تبدأ في قطر يوم الاثنين جولة جديدة من محادثات تثبيت الهدنة في قطاع غزة ومساعي حلحلة التعثر حول اتفاق وقف إطلاق النار المستمر منذ مطلع مارس (آذار) الحالي، دون حسم خيار دخول المرحلة الثانية من «الصفقة» أو تمديدها، وسط اتهامات من طرفي الأزمة بعرقلتها.
تأتي تلك الجولة قبيل يوم واحد من وصول مبعوث واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة، في تطورات تحمل، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فرصاً أكبر لتمديد الهدنة، وتأجيل المرحلة الثانية المعطلة، خصوصاً مع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلك الخطوة التي يرى أنها ستؤثر على حكومته.
وتوقع الخبراء أن تعزز مشاركة المسؤول الأميركي من فرص نجاح تلك الفرصة.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، مطلع مارس الحالي، بالإفراج عن 33 رهينة، بينهم 8 قتلى، و1800 أسير فلسطيني، رفضت «حماس»، وفق بيان صادر عن مكتب نتنياهو، قبول «إطار ويتكوف» الذي يمتد نحو 50 يوماً ويتضمن الإفراج عن نصف الرهائن الأحياء والأموات باليوم الأول لاستمرار المحادثات، بينما وافقت عليه إسرائيل بحسب البيان.
ومن المتوقع، وفقاً لموقع «أكسيوس» الأميركي، أن يسافر ويتكوف إلى الدوحة يوم الثلاثاء في محاولة للتوسط لاتفاق جديد، على أن ينضم للوسطاء من مصر وقطر غداة بدء مفاوضين من إسرائيل و«حماس» محادثات غير مباشرة؛ بينما أعلن مكتب نتنياهو في بيان صدر الأحد أن إسرائيل سترسل وفداً إلى قطر لـ«دفع المفاوضات».
وتسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاتفاق يؤدي إلى إطلاق سراح جميع الأسرى الباقين، ويمدد وقف إطلاق النار إلى ما بعد شهر رمضان وعيد الفصح، وربما يؤدي إلى هدنة طويلة المدى يمكن أن تنهي الحرب، وفق «أكسيوس».
من جانبها، أكدت «حماس»، يوم الأحد، في بيان، أن وفداً من قيادتها، برئاسة رئيس المجلس القيادي للحركة، محمد درويش، التقى، في القاهرة، برئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، حسن رشاد، وبحث الجانبان مجريات تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى في مراحله المختلفة «بروح إيجابية»، وسط تأكيد الحركة على ضرورة الالتزام بكل بنود الاتفاق والذهاب الفوري لمفاوضات المرحلة الثانية وفتح المعابر وإعادة دخول المواد الإغاثية للقطاع دون قيد أو شرط.
وبتقديرات المحلل المختص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، فإن مشاركة ويتكوف «تحمل فرصة لتفادي تعثر الاتفاق»، ويتوقع أن تذهب جولة الدوحة في كل الأحوال لتمديد المرحلة الأولى، وليس الذهاب لمرحلة ثانية قد تقبل فيها «حماس» تنازلات تتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن مقابل إفراج إسرائيل عن بعض الفلسطينيين المحكوم عليهم بأحكام كبيرة.
ويقول المحلل السياسي الفلسطيني المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون: «الاحتلال الإسرائيلي يبدو أنه أُرغم على الذهاب إلى مفاوضات المرحلة الثانية، لكنه يضع عقبات تعرقل المضي قدماً نحوها، لذا هناك ترقب لنتائج جولة الدوحة» التي سيشارك فيها ويتكوف.
تأتي «جولة الدوحة» بعد محادثات بالقاهرة شملت موافقة «حماس» على تشكيل «لجنة الإسناد المجتمعي» من شخصيات وطنية مستقلة لإدارة قطاع غزة لحين إجراء الانتخابات العامة على كل مستوياتها الوطنية والرئاسية والتشريعية، وفق بيان للحركة، الأحد.
فيما نقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» يوم الأحد عن مصدر سياسي قوله إن خطة ويتكوف التي وافقت عليها إسرائيل «ستكون نقطة البداية للمحادثات على أن تبدي إسرائيل مرونة إذا تطورت المحادثات بشكل إيجابي».
ولا تحمل موافقة «حماس» على «لجنة الإسناد» تأكيدات بأنها ستطبَّق، خصوصاً أن إسرائيل لن توافق بسهولة وستضع شروطاً، بحسب تقديرات عكاشة، لافتاً إلى أن جهود القاهرة والدوحة ستستمر في اتجاه بقاء الاتفاق، حتى إذا تقرر تنفيذه على مراحل أو تمديده لفترات، خصوصاً أن الوصول لتسوية نهائية والاتفاق على الوضع في اليوم التالي للحرب لا يبدو قريباً، نظراً «للعراقيل الإسرائيلية الحالية وعدم قدرة (حماس) على فرض شيء في ظل ضعفها الحالي».
بالمقابل، يعتقد المدهون أن «الاحتلال، بعد الحوار المباشر بين الولايات المتحدة و(حماس)، شعر بالقلق، وتعرَّض لضغوط دفعته إلى التفاوض لاستكمال المرحلة الثانية»، مشيراً إلى أن «حماس» بموافقتها على إنشاء «لجنة الإسناد المجتمعي» تؤكد أنها معنية بإنهاء الحرب، وتعمل على طمأنة الولايات المتحدة، وتحرص على تعزيز علاقاتها مع القاهرة والدوحة والعواصم العربية الأخرى.
ويتوقع المدهون ثلاثة احتمالات لهذه المفاوضات: أولها فشل المفاوضات لعدم جاهزية إسرائيل لتقديم أي تنازل جديد وذهابها إلى طاولة المفاوضات مضطرة، بجانب احتمال ثانٍ يشمل اتفاقاً جزئياً يتضمن التوصل إلى مرحلة ثانية محدودة تضم صفقة تبادل تُفرج فيها إسرائيل عن نصف أو ثلث الأسرى، دون أن تكون صفقة شاملة، وذلك مقابل تنفيذ انسحابات جزئية من غزة، وتسهيل حركة السفر، وتعزيز البروتوكول الإنساني، وزيادة إدخال المواد إلى القطاع، والإشراف على مشاريع حيوية مثل الكهرباء والمياه وبناء المستشفيات.
أما الاحتمال الثالث فهو التوصل «لاتفاق شامل».
شارك برأيك
هدنة غزة: الاتفاق المتعثر بانتظار نتائج جولة الدوحة