Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 01 مايو 2024 9:34 صباحًا - بتوقيت القدس

أزرار التحكم... والسيطرة!

تلخيص

قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بسنة واحدة، وتحديداً في الشهر السادس من عام 1944، انعقد مؤتمر في فندق جبل واشنطن بمنطقة بريتون وودز في ولاية نيوهامشير بأميركا، حضر المؤتمر، الذي عُرف بعد ذلك تاريخياً، بـ«مؤتمر بريتون وودز»، 44 دولة. كان الهدف الأساسي من المؤتمر، بحسب ما أُعِلن وقتها، هو وضع خطة اقتصادية كبرى لوضع العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية يتضمن التعاون الاقتصادي الدولي وإعادة الإعمار، ونتج من هذا المؤتمر ولادة مؤسستين عملاقتين، هما «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي». وكان ذلك الأمر أولى لبنات لما عرف وقتها بالنظام العالمي الجديد.

والمؤسستان العملاقتان لا تخضعان للأسس الديمقراطية التي عُرفت عنها الدول الغربية المسيطرة على القرار فيهما، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية صاحبة القوة الأكبر نفوذاً وتأثيراً، فرئاسة كل مؤسسة منهما لا تتم بالانتخابات وإنما بالتعيين، وجرى العُرف أن يرأس البنك الدولي شخصية أميركية ويرأس صندوق النقد الدولي شخصية أوروبية، يتم اختيارهما بشكل أساسي من قِبل أميركا، وهناك شُح كبير في تطبيق الشفافية والحوكمة فيهما.

وعبر السنوات التي تلت بداياتهما لم يكن غريباً اكتشاف حالات كثيرة جداً؛ إذ تم توظيف قرارات المؤسستين لتتماشى مع توجهات سياسية محددة ومصالح استراتيجية معينة للمعسكر المسيطر على القرار فيهما.

فبات من المعتاد رؤية دول تنهار تحت ركام الديون وأعباء القروض ومهالك التضخم وتتحول دولاً منتهية الصلاحية وفاقدة السيطرة على قدراتها ومواردها، وهناك عدد كبير من الأمثلة لدول في أميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا يؤيد هذا الكلام بشكل أكيد وموثق.

وبالتالي، تم اعتبار هاتين المؤسستين إحدى أهم «الأسلحة الاستراتيجية» الموجودة في ترسانة الغرب، وأصبحتا إحدى أهم أدوات الغرب للتأثير والاستعمار الجديد بأكبر قدر من الفاعلية، وبأقل قدر من الأضرار.

يضاف إليهما القوة غير المسبوقة للعملة الأميركية (الدولار)، والتي تحولت مع الوقت عملة تجارة واستثمار وتحويلات العالم غير الرسمية، مما منح الولايات المتحدة الأميركية بعداً غير تقليدي لقوتها السياسية عن طريق بوابة المال، وهي بذلك تتفوق على النماذج الغربية التي سبقتها مثل الشركات الهولندية أو شركة الهند الشرقية التي كانت تتبع للتاج البريطاني.

كنت مؤخراً مع مصرفيّ عربي مرموق ومخضرم، عمل مع عمالقة الصيرفة العالمية، وكنا نتباحث في مختلف المواضيع السياسية والاقتصادية وكان تعليقه اللافت هو: «ما دامت أزرار التحكم والسيطرة في أيدي أميركا ستبقى هي القوى الأعظم»، وتوسع في شرح مقصده بقوله: «عندما أقدمت تركيا، وهي العضو في حلف الأطلسي بالتهديد على شراء الصواريخ الروسية كان الرد الأميركي هو إنهاك الاقتصاد التركي وتدمير الليرة، ووصلت الرسالة من دون إطلاق رصاصة واحدة، والشيء نفسه حدث مع الصين والتي كان صعودها ونموها الهائل يهدد الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة على العالم، فقامت برفع عنيف للفائدة مما كان ترجمته العملية عدم قدرة أسواق مستهلكي المنتجات الصينية من شراء احتياجاتها منها وانهيار الشركات العقارية الصينية نتاج ذلك، وبالتالي أصاب الصين ركود وتباطؤ اقتصادي لم تألفهما من قبل».

هناك كتاب مثير ومهم يوضح هذه المشاكل بشكل أدق، وهو «اعترافات قاتل اقتصادي» بقلم جون بيركنز... يمثل قتلة الاقتصاد مجموعة محترفة من الخبراء الذين يتقاضون أجوراً مرتفعة في مقابل خداع بهدف ابتزاز تريليونات من الدولارات. يوجِّه أولئك الـ«قتلة» الأموال من البنك الدولي، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى جانب مؤسسات إغاثة أجنبية أخرى، إلى خزائن وأرصدة حلقة ضيقة من كبريات الشركات التي تتحكم بمصير ثروات العالم. تشتمل أدوات أولئك القتلة على تقاريرَ مالية مزيفة، وانتخابات مزورة، ودفع الأموال، والابتزاز، والرذيلة، عدا عن القتل. إنهم يمارسون اللعبة القديمة، لكن مع أبعاد جديدة ومرعبة ضمن عصر العولمة. يكشف الكتاب عن جملة من المؤامرات الدولية في إقناع البلدان ذات الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة بقبول قروض ضخمة لتطوير البنى التحتية، والتأكد من التعاقد مع الشركات الأميركية على المشروعات المربحة. وبعد أن تمسي مثقلة بالديون الضخمة، تخضع هذه البلدان تحت سيطرة حكومة الولايات المتحدة والبنك الدولي ووكالات المعونة الأخرى التي تهيمن عليها الولايات المتحدة التي تملي شروط السداد وتهيمن على القرارات الحاسمة. بعد سقوط الاتحاد السوفياتي خطب الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب وقال كلمته الشهيرة إنه «يسعى لإيجاد نظام عالمي جديد» يقصد به العولمة، واليوم على ما يبدو أن العالم في حاجة ماسة أكثر من ذِي قبل إلى نظام عالمي جديد، فما دامت «أزرار التحكم والسيطرة» بيد فريق واحد سيبقى الوضع على ما هو عليه.

دلالات

شارك برأيك

أزرار التحكم... والسيطرة!

المزيد في أقلام وأراء

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)