بينما تأخذ حرب الإبادة في غزة أشكالاً جديدة من الترويع والتجويع، وقطع الكهرباء عن آخر محطات التنقية المزودة لمياه الشرب، بالتزامن مع وقف إمدادات الوقود للمخابز والمستشفيات، فإن حرباً لا تقل شراسة وتوحّشاً، تتوالى فصولها في مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة، ويمارس فيها جيش الاحتلال وجيش المستوطنين تقاسماً وظيفيّاً في الأدوار والعدوان.
فبينما يقتحم الأول المخيمات، ويُعمِل فيها قتلاً وهدماً وتهجيراً لسكانها، ويشق شوارع عريضة على أنقاض البيوت والمباني والممتلكات فيها، فإن جيش المستوطنين يقوم بعمليات السطو ومهاجمة الآمنين من سكان القرى في منازلهم، والبدو في مضاربهم، فيسرقون ويحرقون ويصادرون كل ما يقع تحت أيديهم من أراضٍ وأموالٍ وحليّ ومواشٍ، يسوقونها بالمئات كغنائم اغتنموها من أصحابها الفقراء.
إنها التطبيق العملي لخطة الحسم، بثلاثية القتل والحرق والمحو، والتي تجري أمام عدسات الإعلام في عالم يبتلع لسانه، إلا من بيانات خجولة تحمل الإدانة دون أن تغير شيئاً من الواقع المتفاقم من المعاناة اليومية التي يكابدها الضحايا، بينما تنذر الأوضاع بالتدهور والتطور نحو الأخطر والأسواً، في ضوء إطلاق كاتس يد المستوطنين، كي يفعلوا في الضفة ما فعله الجيش في قطاع غزة.
قبل أيام، نشر أحد المستوطنين مقطع فيديو يظهر فيها مئات الشبان والأطفال في إحدى قرى الشمال وهم مكبّلون. ويقول المستوطن إن هذا العمل يجري لغرض الإذلال والتنكيل بالشباب ولا علاقة له بالأمن؛ فقط الإذلال والتنكيل، وترك الضحايا يفكّون قيودهم بأسنانهم بعد أن يشفي الجنود غليلهم بحفلة التنكيل التي أقاموها لإذلالهم، وهي الحملة التي تشهدها العديد من القرى والبلدات صباح مساء.
سؤال المصير ولا شيء آخر غيره، هو الذي ينبغي أن يشغل اهتمام كل الحريصين على ما تبقّى من نثار وطن يبتلعه غول الاستيطان، ويتهدد أبناءه خطر التهجير.
شارك برأيك
ماذا يجري في الضفة !