Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 09 ديسمبر 2024 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس

بسقوط سوريا المنطقة ستدخل العصر الأمريكي- الإسرائيلي



وكأن العرب يستمرئون الذل والمهانة، ويقدسون التبعية والذيلية، ولا يجدون بأنفسهم قادة قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم والدفاع عن مصالحهم خارج أن يكون هناك وصي عليهم من الخارج، ولذلك من يتحمل مسؤولية سقوط دمشق، هم ذاتهم من لم يدافعوا عن بغداد ولم يحموها، وأيضاً من جلبوا "الناتو" من أجل احتلال ليبيا والسيطرة على نفطها وغازها، ولا ننسى من ساهموا في تقسيم السودان وتفتيته.

الحرب التي شنت على قطاع غزة، شنتها أمريكا صاحبة فكرة هذه الحرب تحت ما يسمى بالأمن القومي الأمريكي، وبأنها ستعمل على تغيير خرائط المنطقة وإعادة رسمها من جديد لخلق شرق أوسط جديد، شرق أوسط جديد لا وجود فيه لأي قوة سواء دولة أو حركة أو حزب يقولون بنهج وخيار وثقافة المقاومة، أو يرفض التطبيع مع إسرائيل، وأن لا تكون جزءاً من جغرافيتها، ولذلك كانت هذه الحرب، والتي شهدنا ونشهد فيها "توحش" و"تغول" غير مسبوقين من حيث القتل والإبادة الجماعية والتدمير، والذي كان يجري في ظل تواطؤ دولي غير مسبوق وصمت عربي وإسلامي، إن لم يكن تواطؤ ومشاركة عربية فيها.

لا أعرف ما الذي يجعل العرب فرحين بسقوط سوريا، سوى أن هناك من يفرح باغتصاب أمه أو يصمت على اغتصابها. قمع وديكتاتورية النظام، فأي نظام عربي ديمقراطي؟  دلوني عليه، ولكن هذا النظام ظل محافظاً على هوية سوريا وعروبتها، ورفض كل الضغوط والشروط والإغراءات الأمريكية، ورفض كذلك أن يكون جزءاً من محور التطبيع العربي، ولذلك عوقب وحوصر إلى حد الخنق الاقتصادي الشامل للشعب السوري " قانون قيصر" الأمريكي.

المشروع والمخطط الأمريكي الإسرائيلي التركي الأوروبي الغربي، أوسع وأشمل وأكبر من الجغرافيا السورية، ولذلك بعد معركة السابع من أكتوبر 2023، رأت أمريكا أنه لا يمكن السماح بأن يكون هناك أي تهديد جدي لإسرائيل في المنطقة، فإسرائيل قاعدتها المتقدمة في هذه المنطقة، وهي الحليف الموثوق الذي يدافع عن مصالحها، ولذلك هذه الحرب كانت تجري تحت سقف أمريكا الصهيونية، وإسرائيل القاعدة المتقدمة لحماية المصالح الأمريكية والغربية الاستعمارية في المنطقة.

بعد توسع الحرب وامتداداتها إلى لبنان، والتي خلال 11 شهراً كانت جبهة إسناد لقطاع غزة، ومن ثم تحولت إلى معركة "أولي البأس"، بعد قيام إسرائيل بشن حربها البرية على لبنان، والتي سبقتها محاولة إسرائيلية- أمريكية لإسقاط حزب الله اللبناني بالضربة القاضية من 17 -27 أيلول الماضي، عبر ما عرف بالحزمة الثلاثية القاتلة، والتي تمثلت بتفجير أجهزة "البيجر" و"الآيكوم"، واغتيال أغلب القيادات العسكرية والأمنية للحزب والغارات الجوية العنيفة التي استخدمت فيها القنابل الأمريكية الفراغية و"أم كي 84" الخارقة للتحصينات، والتي لم تستهدف فقط بنية وبيئة المقاومة، بل الجمهور اللبناني العادي، ومن ثم كانت عملية اغتيال قائد الحزب نصر الله، وما يتمتع به من رمزية وشعبية وحضور طاغ، ليس على مستوى لبنان، بل على مستوى المحور والجماهير العربية والإسلامية، وكذلك جرى اغتيال نائبه هاشم صفي الدين.

بعد وقف إطلاق النار مباشرة وخروج غولاني من بيروت، دخل الجولاني ضمن المشروع والمخطط الأمريكي- التركي- الإسرائيلي مباشرة على سوريا، وسبق ذلك تصريح لنتنياهو، بعد رفض الأسد أن يمسك بالحدود السورية – اللبنانية، وأن يمنع مرور السلاح الإيراني إلى حزب الله، بالقول "الأسد يلعب بالنار"، وضمن الخطة المعدة سلفاً، والتي قدم فيها أردوغان أوراق اعتماده للرئيس الأمريكي ترامب، بأن يتولى العملية السياسية في سوريا مقابل حماية أمن إسرائيل من البوابة السورية، تحركت  الجماعات التكفيرية والداعشية، بكل تلاوينها ومسمياتها، وهي المنتمية لنفس المنتوج، وفي المقدمة منها "جبهة النصرة"، والتي كانت سابقاً تحمل اسم "هيئة تحرير الشام"، والمصنفة كتنظيم إرهابي وفق القانون الدولي، مدعومة بأحدث الأسلحة والمسيرات التركية والأوكرانية، والتكنولوجيا المتطورة، ومموّلة بقاعدة ارتكاز وخلفية جغرافية وعسكرية واستخبارية تمثلها تركيا، ويبدو من خلال سرعة تقدم تلك الجماعات، وسقوط المدن السورية تباعاً حلب وحماة وحمص، وما قاله الرئيس التركي أردوغان "آمل أن تصل قوات المعارضة السورية إلى دمشق بدون مشاكل، وهذا يعطي انطباعاً بأن الاجتماعات التي عقدت في الدوحة بحضور روسي- إيراني – تركي ومشاركة قطرية، والاتصالات التي جرت بين أكثر من عاصمة، بأن هناك اتفاق قد حصل، بعدم أن يكون هناك اقتتال في سوريا، وأن يجري انتقال سلمي للسلطة، تنأى فيه روسيا وإيران عن دعم حليفها السوري، وخاصة أن المعلومات الواردة من واشنطن وعلى لسان الرئيس الأمريكي ترامب تقول، بأن زيلينسكي جاهز الآن لتسوية مع روسيا، تسوية تحفظ لروسيا مصالحها في أوكرانيا، وتحفظ لها وجوداً على شواطئ سوريا الشمالية.

تداعيات سقوط سوريا ستكون كبيرة جداً على المنطقة والإقليم والعالم، ويبدو بأن العصر الأمريكي- الإسرائيلي في المنطقة سيطول، وسيكون هناك شرق أوسط أمريكي تقوده إسرائيل، وستصبح إسرائيل جزءاً من جغرافيا المنطقة والمتحكمة فيها، وسترفرف أعلامها في كل العواصم العربية، بدءاً من دمشق وانتهاء بالرياض ومكة المكرمة، فالتطبيع سيفتح على مصراعيه، ولبنان ستفرض عليه الوصاية الدولية، ومعابره سيمسك بها إما الجيش اللبناني أو إشراف دولي عليها، واتفاق وقف إطلاق النار الهش، بعد سقوط سوريا ستتخلى عنه إسرائيل، وبموافقة أمريكا وفرنسا واللتين كان واضح جداً بأنهما داعمتان لإسرائيل في مواقفها، في التلكؤ في تنفيذ عملية الإشراف على وقف إطلاق النار، واستمرار خرق إسرائيل له، وسيصر الإسرائيلي على منطقة أمنية في جنوب لبنان، وكذلك منطقة أمنية في جنوب سوريا، وخاصة أن قواتها سيطرت على المنطقة العازلة في الجولان، وسينتخب رئيس لبناني من حلفاء أمريكا في لبنان، وهذا ما عبر عنه ما يعرف بالوسيط الأمريكي، شريك الإسرائيلي هوكشتاين، بالقول: "علينا أن ننتخب رئيس لبناني بمعزل عن حزب الله"، والعراق معابره البرية مع سوريا وحتى مع إيران، ستكون خاضعة لإشراف أمريكي، وسيتم تغذية الفتن المذهبية في داخلة، والسعي لتصفية قوى المقاومة العراقية، ومصر يجري إنعاش حركة الإخوان المسلمين، وتنصيب خليفة إسلامي جديد لها على غرار خليفة سوريا البغدادي، والخطر الأكبر على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية، فالضغوط على حركة حماس وقوى المقاومة في القطاع من أجل القبول بصفقة تبادل جزئية، بدون وقف إطلاق نار شامل، وتقليص عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، والقبول ببقاء قوات إسرائيلية في القطاع في مناطق محددة تحت ذريعة الأمن، ستزداد بشكل كبير جداً، فالمقاومة لم يعد لها لا ظهير وحواضن ولا جبهات إسناد ولا بعد عربي ولا إقليمي، سوى اليمن الذي هو بعيد جداً عن حدود فلسطين، واليمن لن يكون بمنأى عن الاستهداف، أما في الضفة الغربية والقطاع، فواضح أننا وبموافقة أمريكية سنكون أمام عمليات ضم وتهويد للضفة الغربية، و"هندسة" جغرافية"، و"ديمغرافية" للوجود الفلسطيني، ما بين النهر والبحر، للحفاظ على التفوق الديمغرافي الإسرائيلي ونقاء الدولة اليهودية، والأٌقصى سيكون مصيره كمصير الحرم الإبراهيمي الشريف، التقسيم وإخراجه من قدسيته الإسلامية الخالصة، نحو قدسية إسلامية- يهودية مشتركة.

والأردن سيتهدده خطر الوطن البديل وسيفرض عليه قبول تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى ارضه، ضمن مشروع الوطن البديل، في حين أن إيران مقابل رفع كامل العقوبات عنها، تتخلى عن برنامجها النووي، وتتخلى عن تقديم الدعم لحلفائها في المنطقة، وواضح بعد سقوط سوريا، بأنها لن تستطيع تقديم أي دعم عسكري لها، ورفضها يعني العبث بأمنها واستقرارها.

نعم المنطقة دخلت العصر الأمريكي – الإسرائيلي، والذي يبدو بأنه سيطول، والعرب يبدو بأنهم أمة يعشقون الذيلية والتبعية، أمة تستمرىء الذل والمهانة، وتجلب الأجنبي لكي "يغتصب" أوطانها، جلبوا "الناتو" للسيطرة على ثروات ليبيا النفطية والغازية، وشاركوا في تقسيم السودان وتفتيته، وساهموا في تدمير العراق واحتلاله، والآن بسقوط سوريا قلب الوطن العربي، سنكون أمام مشروع أخطر من مشروع  سايكس- بيكو، مشروع تقسيم المقسم في الوطن العربي، لدويلات لا تمتلك مقومات دول على خطوط المذهبية والعرقية والطائفية والإثنية، محكومة بتحالفات عسكرية وأمنية وعلاقات اقتصادية مع إسرائيل بإشراف أمريكي.

دلالات

شارك برأيك

بسقوط سوريا المنطقة ستدخل العصر الأمريكي- الإسرائيلي

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تواصل العبث بالشرق الأوسط

حديث القدس

سوريا:نهاية حكم أم نهاية دولة!

د. ناجي صادق شراب

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

سوريا على مفترق الطرق.. أسئلة تطرحها التحولات الجارية

مروان اميل طوباسي

جرعات طبيعية للتعافي من الضغوطات النفسية

د. غسان عبدالله

الفرد الفلسطيني جوهر السلم الأهلي وأساسه

صبا جبر

هل نضجت ظروف صفقة التبادل؟

حديث القدس

سقوط السردية الإسرائيلية في غزة

عقل صلاح

حكومة وفاق حتى لا توافق المنظمة على ما هو أسوأ

هاني المصري

عظم الله أجركم في حزب البعث العربي الاشتراكي

حمدي فراج

هروب الأسد في يوم الأحد

بهاء رحال

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

نكبتان بينهما انتفاضتان

جمال زقوت

سوريا الجديدة : الجمهورية السورية الاتحادية

كريستين حنا نصر

البقعة السوداء

بقلم : أسيل الزغير

سقوط النظام السوري لحظة فارقة فهل يهدد شبح الفوضى مستقبل البلاد؟

حديث القدس

سوريا الجديدة.. التاريخ والدور والقدر

د. أحمد رفيق عوض

عهد جديد لسوريا

حمادة فراعنة

سوريا العشق نحو الحرية والديمقراطية

بكر أبو بكر

رجل الصفقات دونالد ترامب

بهاء رحال

أسعار العملات

الأربعاء 11 ديسمبر 2024 9:42 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.06

شراء 5.05

يورو / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.78

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 212)