منذ البداية ونحن نؤكد أنه لا مجال أمامنا كفلسطينين إلا الوحدة الوطنية الشاملة، خاصة منذ بداية هذا العدوان الشامل على شعبنا وقضيتنا.
وكنا نؤكد دوماً ضرورة أن تضم منظمة التحرير الفلسطينية كافة التنظيمات الفلسطينية بصفتها إطاراً وطنياً جامعاً للكل وممثلاً وحيداً لشعبنا وتحظى بالاعتراف الدولي، مع علمنا أن المنظمة بحاجة لتحديد هياكلها وأطرها الداخلية لمرور سنوات طويلة دون تجديد وتطوير وتفعيل هذه الأطر.
خطورة الوضع الداخلي الفلسطيني ازدادت بعد عدم تطبيق وترسيخ الوحدة الوطنية من خلال التفاهمات والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها هنا وهناك، وكل طرف للأسف يحمل الآخر مسؤولية التنصل وعدم تطبيق ما تم التوافق عليه سواء في القاهره أو الصين أو غيرهما، حتى سئمت منا الدول والعواصم التي يتم توقيع هذه الاتفاقيات على أرضها.
منذ بدء مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزه دعونا أكثر من مرة لضرورة تشكيل وفد فلسطيني موحد من الكل الفلسطيني، في الحد الأدنى بعد عجزنا في تطبيق الوحدة الوطنية الشاملة، وذلك لنكون موحدين في وجهة النظر ويكون موقفنا التفاوضي أقوى وأن يكون الوفد مغطى من الناحية الشرعية والمقبولية أمام العالم، وكذلك لتكون المفاوضات شاملة لكل الجغرافيا الفلسطينية، في الضفة وغزه، وليكن أساس التفاوض على جذور الصراع وهو الاحتلال إلاسرائيلي وإعطاء حق تقرير المصير لشعبنا وتجسيد الاعتراف الأممي والقانوني في الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
للاسف رغم ما مارسه الاحتلال من عدوان وإبادة جماعية وتطهير عرقي.. إلخ، ورغم سقوط عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى واعتقال عشرات الآلاف من شعبنا، والقيام بتدمير ممنهج للقطاع، والآن انتقل للضفه الغربية، ورغم اتضاح المؤمرات التي تحاك لتهجير شعبنا وشطب قضيتنا، إلا أن ذلك لم يحرك أيضاً أصحاب القرار هنا وهناك للاستجابة لهذه الدماء الطاهرة الزكية والإعلان عن قيام الوحدة الوطنية الفلسطينية الشاملة.
لذلك استغل المحتل الإسرائيلي هذا الانقسام، كما استغله وعززه منذ أن بدأ، وتوحش في عدوانه العسكري والسياسي، وبات يتصرف دون أن يهمه أي اعتبار أخلاقي أو سياسي أو قانوني أو شرعية دولية، مستغلاً ضعفنا وهواننا وقلة حيلتنا بل واتهامات بعضنا لبعض، وانشغالنا بتحميل المسؤولية لبعضنا وتناسينا الاحتلال وعدوانه، ومحاولات شطبنا كشعب عن الوجود وعن الخارطة السياسية.
ضمن هذا الصراع الداخلي أصبحنا نقدم وربما نتسابق لتقديم أوراق اعتمادنا لهذا الطرف أو ذاك، ونحن مشتتين ومنقسمين، وبالتالي تم استغلال هذا التشتت والانقسام ، في إضعاف موقفنا التفاوضي، وحتى باتت الأطراف تتجرأ على الضغط علينا لتقديم تنازلات فبات للأسف التفاوض يتم على وقف العدوان عن قطاع غزة دون الضفه والقدس، وعن إدخال مساعدات إنسانية، وبتنا نطالب بالتفاوض على إدارة محدودة لقطاع غزه وحده..إلخ، فتمت تجزئتنا في الجغرافيا الطبيعية والسياسية حتى وصلنا لما نحن عليه، وإنجازنا الوحيد هو إطلاق سراح المئات من الأسرى الأبطال والذين تم إبعاد الجزء الأهم منهم من أصحاب المؤبدات إلى المنفى خارج فلسطين.
الآن رجعنا لمربع الاتهامات المتبادلة والذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام والتشتت وإضعاف الموقف الفلسطيني، ولن يؤدي إلى أي فائده ترجى، ولن يستطيع أي طرف تحقيق هدفه بإنهاء دور الطرف الآخر مهما بلغت شدة الاتهامات وقوة البيانات وحجج المتحدثين والناطقين والنشطاء من هنا وهناك، بل سيزيد من ضعف الأطراف جميعاً، ويعطي قوه وحجه للعدو لمواصلة عدوانه بحق شعبنا وقضيتنا.
الأخطر أن كل ذلك ذلك يتم أمام مرآى ومسمع المؤسسات الوطنية من مجتمع مدني والمؤسسات القانونية والاجتماعية والنقابات المهنية وباقي الأطر الشعبية والنقابيّة والجامعات دون أن تحرك ساكناً، ودون أن يكون لها دور في إبداء رأي أو تحريك المجتمع للضغط على كل الأطراف المعطلة للوحدة الوطنية الشاملة، وكأن الأمر لا يعني كل هذه الأطر، والتي هي أيضاً دخلت في تبعات ومآلات هذا الانقسام البغيض.
وأخيراً ، علينا أن نقتنع بأنه بدون وحدة وطنية شاملة وقوية لن نستطيع إحداث أي اختراق في مستقبلنا ومستقبل قضيتنا وشعبنا. علينا أن نقتنع بأنه لا يمكن لطرف فلسطيني أن يلغي طرفاً فلسطينياً آخر، ولا دوره ولا تمثيله الشعبي. علينا أن نقتنع بأن انقسامنا سيطيل عمر هذا الاحتلال، ويزيده قوة في تحقيق أهدافه. علينا أن نقتنع بأن لا شرعية ولا مشروعية تتحقق من خلال تقديم أوراق اعتمادنا لهذا الطرف أو ذاك إلا أمام شعبنا صاحب، وأصل كل الشرعيات.
شارك برأيك
الوحدة الوطنية الشاملة هي الحل الأوحد لكل مشاكلنا