Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الجمعة 24 مايو 2024 9:05 صباحًا - بتوقيت القدس

هذه الهستيريا الإسرائيلية

تلخيص


أخيراً، بعد مضيّ أشهر عديدة على حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين في غزّة، أعلن المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنّه طلب من المحكمة إصدار مذكّرات اعتقال في حقّ كلّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، وحمّلهما "المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التالية، التي ارتُكبت على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزّة) اعتباراً من الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2023". وطلب خان أيضاً إصدار مذكّرات اعتقال في حقّ كلّ من يحيى السنوار، ومحمد ضيف، وإسماعيل هنيّة، من حركة حماس.

جاء إعلان المدّعي العام، حسب بيانه، بناءً على أدلّةٍ جمعتها المحكمة، وخلصت فيها إلى أنّ مسؤولين إسرائيليين حَرَموا، بشكل مُمنهج، فلسطينيين أساسيات الحياة، وأنّ كلّاً من نتنياهو وغالانت، متواطئان في الأوامر بشأن الحرب على غزّة، والتسبّب في المعاناة والتجويع للمدنيين، ومتّهمان بارتكاب جرائم تشمل "التجويع" و"القتل العمد" و"الإبادة والقتل". فور إعلان خان، سادت حالة من الهستيريا والهلع بين صفوف المسؤولين الإسرائيليين، وهاجموا المحكمةَ ورئيسَها، فوصف الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، طلب المدّعي العام للمحكمة بأنّه "أكثر من شائن"، فيما سارع نتنياهو إلى وصف طلب المدّعي العام بالفضيحة، وجمع تواقيع أعضاء حزب الليكود على عريضة ضدّه. أمّا وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فقد أعلن تشكيل "غرفة حرب خاصة" لمواجهة تحرّك المحكمة الجنائية الدولية. وبدوره، اعتبر عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، طلبَ المدّعي العام للمحكمة بأنّه "أعمى أخلاقياً". كذلك طالب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بتجاهل "المدّعي العام المعادي للسامية، وتصعيد الهجوم على حماس، حتّى يتم القضاء عليها"، أمّا زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، فندّد بإعلان مدّعي المحكمة الجنائية الدولية، ووصفه بالكارثي.

امتدّت الهستيريا إلى حلفاء إسرائيل، وخصوصاً في الولايات المتّحدة وبريطانيا، فوصف الرئيس الأميركي طلب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال في حقّ نتنياهو وغالانت بـ"الأمر "الشائن"، فيما أكّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أنّ بلاده ترفض إعلان المدّعي العام بشأن إسرائيل و"حماس"، معتبراً أنّه لا سلطة قضائية للمحكمة الجنائية الدولية على إسرائيل، وأنّ مساواة المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بين إسرائيل و"حماس" أمر مُخزٍ، وادّعى أنّ القرار يقوّض جهود التوصّل إلى اتفاق تبادل ووقفٍ لإطلاق النار في غزّة (!) ومن جهته، اعتبر مُتحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أنّ قرار المدّعي العام للمحكمة الجنائية "غير مفيد".

سبق لنتنياهو أن قال إنّ قرارات المحكمة لن تُؤثّر بتصرفات إسرائيل، لكنّها "ستشكّل سابقة خطيرة"، وعقد اجتماعات استباقية مع مستشاريه أعضاء حكومة الحرب التي يرأسها، في الأسابيع القليلة الماضية، تحسّباً لإصدار المحكمة مذكّرات اعتقال ضدّه، ومن أجل اتخاذ خطوات لازمة لمنع إصدارها، والتصدّي لها في حال صدورها، طالب الإدارة الأميركية بالضغط على المحكمة، ومدّعيها العام، من أجل منع ذلك، كذلك طالب ألمانيا وفرنسا بالتدخّل، والضغط أيضاً على المحكمة الدولية. وبعدها بدأت إسرائيل شنّ حملة سياسية ودبلوماسية مكثّفة للضغط على المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لحثّه على عدم استصدار أوامر اعتقال ضدّ قيادات إسرائيلية، لكنّ الحملة الإسرائيلية لم تُجدِ نفعاً هذه المرّة.

بالقياس إلى مذكّرات سابقة، فإنّ صدور مذكّرات اعتقال في حقّ نتنياهو وغالانت قد تستغرق أسبوعين، لكنّ المُهمّ أنّ صدورها يعني نهاية الإفلات من المسؤولية والعقاب بالنسبة إلى المسؤولين الإسرائيليين، ولعلّ حالة الهيستيريا التي سادت في إسرائيل، بعد بيان المدّعي العام للمحكمة، تظهر أهمّية إعلانه المطالبةَ بإصدار مذكّرات الاعتقال، وذلك رغم أنّ إسرائيل لا تكترث بما تصدره المؤسّسات الدولية والأممية من قرارات بشأنها، ولا تلقي بالاً للقانون الدولي، إضافة إلى أنّها لا تحترم قرارات الجمعية العامة، ولا قرارات مجلس الأمن، ولا قرارات محكمة العدل الدولية، خصوصاً تلك المتعلّقة بحرب الإبادة التي تشنّها على قطاع غزّة. ولعلّ صدور مذكّرات الاعتقال يعني أنّ إسرائيل ستكون في قفص الاتهام مرّة أخرى، بعد أن قامت دولة جنوب أفريقيا بجرّها إلى محكمة العدل الدولية، بتهمة ارتكاب جريمة إبادة جماعية ضدّ المدنيين في غزّة، وستوضع إسرائيل في حالة دفاع، وستجهّز فريقاً من المحامين للردّ على مذكّرات الاعتقال، التي ستصدرها المحكمة الجنائية الدولية، الأمر يسهم في إماطة اللثام عن الصورة التي حاولت كثيراً تسويقها، وتدّعي فيها أنّها الدولة "الديمقراطية" الوحيدة في المنطقة، في حين أنّ الاتهامات ومذكّرات الاعتقال تضعها في مكانها الصحيح، دولة تمارس جرائم دولية خطيرة.

ليس المُهمّ أن يُعزَل قادة الحرب في إسرائيل، بعد صدور مذكّرات الاعتقال في حقّهم، وأن تصبح إسرائيل سجناً لهم، بل المُهمّ أكثر، زيادة الغضب الدولي العارم ضدّ حربها على غزّة، خصوصاً الحراك المتواصل منذ أشهر في الجامعات الأميركية، الذي امتدّ إلى جامعات في أوروبا، وفي كندا وأستراليا، وسواهما، وبما يشكّل ضغطاً إضافياً على حلفاء إسرائيل من أجل دفعها إلى وقف الحرب.

المُستغرَب عدم اتهام المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قائد أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، لأنّه منخرط، بشكل مباشر، في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على الفلسطينيين في القطاع، وهو من يقرّر ويصدر الأوامر لتنفيذ عمليات الاقتحام والقصف والهجمات، فضلاً عن وجود قيادة موحّدة بشأن اتخاذ قرارات الحرب في إسرائيل. قد يكون من المرجّح أنّه تمّ الإعلان عن طلب مذكّرات اعتقال في حقّ ثلاثة من كبار قادة "حماس" بغية إظهار نوع من التوازن والحيادية، وهو أمر تعوّدته المؤسّسات الدولية والأممية، وتحاول تسويقه من باب التوازن في التعامل مع كلّ من إسرائيل وحركة حماس، إذ لم تصدر أغلب تلك المؤسّسات أيّ تقرير دولي إلا وأدان أطرافاً فلسطينية في مقابل إدانة إسرائيل، لكن من الناحية العملية، فإنّ الأهمية ستكون أكبر بشأن مذكّرات اعتقال نتنياهو وغالانت، ليس لأنّها ستضيّق عليهم حركاتهم وعلاقاتهم مباشرةً، وكذلك على مستقبلهم السياسي، بل لأنّها ستؤثّر بصورة إسرائيل، بما يزيد عزلتها على المستوى الدولي، وزيادة الإدانة الدولية للحرب، التي تخوضها على قطاع غزّة منذ ثمانية أشهر.

ليس المُهمّ أن يُعزَل قادة الحرب في إسرائيل، بعد صدور مذكّرات الاعتقال في حقّهم، وأن تصبح إسرائيل سجناً لهم، بل المُهمّ أكثر، زيادة الغضب الدولي العارم ضدّ حربها على غزّة، خصوصاً الحراك المتواصل منذ أشهر في الجامعات، وبما يشكّل ضغطاً إضافياً على حلفاء إسرائيل من أجل دفعها إلى وقف الحرب

دلالات

شارك برأيك

هذه الهستيريا الإسرائيلية

المزيد في أقلام وأراء

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)