق صاحب المخبز، سألنا "شو القصة؟"، قلت له "أنا السائق والدنيا رمضان وإفطار الركاب واجب علي، ألست صاحب حق؟"، رد الرجل: بل فطوركم عليّ أنا، "حلف علينا"، ولم يأخذ منا فلساً واحداً، ثم استأذن منا، وأغلق المخبز ومضى!
ومضت السيارة تنهب الطريق من جديد، وعندما وصلت إلى (مخيم الفارعة) – انسحبت منه قوات الاحتلال بعد أيام من الحصار - لم نجد (الدوار) الذي كان ينام بجوار عين الماء، لقد أزالته الجرافات الإسرائيلية، كما أزالت وهدمت العديد من منازل المخيم، وملأت الطرقات بأكوام التراب وأسمال الوحل والقمامة وبقايا ردم البيوت، ودمرت شبكات المياه، وأعطبت شبكات الكهرباء والاتصالات؛ فاختلط ماء الشرب بمياه المجاري ومياه الأمطار التي لم تكف عن التساقط.
- هذا ما يريدونه، يريدون التخريب فحسب، يريدون "سعدنتنا" حتى نرحل!
قال السائق مقرراً وداس أكثر على "دعسة" البنزين، وأشعل مسجل السيارة.. ومضى
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
"غزة وجنين جميلتان بأهلهما فقط"
حديث القدس
بعد 500 يوم .. تفجعونـ(نا) بقتل رهائنـ(كم)
حمدي فراج
أولوية إعمار غزة: إزالة الركام والعمل على البنية التحتية وإعادة تأهيل المجتمع نفسياً واقتصادياً
المهندس محمد الحلبي المدير الأسبق لمؤسسة االرؤيا العالمية
"سيكولوجية الجماهير": قوة الحشود وتأثيرها على الأفراد
سهى زيدان
أمريكا وإسرائيل عدوانية غير مسبوقة
راسم عبيدات
إسرائيل وتهديد القمة العربية
أنطوان شلحت
مأزق الانقسام الفلسطيني
حمادة فراعنة
عـمـلـيـة "الـجـدار الـحـديـدي": إنـهـم يـفـعـلـون هـنـا مـا فـعـلوه فـي غـزة
ماهر الشريف
الطريق إلى الازدهار
رادوسواف شيكورسكي، وزير خارجية بولندا
أول الغيث قَطْرُ!
حديث القدس
الانقسام الإسرائيلي
حمادة فراعنة
دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!
غسان عبد الله
الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية
جي وينهوا
الوعد المشؤوم
حديث القدس
بين ابتزاز غزة بالتهجير واجتثاث مخيمات الضفة.. ما العمل؟!
جمال زقوت
الرقص على حافة الجنون
رمزي الغزوي
العناد الفلسطيني ورفض التوطين والتهجير
حمزة البشتاوي
هذه رسالتي لحركة "حماس"
محمد المصري
أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية
مروان إميل طوباسي
أميركا وتداعيات "الدعم غير المشروط"
جيمس زغبي
الأكثر تعليقاً
نتنياهو: لا مكان لحماس أو السلطة الفلسطينية في غزة في اليوم التالي للحرب

الاحتلال يستولي على أرض لشق طريق استعماري شمال غرب نابلس

تركيا تحذر من نكوص نتنياهو على اتفاق غزة
مصر تستضيف القمة العربية الطارئة يوم 4 آذار/ مارس المقبل

واشنطن بوست: إدارة ترمب توقف جميع المساعدات الأمنية للسلطة الفلسطينية
الأمم المتحدة: تأخير انسحاب إسرائيل من لبنان انتهاك مستمر للقرار 1701
المؤتمر الوطني الشعبي للقدس يندد بإغلاق إسرائيل مدرسة "للأونروا" بواد الجوز ومداهمة كلية التدريب المهني في قلنديا

الأكثر قراءة
طوباس: 3 شهداء في مخيم الفارعة والاحتلال يحتجز جثامينهم
اليونيسف تدين تصاعد العنف ضد الأطفال في الضفة الغربية المحتلة
إعلام عبري: إسرائيل تحجز 90 مليون دولار من أموال المقاصة الفلسطينية
بدء دخول المعدات الثقيلة إلى قطاع غزة من معبر رفح
عباس رافضا دعوات التهجير: فلسطين ليست للبيع

لازاريني: اقتحام الاحتلال مدارس للأونروا بالقدس ومعهد قلنديا انتهاك للحق في التعليم ولحصانة الأمم المتحدة

إعلام عبري يكشف هوية المحتجزين الذين ستفرج عنهم المقاومة السبت المقبل

أسعار العملات
الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.54
شراء 3.53
دينار / شيكل
بيع 5.0
شراء 4.99
يورو / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 674)
شارك برأيك
عن السعدنة وطريق السعادين