Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 18 فبراير 2025 9:14 صباحًا - بتوقيت القدس

أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية

لطالما استندت الحركة الوطنية الفلسطينية إلى الشرعية الثورية في تمثيلها للشعب الفلسطيني، حيث قامت منظمة التحرير الفلسطينية بدور المظلة الوطنية الجامعة والجبهة الوطنية الواسعة، مستمدة شرعيتها من النضال الوطني التحرري والديمقراطية الممكنة داخل هياكلها. لكن مع توقيع اتفاق أوسلو وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية كمرحلة مفترضة على طريق الدولة التي ما زال يحظر علينا تجسيدها، بحكم النظام الدولي القائم اليوم، أصبحت الشرعية الانتخابية جزءًا من معادلة النظام السياسي الفلسطيني، رغم أن هذا المسار ظل معطلًا بفعل غياب الانتخابات، وانقسام المؤسسات منذ عام ٢٠٠٦ ، ما خلق إشكالية مزدوجة، تآكل الشرعية الثورية بفعل الرهان على حلول سياسية لم تتحقق، وغياب الشرعية الانتخابية بسبب تعطل المسار الديمقراطي، ما أدى إلى نشوء مراكز قوى تتحكم بجوانب من القرار الوطني الفلسطيني ورسم السياسات.

كانت انتخابات المجلس التشريعي عام ٢٠٠٦ آخر تجربة ديمقراطية برلمانية لانتخابات المجلس التشريعي، لكنها سرعان ما قادت إلى انقسام سياسي ومؤسسي بعد انقلاب حماس في غزة، ما أدى إلى تعطيل المجلس التشريعي وإلغاء دورته، لتتعطل العملية الديمقراطية برمتها بعد ذلك. في المقابل ، شهدت منظمة التحرير الفلسطينية تهميشا لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها، ولم يتم تفعيل هياكل المنظمة لضمان استمرار الشرعية الثورية أو الانتخابية إلا في مرات محدودة طيلة الثلاثة عقود الماضية، ما أدى إلى هوة متزايدة بين القيادة السياسية وشعبنا الفلسطيني.


الأمر الذي يستدعي حواراً وطنياً واسعاً ومسوؤلاً يستوعب الرأي والرأي الوطني الآخر دون تبادل توجيه التهم والتشكيك بالنوايا طالما كانت من داخل البيت الوطني، وحريصة على الارتقاء بدور المنظمة وكفاحنا التحرري للتخلص من الاحتلال، وذلك من خلال لقاء وطني موسع يدعو له الأخ الرئيس بشكل عاجل، تحت مظلة منظمة التحرير، وبحضور الإطار القيادي المؤقت الذي اتفق عليه في لقاء الأمناء العامين سابقاً، إلى حين تصويب عضوية المجلس الوطني الفلسطيني ليكتسب صفة التمثيل الديمقراطي الجامع بالقدر الممكن، خاصة في ظل اللغط الأمريكي والإقليمي لدعوات المطالبة "بالتجديد".


في ظل غياب الانتخابات وتعطل وحدة المؤسسات بالوطن الواحد، برزت مراكز قوى داخل النظام السياسي، حيث باتت القرارات تُتخذ بناءً على نفوذ نخب سياسية واقتصادية، بعضها مرتبط بتأثيرات خارجية إقليمية ودولية، وهو ما أضعف القرار الوطني المستقل. هذا الأمر أدى إلى شلل سياسي عميق، حيث لم يعد هناك فصل بين السلطات، وتراجعت المشاركة والرقابة الشعبية أو البرلمانية، وأصبح النظام الفلسطيني قائماً على قاعدة الانقسام وعلى شبكة مصالح متشابكة تُعطل أي مسار ديمقراطي حقيقي، باستثناء انتخابات المجالس المحلية وعدد من النقابات ومجالس الطلبة بالضفة الغربية دون إجراء ذلك في قطاع غزة الذي خضع لحكم الأمر الواقع من جانب حماس.


من جهة أخرى، لعبت بعض القوى الدولية والإقليمية، ومنها بالطبع الولايات المتحدة بتدخلاتها واشتراطاتها وتهديداتها، وبعض دول الإقليم وحركة الإخوان المسلمين التي حاولت مواصلة احتواء البعض ولعب دور في التأثير على بعض مراكز صناعة القرار وبعض الفصائل الفلسطينية، ما أضعف استقلالية القرار الوطني وجعل بعض القوى تابعة لأجندات غير فلسطينية. هذه التأثيرات والتداخلات، إلى جانب الشراكة والدعم الأمريكي العميق لإسرائيل، سهلت استمرار محاولات فرض حلول سياسية تتجاهل الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف وتتماشى مع مشاريع مثل "الشرق الأوسط الجديد" الذي تسعى الولايات المتحدة لتنفيذه قسراً، بما يخدم أهداف التوسع الإسرائيلي الاستعماري بمشروع إسرائيل الكبرى. 


هذه المؤثرات وهذا الوضع الداخلي انعكس على مكانة القضية الفلسطينية دولياً حتى مع أصدقاء لنا، حيث تستغل إسرائيل حالة التآكل السياسي والانقسام الداخلي لتعزيز مشروعها الاستيطاني الإحلالي. كما أن غياب الشرعية الديمقراطية أضعف الدور الفلسطيني على المستوى الدولي، وفتح الباب أمام ضغوطات أمريكية وإسرائيلية ودولية لمحاولة فرض حلول لا تتناسب مع الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، بينما تواصل بعض القوى الإقليمية، لعب أدوار تؤثر على استقلال القرار الوطني الفلسطيني لصالح مشاريع أوسع بالمنطقة لا تتفق بالضرورة مع المصلحة الوطنية في غياب مشروع قومي عربي.


الحل لا يكمن في إعادة إنتاج الوضع القائم، بل في إعادة بناء الشرعية الوطنية على أسس جديدة تضمن التكامل بين الشرعية الثورية والشرعية الانتخابية، وهذا يتطلب:

1. تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية كمظلة جامعة لكل القوى الفلسطينية، وليس للفصائل فقط على أهمية دورها، وذلك من خلال انتخابات ديمقراطية للمجلس الوطني الفلسطيني، وبالتالي المركزي واللجنة التنفيذية وفق النظام، أو عبر إعادة تصويب عضوية المجلس الوطني وفق معايير وطنية كفاحية ومهنية مختصة في حال تعذر إجراء الانتخابات اليوم، بما يضمن استعادة دوره كأعلى هيئة لمنظمة التحرير وتشكيل الهيئات الأخرى.

2. إجراء انتخابات رئاسية وللمجلس التشريعي لتجديد النظام السياسي الفلسطيني، على أن تكون جزءًا من استراتيجية مواجهة الاحتلال، وكاستحقاق وطني في أقرب وقت يتاح به ذلك.


3. تفكيك مراكز القوى غير المنتخبة، وإعادة بناء المؤسسات على أسس ديمقراطية ووطنية على قاعدة الانتماء، بعيدًا عن الولاءات الفئوية والشخصية والتأثيرات الخارجية.


4. تعزيز الوحدة الوطنية عبر رؤية سياسية موحدة تتجاوز الحسابات الفئوية والمصالح الضيقة، وتشمل كل قطاعات المجتمع الفلسطيني، خصوصاً المستقلين ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي خاصة الشباب منهم، بعيدًا عن أية وصاية إقليمية أو دولية .


5. تشكيل حكومة تحظى بتوافق وطني تنهض بإدارة كل الوطن كوحدة واحدة بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها صاحبة الولاية السياسية والجغرافية والقانونية على أراضي دولة فلسطين المحتلة، وإنجاز الإغاثة والإعمار اعتماداً على صندوق عربي لمواجهة التهديدات الترامبية، ودعم صمود شعبنا بالبقاء والتمكين، بعيداً عن أي تدخل خارجي. حكومة تعبر عن الاستجابة لقرارات الإجماع الوطني في الوحدة وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسسٍ تعددية ديمقراطية تشاركية. إن الترجمة العملية لهذا الالتزام تتطلب إرادة واضحة وفاعلة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، باعتباره قضية وطنية إلزامية بتطبيق إعلان بكين، دون المزيد من الدعوات للحوار والوساطات الجديدة أو الشكلية، فوجودنا الوطني اليوم في خطر لا يحتمل الانتظار.


ومع اقتراب انعقاد المجلس الثوري لحركة فتح خلال الأيام القادمة، تبرز الحاجة إلى نقاش جاد يتجاوز الصراعات الداخلية والمناكفات الانتخابية في هذا اللقاء، يركز على استعادة دور الحركة كطليعة للحركة الوطنية الفلسطينية للوصول إلى التحرر الوطني الديمقراطي، بحيث تكون قادرة على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها، بما يضمن مشاركة حقيقية لكل القوى الوطنية في الكفاح ضد الاحتلال، بعيدًا عن التبعية والضغوط الخارجية، وفق المقترحات الوارده أعلاه. ومن أجل الوصول باللقاء إلى رؤية وبرنامج وخطط وأدوات واضحة تاخذ بعين الاعتبار المتغيرات والمستجدات المتسارعة على كل المستويات لمجابهة التحديات الخطرة .

إن إعادة بناء الشرعية الوطنية ليست ترفًا سياسياً، بل ضرورة وجودية للحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني التحرري، فالتاريخ يؤكد أن الشعوب التي تفقد شرعيتها الداخلية تصبح عاجزة عن مواجهة التحديات الخارجية. والسؤال المطروح اليوم، هل نملك الإرادة لكسر هذه الحلقة المفرغة واستعادة القرار الوطني المستقل وحماية أبناء شعبنا في نظام سياسي تحرري وتعددي وتشاركي، أم سنظل رهائن لمعادلات أضعفت قدرتنا على تحقيق التحرر الوطني الديمقراطي؟ الكرة الآن في ملعب القوى السياسية، وتحديدًا حركة "فتح"، لكنها أيضًا في ملعب الشعب الفلسطيني الذي يملك وحده الحق كمصدر للسلطات وفق وثيقة إعلان الاستقلال في تحديد مسار النظام السياسي على قاعدة القرار الوطني الديمقراطي المستقل، والوحدة كقانون للانتصار، كما كان يكرر الأخ مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية الذي ننتظر حريته وباقي الأسرى الأبطال

دلالات

شارك برأيك

أزمة النظام السياسي الفلسطيني بين الشرعية الثورية والانتخابية ومعضلة الديمقراطية

المزيد في أقلام وأراء

"غزة وجنين جميلتان بأهلهما فقط"

حديث القدس

بعد 500 يوم .. تفجعونـ(نا) بقتل رهائنـ(كم)

حمدي فراج

أولوية إعمار غزة: إزالة الركام والعمل على البنية التحتية وإعادة تأهيل المجتمع نفسياً واقتصادياً

المهندس محمد الحلبي المدير الأسبق لمؤسسة االرؤيا العالمية

"سيكولوجية الجماهير": قوة الحشود وتأثيرها على الأفراد

سهى زيدان

أمريكا وإسرائيل عدوانية غير مسبوقة

راسم عبيدات

إسرائيل وتهديد القمة العربية

أنطوان شلحت

مأزق الانقسام الفلسطيني

حمادة فراعنة

عـمـلـيـة "الـجـدار الـحـديـدي": إنـهـم يـفـعـلـون هـنـا مـا فـعـلوه فـي غـزة

ماهر الشريف

الطريق إلى الازدهار

رادوسواف شيكورسكي، وزير خارجية بولندا

أول الغيث قَطْرُ!

حديث القدس

الانقسام الإسرائيلي

حمادة فراعنة

دوام ترديد التهديد بالتهجير وانعكاساته النفسيّة المتوقعة!

غسان عبد الله

الرسوم الجمركية الأمريكية "من أجل الفنتانيل" تنتهك قواعد منظمة التجارة العالمية

جي وينهوا

الوعد المشؤوم

حديث القدس

بين ابتزاز غزة بالتهجير واجتثاث مخيمات الضفة.. ما العمل؟!

جمال زقوت

الرقص على حافة الجنون

رمزي الغزوي

العناد الفلسطيني ورفض التوطين والتهجير

حمزة البشتاوي

هذه رسالتي لحركة "حماس"

محمد المصري

أميركا وتداعيات "الدعم غير المشروط"

جيمس زغبي

اعتذار الرئيس الأميركي

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الأربعاء 19 فبراير 2025 10:18 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.54

شراء 3.53

دينار / شيكل

بيع 5.0

شراء 4.99

يورو / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 674)