أقلام وأراء

الخميس 25 يوليو 2024 11:03 صباحًا - بتوقيت القدس

المصالحة.. ألم يحن الوقت لإنتهاء الملهاة؟

تلخيص

المصالحة.. ألم يحن الوقت لإنتهاء الملهاة؟

زياد ابحيص


يؤرَّخ لمصطلح "الانقسام الفلسطيني" انطلاقاً من فوز حركة حـماس في الانتخابات الفلسطينية في ينابر 2006، رغم أن الانقسام الفلسطيني على البرنامج السياسي بدأ قبل هذا التاريخ بكثير. خلال هذه المدة البالغة 19 عاماً انعقدت 23 جولة مصالحة أساسية ما بين رام الله وغزة ومكة وصنعاء والقاهرة ودمشق والدوحة والجزائر وموسكو وبكين، اتُّفق خلالها 4 مرات على انتخابات تشريعية ورئاسية فلسطينية كان يفترض أن تتم في 1-2010 ثم في 2012 ثم في 10-2014 ثم في 5-2021، ولم تتم أي منها عملياً.

بدراسة الملابسات التاريخية التي أحاطت بهذه الجولات فيمكن القول بأنها كانت مدفوعة بثلاثة أسباب رئيسة:

الأول، حاجة قيادة السلطة الفلسطينية إلى تدعيم موقفها الشعبي أو تدعيم موقفها في مواجهة ضغوط خارجية، وهذا كان واضحاً في وثيقة الأسرى 2006 عقب خسارة الانتخابات، ومحادثات القاهرة 2009 عقب حرب غزة الأولى، وفي محادثات القاهرة 2012 عقب حرب غزة الثانية، وفي 9-2014 عقب حرب غزة الثالثة، وفي حوارات 2020 في مواجهة صفقة القرن ثم في اجتماع الأمناء العامين في 9-2020، أي أنه كان دافعاً أساسياً لقيادة السلطة في 6 جولات محادثات خمس منها كانت بعد حروب أو نتيجة تهديد خارجي.

الثاني، حاجة حـركة حماس إلى تخفيف وطأة الحصار الدولي عليها أو تخفيف وطأة التعطيل أو الملاحقة التي تمارسها قيادة السلطة وأجهزتها، وهذا كان حاضراً في اتفاق حكومة الوحدة الوطنية 9-2006 وفي اتفاق مكة 2-2007 وفي إعلان صنعاء 3-2008 واتفاق الشاطئ 4-2014 واتفاق القاهرة 10-2017، وجولتي المصالحة في 2020 وهو حاضر بعد طوفان الأقصى في محادثات موسكو 2-2024 وبكين 2024، أي أنه كان دافعاً أساسياً لحركة حماس في 9 من جولات المصالحة.

الثالث، لاعتبار سياسي عند البلد المضيف: وهذا كان حاضراً في جولة موسكو 2019 حيث أرادت روسيا تكريس حضورها ونفوذها في مواجهة محاولة ترامب لترسم المنطقة وفق رؤيته، وفي محادثات الجزائر 2022 حيث كانت استضافة جولة المصالحة حاجة سياسية للسلطة الجديدة المنتخبة، أي أن هذا الاعتبار كان دافعاً أساسياً في اثنتين من جولات المصالحة.

مع بقاء الاعتبارات الثلاثة حاضرة بنسب متفاوتة في جميع الجولات، لكن ما يقرر جعله أساسياً هو أن يكون السبب الفعلي لانعقاد الجولة المقصودة.

السمة العامة لنتائج الجولات أنها كانت تخرج باتفاقات حول تحديد موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية في السلطة (4 مرات)، أو لتسليم الصلاحيات الأمنية على المعابر في غزة، أو تسليم الصلاحيات الإدارية فيها لقيادة السلطة (4 مرات)، أو تشكيل حكومة وحدة وطنية للسلطة (مرتين)، أو على تشكيل إطار قيادي مؤقت، بديلاً عن إصلاح منظمة التحرير (مرة واحدة) أو على انعقاد اجتماع الأمناء العامين (مرة واحدة).

في المحصلة كانت السلطة وهيكلها السياسي والأمني والإداري موضوع الاتفاق المعلن في 10 حالات، وكانت الحالة القيادية الفلسطينية في الإجمال موضوع الاتفاق في مرتين فقط، ولم تكن استراتيجية إدارة الصراع مع الاحتلال محل نقاش سوى لمرة واحدة فقط في اجتماع الأمناء العامين ضمن الكلمات ودون الوصول إلى أي اتفاقٍ بشأنها حتى فيما يتعلق بالمقاومة الشعبية باعتبارها الحد الأدنى المتفق عليه.


باختصار، تمكنت قيادة السلطة - مستفيدة من الاعتراف الدولي المشروط- في حصر الصراع في بعده السلطوي في عشر من هذه الجولات، فكانت هذه الجولات في المحصلة تصب في خانة تعويمها سياسياً وإخراجها من المآزق الداخلية خصوصاً بعد الحروب والمواجهات التي تكون فيها عملياً خارج التفاوض على وقف إطلاق النار، كما أنها تعيد إنتاج الخلاف بالشكل المفضل لقيادة السلطة باعتباره صراعاً على السلطة ومكتسباتها وليس خلافاً على النهج في مواجهة الاحتلال.


في المقابل تمكنت حماس من إدخال موضوع قيادة الشعب الفلسطيني بالإجمال مرتين فقط إلى نتائج جولات التفاوض، ولم تنجح في فرض اتفاق حول الخيار الاستراتيجي في مواجهة المحتل ولا مرة، رغم أنه الموضوع الفعلي والمركزي للانقسام الفلسطيني الذي يبدأ التاريخ الحقيقي له من وثيقة النقاط العشر وتبني فكرة المرحلية كمقدمة للتفاوض في عام 1974.


ما تمكنت حماس من الحصول عليه بعد جولات التفاوض في أحسن الأحوال كان كسباً لفسحة من الوقت بعد كل جولة تخف فيها أعباء الحصار الخارجي، كما حصل بشكلٍ ملحوظ في 5 من جولات المصالحة، أو تخفيف لوطأة ملاحقة السلطة لأعضائها في الضفة الغربية كما حصل في 5 جولات كذلك.


باختصار كانت المصالحة وسيلة للتعويم السياسي واستعادة المشروعية والدور من جهة قيادة السلطة، وتكتيكاً لتخفيف الحصار الدولي والملاحقة الأمنية من جهة حركة حماس؛ لكن السؤال الذي كان يتكرر مع كل جولة من الجولات التي زادت عن 23 على مدى 19 عاماً هو إلى متى تستمر هذه الدوامة العبثية؟ واليوم وبعد طوفان الأقصى ألم يحن الوقت للخروج من خيارات التكتيك وتبني خط استراتيجي يعيد الاعتبار للمقاومة بوصفها الخيار الاستراتيجي الوحيد الذي ينبغي أن تعرف الوحدة على أساسه؟


كانت المصالحة وسيلة للتعويم السياسي واستعادة المشروعية والدور من جهة قيادة السلطة، وتكتيكاً لتخفيف الحصار الدولي والملاحقة الأمنية من جهة حركة حماس.

دلالات

شارك برأيك

المصالحة.. ألم يحن الوقت لإنتهاء الملهاة؟

المزيد في أقلام وأراء

إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع

حديث القدس

اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟

سماح خليفة

حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة

سري القدوة

لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة

راسم عبيدات

حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟

علاء كنعان

ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟

د. أسعد عبد الرحمن

التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن

جواد العناني

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%0

%0

(مجموع المصوتين 0)