Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 17 فبراير 2025 10:33 صباحًا - بتوقيت القدس

التحول في الترمبية في المرحلة الثانية

ينتمي ترمب إلى الفكر المحافظ الشعبوي، حيث لديه كاريزما خاصة تؤهله لمخاطبة الجماهير بلغة بسيطة ولكنها ثورية، وقادرة على التأثير على الرأي العام في قضايا كثيرة وحساسة بالنسبة لهم مثل محاربة الفساد، وضبط المال العام، وتحسين التعليم، وتخفيض الضرائب، وغيرها من القضايا. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فهو يسعى في فترة حكمه الثانية الى حل الصراع أو حسمه ونيل جائزة نوبل للسلام، إضافةً طبعاً الى الحفاظ على أمن اسرائيل باعتبارها محمية أمريكية متقدمة في الشرق الأوسط. 

لقد طرح ترمب  نظرية الصفقات في المرحلة الأولى لإدارته عام 2017 من أجل حل القضية الفلسطينية، حيث طرح صفقته الشهيرة وهي صفقة القرن، والتي بموجبها ألغى حق العودة وطرح مبدأ تبادل الأراضي أو الضم الجغرافي في إطار مبدأ الإزاحة الديمغرافية، كما أنه نزع القدس من الدولة الفلسطينية، التي اشترط مقابل الاعتراف بها شروطاً تعجيزية تجعلها أقرب إلى حكم ذاتي موسع، وليس دولة مستقلة متصلة وذات سيادة. وعندما فشلت صفقته أمام صمود الشعب الفلسطيني، ورفض قيادته التاريخي لهذه الصفقة، تحول ترمب في المرحلة الثانية لإدارته هذا العام الى مبدأ آخر وهو فرض السلام بالقوة، وهذا ما صرح به مستشاره لشؤون الشرق الأوسط "وتكوف". ويقضي العمل بهذا المبدأ إلى جعل السلام حسب المنظور الأمريكي – وهو الذي يتمثل بصفقة القرن- إلى أمر واقعي ومستدام وملزم لجميع الأطراف من خلال فرضه بالقوة على الجميع. ومن أجل فرض هذا المنظور أعلنت إدارة ترمب مجموعة من التوجهات السياسية تتمثل بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وضم الضفة الغربية ووقف منح الأونروا، كما جمدت هذه الادارة منح الوكالة الأمريكية للتنمية USAID في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مصر والأردن، ولوحت بقطع كافة أنواع المساعدات لهذه الدول. 

إن الذي يميز المرحلة الثانية في إدارة ترمب هو تصميم هذه الإدارة على الضغط ليس فقط على الفلسطينيين وإنما أيضاً على الدول العربية، باعتبارها البيئة الحاضنة لصمود الشعب الفلسطيني وقيادته أمام المشاريع التصفوية للقضية الفلسطينية. وهذا التحول ظهر ملياً في لقاء العاهل الأردني الملك عبد الله مع ترمب في البيت الأبيض حينما أصر ترمب على طرح نظرية تهجير الغزيّين في المؤتمر الصحفي الذي لم يكن مقرراً سابقاً. ولكن العاهل الأردني كان ذكياً ودبلوماسياً في ردوده، حينما قال أن هنالك خطة عربية – مصرية سيتم تبنّيها في قمتي الرياض والقاهرة، وستعبّر عن الموقف العربي لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة ومصالح كافة الدول والشركاء. وتشير التسريبات من القاهرة إلى أن عناصر هذه الخطة ستشتمل على إعادة الإعمار التي تبدأ من الجنوب إلى الشمال، إضافةً إلى استقبال المرضى والجرحى في عدد من الدول العربية. 

في الواقع، إن خطة التهجير للغزيين لا يمكن التقليل من شأنها وخطورتها، كما أنه لا يمكن اعتبارها حدثاً تفاوضياً أو ابتزازاً للمواقف العربية والفلسطينية، فالتهجير كان حاضراً منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة، ولولا الرفض الفلسطيني والمصري لهذه الخطة التي طرحت على كونها فعلاً مؤقتاً من أجل حماية المدنيين لكان التهجير أصبح واقعاً معاشاً. َإضافةً لذلك، يعتبر إصرار جيش الاحتلال الاسرائيلي على تدمير قطاع غزة وجعله مكاناً غير قابل للحياة خطوةً ضروريةً في تنفيذ خطة التهجير القسري أو الطوعي في القطاع، ولهذا نجد أن تدمير المباني والمتلكات في مناطق قطاع غزة كان شمولياً، حيث تراوحت نسبته ما بين  90% من هذه المباني في شمال القطاع  وبين 70% في الجنوب. ولم تكن الولايات المتحدة بعيدةً عن هذا المخطط للإبادة الجماعية، حيث زودت إدارة بايدن قوات الاحتلال بآلاف القنابل الذكية وغير الذكية ذات الأوزان العالية، وذلك يهدف تدمير المربعات السكنية للمواطنين. وبرغم بعض القيود على توريد هذه الأسلحة التي فرضتها إدارة بايدن نتيجةً لإرتفاع منسوب المظاهرات الشعبية التي تطالب بوقف هذا العدوان، إلا أن إدارة ترمب ألغت هذه القيود، بل إن  بعض التسريبات، تشير إلى أن فريق ترمب الانتخابي نسق مع إدارة نتنياهو حول خطة التهجير منذ شهر أغسطس الماضي، أي حتى قبل ان يتأكد فوز ترمب في الانتخابات، فوفقاً لتقرير نشرته مجلة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن خطة التهجير وإعادة الإعمار قدّمت في دراسة لفريق ترمب في أوائل شهر يوليو الماضي من قبل جوزيف بيلزمان الاستاذ بجامعة جورج واشنطن باعتباره خبيراً في الاقتصاد والعلاقات الدولية ورئيس مركز التميز للدراسات الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الجامعة.

وأخيراً، أكاد أجزم بأن مواجهة الترمبية في مرحلتها الثانية لا يمكن أن تكون فلسطينية خالصة تماماً كما كان الحال عليه في المرحلة الأولى من الحكم حينما طرح ترمب صفقة القرن. في الواقع، يجب أن تكون خطة المواجهة عربية بالأساس. ولهذا،  فنحن نعول على اجتماع القمة الخماسي في الرياض والذي يضم إلى جانب العربية السعودية مصر والأردن وقطر والإمارات. كما نعول على مؤتمر القمة العربي الذي سيعقد في القاهرة في 27 فبراير الجاري. فمن الواضح بأن قرارات هذه القمم يجب أن تخرج من إطار الشجب والإدانة والتأكيد، حيث يجب أن تطرح برامج عملياتيه لمواجهه فكرة التهجير من خلال تطوير نماذج للضغط الاقتصادي على الولايات المتحدة، وتجميد اتفاقات أبراهام، وإعادة إعمار قطاع غزة، وإنشاء صناديق عربية لتعزيز صمود مصر والأردن والسلطة الوطنية الفلسطينية.


دلالات

شارك برأيك

التحول في الترمبية في المرحلة الثانية

المزيد في أقلام وأراء

ويتكوف إذ ينقلب على نفسه!

إبراهيم ملحم

معوقات نجاح المرحلة الانتقالية للإدارة السورية الجديدة

كريستين حنا نصر

هل سيحقق المجلس المركزي الإصلاح الشامل ويواجه التحديات الوطنية المصيرية؟

بسام زكارنة

حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!

د. رمزي عودة

موقف .. هل حقاً تراجع ترامب عن فكرة التهجير؟

سياسات واشنطن المعادية لفلسطين

حمادة فراعنة

الحضور الفلسطيني والانحسار الإسرائيلي

حمادة فراعنة

الإسلاميون وقرنٌ من المحاولة.. أفكارٌ ورؤية لم تتحقق!!

د. أحمد يوسف

مبدأ حل الدولتين.. هل أصبح خياراً دولياً في طريق التلاشي؟

مروان إميل طوباسي

بين ثغرتي الدفرسوار وكورسك.. ما هي المفاجأة !

جودت مناع

ترامب.. سياسة الفوضى

بهاء رحال

ترمب ــ أوروبا: نحو نظام عالمي جديد

من هو ملهم دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة ؟

د. دلال صائب عريقات

إعادة التفكير في التضامن: ولاء غير مشروط أم مقاومة أخلاقية؟

بقلم: د. سماح جبر، استشارية الطب النفسي

أوروبا على المحك

د. آمال موسى

منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى

حمادة فراعنة

ليس كل ما يتمنى "الثعلب" يدركه!

ابراهيم ملحم

غياب غزة عن دراما رمضان: تقصير أم تغييب متعمد؟

بهاء رحال

الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا

نعمان توفيق العابد

ردّ على دعوة جرشون باسكين.. بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الاستعمار البشع

مروان إميل طوباسي

أسعار العملات

الإثنين 17 مارس 2025 2:11 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.66

شراء 3.65

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.16

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 849)