Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الثّلاثاء 18 فبراير 2025 9:23 صباحًا - بتوقيت القدس

الرقص على حافة الجنون

في عالم السياسة، قد لا يكون الجنون مجرد حالة نفسية، بل أداة تكتيكية تُستخدم لإرباك الخصوم ودفعهم إلى تقديم تنازلات. هذه الفكرة، المعروفة بـ"نظرية الرجل المجنون"، تُنسب إلى الرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، الذي حاول إقناع الفيتناميين الشماليين بأنه قد يُقدم على أي شيء لإنهاء الحرب، حتى لو كان ذلك يعني استخدام السلاح النووي. غير أن هذه الاستراتيجية لم تؤتِ ثمارها، إذ استمرت حرب فيتنام لسنوات بعد ذلك، ما يثبت أن التظاهر بالجنون ليس دائمًا مفتاحًا للنجاح.


اليوم، يجد العالم نفسه أمام زعيم آخر يثير الجدل بأسلوبه غير المتوقع: دونالد ترمب، الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأميركية، الذي أعلن مؤخرًا عن رغبته في تحويل قطاع غزة إلى "ريفييرا شرق أوسطية"، مشيرًا إلى إمكانية إقامة فنادق وملاعب غولف تحمل اسمه. هذا التصريح، وإن بدا مستحيلًا أو عبثيًا، يعكس رؤية ترمب للعالم كساحة لألعاب المال والعقارات، حيث السياسة ليست سوى امتداد لعقلية "المونوبولي". لكن يبقى السؤال: هل ترمب مجنون فعلًا، أم أنه يتقمص دور الرجل المجنون لتحقيق مكاسب سياسية؟


هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد استخدمها قادة آخرون مثل معمر القذافي، الذي جعل من تصرفاته الغريبة وسيلة لترهيب خصومه، لكنه في النهاية انتهى معزولًا ومقتولًا على يد شعبه. كذلك، تبنى أدولف هتلر نهجًا مشابهاً، حيث بدا وكأنه يتجاوز كل الحدود السياسية التقليدية، محققًا مكاسب سريعة، لكن في النهاية أدى تهوره إلى كارثة عالمية. هناك أيضًا ماو تسي تونغ، الذي تبنى سياسات تبدو جنونية تحت ستار الإصلاح، لكنها لم تؤدِّ إلا إلى تدمير اقتصادي ومعاناة واسعة.


في هذا السياق، يُطرح اسم فلاديمير بوتين، الذي أثارت تصرفاته الأخيرة تساؤلات حول مدى اتزانه العقلي. من طاولته البيضاء الطويلة إلى خطاباته العدائية، يبدو وكأنه يتبع نهج الرجل المجنون. لكن وفقًا لمصادر مقربة، فإن بوتين ليس مجنونًا بقدر ما هو لاعب بارع يعرف كيف يستخدم التهديدات والمزايدات للحفاظ على سلطته. غير أن المشكلة في هذه الاستراتيجية هي أنها قد تتحول من مجرد تمثيل إلى واقع، فمن يتظاهر بالجنون لفترة طويلة قد يصبح مجنونًا بالفعل.


   لكن الخطير في هذه اللعبة أن من يرقص على حافة الجنون قد ينزلق إليها دون أن يدري. حين يصبح الخداع عادة، يتلاشى الخط الفاصل بين التمثيل والواقع، فتتحول المناورات السياسية إلى فوضى حقيقية. في النهاية، الجنون ليس سلاحًا يمكن التحكم به، بل نار تحرق من يشعلها أولًا.


السياسة ليست مجرد مقامرة، لكنها تتطلب فهمًا عميقًا للحدود التي يمكن تجاوزها دون فقدان السيطرة. التظاهر بالجنون قد ينجح على المدى القصير، لكنه غالبًا ما ينتهي بكارثة، لأن العالم ليس ساذجًا، وسرعان ما يدرك الجميع أن من يهدد بالفوضى إما أنه غير جاد، أو أنه بالفعل لا يملك القدرة على التراجع.

دلالات

شارك برأيك

الرقص على حافة الجنون

المزيد في أقلام وأراء

ويتكوف إذ ينقلب على نفسه!

إبراهيم ملحم

معوقات نجاح المرحلة الانتقالية للإدارة السورية الجديدة

كريستين حنا نصر

هل سيحقق المجلس المركزي الإصلاح الشامل ويواجه التحديات الوطنية المصيرية؟

بسام زكارنة

حماس أول الخارجين عن مقررات القمة العربية!

د. رمزي عودة

موقف .. هل حقاً تراجع ترامب عن فكرة التهجير؟

سياسات واشنطن المعادية لفلسطين

حمادة فراعنة

الحضور الفلسطيني والانحسار الإسرائيلي

حمادة فراعنة

الإسلاميون وقرنٌ من المحاولة.. أفكارٌ ورؤية لم تتحقق!!

د. أحمد يوسف

مبدأ حل الدولتين.. هل أصبح خياراً دولياً في طريق التلاشي؟

مروان إميل طوباسي

بين ثغرتي الدفرسوار وكورسك.. ما هي المفاجأة !

جودت مناع

ترامب.. سياسة الفوضى

بهاء رحال

ترمب ــ أوروبا: نحو نظام عالمي جديد

من هو ملهم دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة ؟

د. دلال صائب عريقات

إعادة التفكير في التضامن: ولاء غير مشروط أم مقاومة أخلاقية؟

بقلم: د. سماح جبر، استشارية الطب النفسي

أوروبا على المحك

د. آمال موسى

منع المصلين من الوصول إلى المسجد الأقصى

حمادة فراعنة

ليس كل ما يتمنى "الثعلب" يدركه!

ابراهيم ملحم

غياب غزة عن دراما رمضان: تقصير أم تغييب متعمد؟

بهاء رحال

الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا

نعمان توفيق العابد

ردّ على دعوة جرشون باسكين.. بين بناء الثقة وتنامي مظاهر الاستعمار البشع

مروان إميل طوباسي

أسعار العملات

الإثنين 17 مارس 2025 2:11 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.66

شراء 3.65

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.16

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 855)