أحيا العالم امس اليوم العالمي الإنساني ( World Humanitarian Day ) وهو اليوم المخصص للاعتراف بمجهودات العاملين في المجال الإنساني ، وأولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب المساعدات الإنسانية ، وتم ربطه بتاريخ التاسع عشر من آب للعام ٢٠٠٣، والذي يصادف اليوم الذي قتل فيه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق سيرجيو فييرا دي ميلو و٢١ من زملائه ، في تفجير مبنى الأمم المتحدة في بغداد ..
عندما يحيي العالم مثل هذا اليوم ، الذي يحمل مآثر إنسانية جمة، وهو يستذكر ممثلين لمنظمات إنسانية وإغاثية ، دفعوا حياتهم ثمنا للصراعات والنزاعات وحالات الطوارئ ، في وجهات عديدة من العالم ، فان الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وقف بالأمس وتذكر بصمت وخشوع وهدوء ووقار ، ما فعلته طواقم العمل الإنساني والإغاثي من الامم المتحدة او الوكالات الإنسانية الأخرى في فلسطين وحملتهم الشريفة والنقية لمساعدة الفلسطينيين ، وهم يواجهون حرب وجريمة الابادة الجماعية ، حيث تصدت هذه الوكالات وفي مقدمتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، لإغاثة ابناء شعبنا وخصوصا في قطاع غزة ، لمؤازتهم ومساعدتهم والوقوف بجانبهم لمواجهة مخاطر العدوان التدميري ، الذي قضى على كل مقومات الحياة الفلسطينية ، وفي مقدمتها مدارس الايواء واللجوء ومقرات النزوح ، وخيام العيش المؤقتة ، ومساجد ودور وكنائس العبادة ، فمسحتها إسرائيل عن بكرة ابيها ، فارضة على النازحين العيش في الشوارع والأزقة والحواري ، بجوار منازلهم المدمرة وخيامهم الممزقة ، ولم يكتف هذا الاحتلال الغاشم بقتل الفلسطينيين فقط ، وانما تجاوز حدود ومعايير الإنسانية بجنوده الأرهابيين ، فقتل اكثر من ٢٨٠ عاملا من عمال الإغاثة الاجانب ، لمنعهم من تقديم المساعدات ، حتى ان الطواقم الطبية الفلسطينية والأجنبية ، قام الاحتلال بالقضاء على مقوماتها الرئيسية ، فغدت تعمل في ظروف صعبة ومعقدة ، ولا تستطيع الوفاء بحاجة الناس الذين يحتاجون حقيقة إلى مساعدات إنسانية عاجلة وطارئة .
جاء اليوم العالمي للعمل الإنساني ، في ظل استمرار حرب الابادة الجماعية والتهجير والتطهير العرقي ، بحق ابناء شعبنا الفلسطيني ، وسط ارتقاء الاف الشهداء واصابة عشرات الالاف ، اضافة للمفقودين والنازحين واللاجئين والمختطفين الفلسطينيين والمعتقلين، الذين يمارس الاحتلال بحقهم أبشع جرائم التعذيب والقتل الانتقامي .
هذا اليوم يحتم على العالم اجمع ان يقف عند مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية ، لتقديم اكبر حالة من التضامن مع شعبنا وقضيته العادلة وحقوقه المشروعة ، وتجريم ممارسات الاحتلال وانتهاكاته الجسيمة ضد ابناء شعبنا وضد طواقم العمل الإنساني نفسها في غزة ، وذلك من اجل الضغط على الاحتلال لوقف عدوانه المتواصل منذ السابع من اكتوبر ، وبالتالي توفير الاجواء المناسبة لعودة مؤسسات ووكالات العمل الإنساني والخيري والصحي للعمل ، وتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه توفير الحماية ، وتقديم الدعم والإسناد لشعبنا في كل مناطق وجوده ، وخصوصا في غزة ..
العمل الإنساني المخصص لتوفير المأوى والملجأ والطعام والماء والرعاية الصحية والحماية والتغلب على الكوارث الصحية والمجاعة والنزوح وغيرها الكثير ، هي ظواهر متفشية ومنتشرة في قطاع غزة ، ومن هنا فالمطلوب رفع وتيرة ودرجة المساعدة والمؤازرة في القطاع ، وتسهيل عمل هذه الوكالات والمنظمات ، لكن اليد الفلسطينية الواحدة لمواطني القطاع والتي تحتاج ليد اخرى تساعدها وتقف بجوارها وتساندها ، قطعها الاحتلال ومنعها من المساعدة وقتل العشرات من اصحابها ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ، كم من الايام يجب ان تدرج الامم المتحدة على رزنامتها السنوية ، كأيام للتضامن والمؤازرة والتعاضد مع الشعب الفلسطيني ، وهو يواجه المآسي والصعاب ؟ .
باعتقادنا ان الرزنامة لن تتسع ، نظرا لكثافة الاحداث والمناسبات والتواريخ التراجيدية ، التي قتل فيها الاحتلال كل ايام وساعات ودقائق ولحظات حياة شعبنا ، اضافة لقتل عشرات العاملين من الوكالات والهيئات الإنسانية ، والمطلوب في اليوم العالمي الإنساني الوقوف بجانب شعبنا الفلسطيني ، وفي كل ايام السنة التي يحتاج شعبنا فيها لمساعدات إنسانية كبيرة ، بدلا من ادعاء الديمقراطية والإنسانية في الزيارات الدبلوماسية وجهود المفاوضات واتصالات الدول العالمية ، وجميعها تتجاهل حقيقة مأساوية تخص اوضاع شعبنا ، وهمها فقط حفنة من المحتجزين الإسرائيليين والسعي لإطلاق سراحهم تحت بند الإنسانية !!
شارك برأيك
يد واحدة لا تصفق ويد مؤازرة تقطعها إسرائيل