أقلام وأراء
الأحد 08 ديسمبر 2024 9:32 صباحًا - بتوقيت القدس
عن الرسالة واختلاف أغراضها.. أسس الصراع بين الحقيقة والدعاوى
لا أريد تشبيه اليوم بالبارحة، ولكن رفضك لما يحدث من حلب حتى حماة، ونشرك لصور العنف المرتكب ألم يذكرك بانقلاب 2007 وعنف ارتكب؟؟ ألم يذكرك هذا بالفرح الغامر الذي انتابك حينها، وتهليلك للنصر المحقق والحسم الإلهي؟
ألم تلاحظ مسألتين؟ أن الفصائل في سوريا تبنت خطاباً تسامحياً من جهة، ووحدوياً من جهة أخرى، وعلى خلاف خطابها الأول التكفيري، تظهر عناصرها يحفظون كلمة " نتعامل معكم بديننا" ؟ الملاحظتان هما أن حماس لم تقل هذه الكلمة في الـ2007، بل انتظرت حتى ارتكبت كل أشكال العنف ليظهر مشعل بعدها في خطاب "رسولي" يقول "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، مظهرين الصراع في حينه على أنه صراع بين الدين والكفر.
أما في غلاف غزة فقد ظهر عناصرها - قلدهم عناصر للجهاد فيما بعد كالعادة - وهم يتجولون ويعلنون أنهم يعاملون اليهود من مستوطني الغلاف بأخلاق الدين، وتكررت أثناء تسليم الأسرى الإسرائيليين.
هذا ليس تشبيهاً للدعوتين، فظروفهما مختلفة، وقولها للمحتل لا يشابه قولها لصاحب الأرض.
إلا أن كلا الصورتين محاولة للظهور بمظهر المنتصر الأخلاقي، وإعادة انتاج صورة فتح مكة، ففي الأولى كانت محاولة لإظهار صورة أخلاقية للعالم فقط حتى تقطع الطريق على وسم حماس بالإرهاب وارتكاب مجازر - الأمر الذي لم ينجح - لأسباب تتعلق بحماس وأخرى بالعالم نفسه.
وهذه ليست محاكمة للحالة الفلسطينية في هذا الظرف.
أما في الحالة السورية فكانت إحداهما للعالم بنفس المعنى، والثانية للشعب السوري وهي الأقوى، فاعتبارات دول العالم لا تقيم وزناً لهذه المظاهر مقابل مصالحها.
في الشأن السوري فإن هذه الرسالة/ الجملة بقدر ما توحي بالطمأنينة والتسامح لما لها من قوة سحرية تاريخية وتراثية في ذهن الناس، إلا أنها تفترض أيضاً أن لهذه الفصائل ديناً آخر غير دين الآخرين، وهي تفترض أيضا أنهم ليسوا ديناً واحداً بمذاهب متعددة او مختلفة، علماً أن كثيرين يمكن أن ينطقوا هذه الجملة عفوياً دون قصد، ناهيك عن وجود مؤمنين لديانة أخرى بالطبع.
الانتصار الأخلاقي ليس حكراً على دين معين أو أيدولوجيا فهي صيغة عامة يتوحد فيها كل "المنتصرين" على مر التاريخ بغض النظر عن توجهاتهم، فهي بالمعيار الأول حفظ دماء الناس ومصالحهم، وعدم إرغامهم على ما لا يريدون، وهي إن اعتبرت صيغة أخلاقية، إلا أنها صيغة قيمية أكثر منها أخلاقية، فالأخلاق أيضاً حمالة أوجه كما التأويل، وقد يفرض على شخص ما مخالفتها تحت دعوى درء المخاطر أو المفاسد أو المصلحة العامة، والناس يقادون بالقيم فقط.
وقد يقول قائل إن الاخلاق لا تتجزأ، وهي مقولة صوابية، لكنها غير دقيقة، ولا تخضع للاستقامة، فهي إن لم تجزأ فستكون خاضعة لتغير المفاهيم واختلافها من شخص لآخر ومن مجتمع دون غيره.
والأخلاق ليست فقط المعلومة لدى الجميع بالأساسية التي طالما يشار إليها بمفهوم الوصايا العشر المجمع عليها لدى الشعوب عامة، فهي تشمل أيضاً ممارسات ثقافية وتاريخية واجتماعية لدى المجتمع، وهي ما تضمن تعدده واختلافه.
إظهار الدين بتجلياته الفكرية والاجتماعية والثقافية باعتباره العامل الرئيس في الصراع السوري - وفعلته قوى الإسلام السياسي بكل تجاربها دون استثناء- هو مغالطة للواقع، فمشكلة السوريين لم تكن دينية بالأساس، بقدر ما كانت صراعاً مجتمعياً مع قوى قمعية، سمحت لقوى دينية بالدخول تحت مظلتها لتنفيذ برامجها الأيدولوجية، وهو إن كان العامل في بناء تكتلاتهم المسلحة فهو ليس جوهر القضية، وسيذهب بها إلى اتجاهات غير أخرى، لا تعبر بالضرورة عن المصلحة الجمعية للمجتمع الواحد رغم اختلافاته الاجتماعية والدينية والمذهبية.
في حالة الأخلاق مع القوى الدينية، لم يطالبهم أحد بالتخلي عن أيديولوجيتهم الدينية لصالح أيديولوجيات أخرى، فهو أمر لا يستقيم مع حالة التعدد السياسي والثقافي، ولكن ما كان دائماً مطلوب منهم هو تقنين أسباب الخلاف والسعي نحو أسباب اللقاء بجهد أكبر، وهو ما كان مطلوباً من قوى أخرى غير دينية أيضاً التي اتجهت رغم لبوسها التقدمي نحو الفاشية.
فعلى فرض أن خطاب التسامح الذي قدمته الفصائل في سوريا صار حقيقة، والتزمت به من منظور وطني وإنساني فهل سنعاديهم لتبنيهم أيديولوجية إسلامية بمفهومهم الحزبي؟
الصراع في سوريا حمل أبعاداً ومفاهيم ذات طابع ديني/ إسلامي/ حزبي شئنا أم أبينا، وليس لطرف دون الآخر، فكلا الطرفين دخل في الصراع بعد تحويله أيديولوجية دينية شيعية/ سنية.
وفي حين قبل الأول رغم توجهاته الدينية المذهبية تحت اسم المقاومة - علما أن فصائل عراقية دخلت حلب قبل سنوات تردد شعار "حلب شيعية ترد لأهلها"، فلقد رفض الثاني تحت دعاوى لتنفيذه أجندة أميركية إسرائيلية لضرب المقاومة، ولم يحاول حتى أن يدفع عن نفسه هذه التهمة حتى الآن، مكتفياً بأسلمته التي قد تفترض لدى البعض موقفاً مسبقاً من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لكنه يظل ضمنياً غير معلن، الأمر الذي يشكل إحالة أخرى للصراع في سوريا.
مع الأخذ بالاعتبار تجربة هذه الطرفين السابقة التي ينكر كثيراً منها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
منع الدواء والطعام في غزة.. سلاح إسرائيلي قاتل
حديث القدس
رسالة فلسطين في عيد الميلاد
فادي أبو بكر
معركة المواجهة وشروط الانتصار
حمادة فراعنة
احفظوا للمخيم هيبته وعزته وللدم الفلسطيني حرمته
راسم عبيدات
مئوية بيرزيت.. فوق التلة ثمة متسع رحب لتجليات الجدارة علماً وعملاً!
د. طلال شهوان ، رئيس جامعة بيرزيت
لجنة الإسناد.. بدها إسناد!
ابراهيم ملحم
من التغريد إلى التأثير .. كيف تصنع المقاطعة الرقمية مقاومة شعبية فعالة
مريم شومان
الحسم العسكري لغة تبرير إسرائيلية لمواصلة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
سعيد جودة طبيب جراحة العظام في مشفى كمال عدوان شهيداً
وليد الهودلي
بوضوح.. الميلاد في زمن الإبادة الجماعية
بهاء رحال
ولادة الشهيد الأول
حمادة فراعنة
(الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ)
حديث القدس
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
عيسى قراقع
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
هاني المصري
ما يجري في جنين يندى له الجبين
جمال زقوت
شرق أوسط نتنياهو لن يكون
حمادة فراعنة
في ربع الساعة الأخير للإدارة الموشكة على الرحيل!
حديث القدس
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
الأب إبراهيم فلتس نائب حارس الأراضي المقدسة
بلورة استراتيجيات للتعامل مع الشخصيّة المزاجية – القنبلة الموقوتة
د. غسان عبدالله
من الطوفان إلى ردع العدوان.. ماذا ينتظر منطقتنا العربية؟ الحلقة الثانية
زياد ابحيص
الأكثر تعليقاً
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
الأكثر قراءة
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
وقف إطلاق النار في غزة "أقرب من أي وقت مضى"
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 302)
شارك برأيك
عن الرسالة واختلاف أغراضها.. أسس الصراع بين الحقيقة والدعاوى