أقلام وأراء

الخميس 29 فبراير 2024 10:02 صباحًا - بتوقيت القدس

انصياع للمطلب الأمريكي أم استجابة لدعوة المقاومة؟

استباق اجتماع القوى والفصائل في موسكو بايام ثلاثة لإعلان حل الحكومة، يمكن تفسيره باتجاهين: الأول، متفائل بأن حل الحكومة رسالة للمجتمعين بأن تفضلوا ها أنذا خطوت خطوة، فشكلوا الحكومة التي تريدون، وطنية، فصائلية، تكنوقراط.


واضح أن هذا السيناريو متفائل، أما السيناريو الآخر فيفترض ان حل الحكومة رسالة أيضا، ولكنها لجهتين، للأمريكيين وتابعيهم من الأنظمة العربية، تقول ها أنذا أنفذ ما طلبتم، وسأشكل الحكومة على المقاس الذي طرحتموه، حكومة تكنوقراط دون حماس، وللقوى والفصائل: اجتمعوا وقرروا ما شئتم، فلم يتغير شيء، قولوا ما تشاؤون وأفعل ما أشاء كما كان دائماً.


مسار التفاوض الفلسطيني لإنهاء الانقسام يزكّي السيناريو الأخير، فكم من اتفاقيات وُقعت، واجتماعات عُقدت، ولم يتغير شيء، فقيادة اوسلو ماضية في ذات النهج، الإلتزام بكل ما ترتب على اتفاقيات أوسلو، الأمنية والسياسية والاقتصادية. تقول الاتفاقيات ما تشاء وقيادة السلطة تفعل ما تشاء. الغريب ان هذا الإلتزام الفسطيني يقابله ليس فقط عدم تنفيذ الكيان لأي من التزاماته، بل إننا إذ نعيش مرحلة ابتدأها طوفان الأقصى، اتضحت فيها صورة ومعالم هذا الكيان، على الأقل لمن غشيت عينيه تاريخياً، كيان مجرم ينفذ حرب إبادة موصوفة، ويستخدم الجوع كسلاح، وهذا ما قاله صراحة وزير خارجيتهم كاتس، الذي أعلن استخدام المساعدات وسيلة ضغط.


ومع كل ذلك لم تُقدم قيادة أوسلو، وهي ذاتها قيادة المنظمة حتى لا نغرق في الأوهام، على ما يؤشر لأي تغيير في نهجها، وحتى في لحظة الإبادة، فعلى الأقل كان بإمكانها سحب الاعتراف بشرعية دولة الإبادة، الذي نصت عليه الرسائل المتبادلة بين رابين وعرفات، وإعلان صريح بوقف فعلي، لا إعلامي، للتنسيق الأمني، والكف عن ملاحقة المقاومين شمال الضفة.


ترتيبات أمريكية ودعوة من المقاومة

والترتيبات الأمريكية مع حلفائها العرب (لليوم التالي) معروفة ومعلنة، (إصلاح جذري) للسلطة لتكون مؤهلة للعب دورها المنوط بها، حكومة تكنوقراط، والتجهز لاستلام القطاع، وترتيبات لحل (الدولتين)، الدولة الديكور، حسب فهم بايدن، واندماج الكيان الكلي في المحيط العربي، لا التطبيع معه فحسب.


كل هذه الترتيبات وفق التصور الأمريكي، ولا يعتقدن أحد أن الأنظمة العربية الحليفة تختلف معه، وهذا يتم على قاعد افتراض هزيمة المقاومة على طريق ذبحها، وانقاذ الكيان من ورطة هزائمه المتتالية منذ 7 أوكتوبر.


وقيادة السلطة أعلنت منذ اليوم الأول لإعلان تلك الترتيبات أنها جاهزة للإنخراط فيها مشترطة أن تنتهي بـ(أفق سياسي) يقود لدولة فلسطينية. هل يتوقع احد ان السلطة وقيادتها في موقع مَنْ يضع شروطه؟ واهم مَنْ يعتقد ذلك، وذلك بافتراض حسن النوايا. لقد سارت على طريق أوسلو قبل ثلاثين عاماً وفق أفق يؤدي لـ (دولة فلسطينية)، وها نحن نرى أي (افق) أوصلتنا اليه، فهل نأخذ (افقها) الحالي على محمل الجد؟

ما يعزز ذلك أن سيناريو ما بعد حل الحكومة، يجري وفق الترتيبات الأمريكية، هو ذلك الرفض الذي جوبهت به قوى المقاومة من قبل قيادة السلطة وحركة فتح، لتشكيل قيادة وطنية موحدة للطواريء لقيادة اللحظة السياسية.


في 28/12/2023 اعلنت قوى المقاومة الخمس مبادرة يمكن اعتبارها (خارطة طريق) لبناء وحدة تستجيب لبطولة وصمود شعبنا ومقاومته، وتجابه وترد على كل السعي لترتيبات (اليوم التالي) الأمريكي على جثة المقاومة وقضيتنا الوطنية.


أعلنت القوى رفضها لكل ما يقال عن (مستقبل قطاع غزة، وتقديم حل وطني فلسطيني، يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تنبثق عن توافق وطني شامل وتضم كافة الأطراف). لقد ربطت الدعوة بين هذا التشكيل، وبين الوقف التام للعدوان والانسحاب الشامل من القطاع، لتقوم تلك الحكومة (بتوحيد المؤسسات الوطنية على الأراضي المحتلة في الضفة والقطاع، وتحمل مسؤولياتها في تبني المشاريع الهادفة إلى إعادة بناء ما دمره الغزو الوحشي). اي أن تشكيلها لاحق لوقف العدوان والإنسحاب الكامل من القطاع. أما تصورها لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني فلم يخرج عما يُطرح منذ سنوات وسنوات، ولا حياة لمن تنادي عند قيادة اوسلو، ولست من المتفائلين بتحققه، فهو (تطوير النظام السياسي الفلسطيني وتعزيزه، على أسس ديموقراطية، عبر الانتخابات العامة، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل).


إن رفض التعاطي مع تلك المبادرة/ الدعوة، يؤشر لمسار ما بعد حل الحكومة، الذي اختارته قيادة السلطة.

 وما يعزز هذا هو تلك الدعوة العامة لإضراب اليوم الخميس (التي يشاع دون تأكيد)، أنها تحمل موقف حركة فتح، خاصة وأن الدعوة تتم وفق شعار عن وحدة وطنية غير مشروطة.


أولاً: لنتفق ان قيادة أوسلو وحركة فتح هي مَنْ كانت تضع شروطاً على حماس لدمجها في المنظمة، لإخضاعها سياسياً، عبر مطالبتها بالموافقة على الاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير، اي أوسلو بكل إذلالاتها، وبإعلان قبولها بقرارات الشرعية الدولية.


تلك تاريخياً صيغة وحدة وطنية مشروطة.


على المقلب الآخر، هل يمكن فعلاً تحقيق وحدة وطنية غير مشروطة؟ بل هل من الصواب التوجه لوحدة وطنية غير مشروطة؟ هذه ستكون محض وصفة لإفشال اي اتفاقيات للوحدة، بالضبط كما جرى قبل ذلك في العديد من الاتفاقيات، وفي 3 اجتماعات في موسكو.


ألا يشترط في وحدة كهذه، في ظرف تاريخي جديد كهذا، أنتجه الطوفان وبطولة وصمود شعبنا في القطاع، أن تتضمن مثلاً إعادة النظر في كل نهج قيادة السلطة والمنظمة، الذي استشرى بعد أوسلو والحق الكوارث بالقضية الوطنية، نهج هو على النقيض من كل ما يجري على الأرض بعد 7 أكتوبر؟ هل يعقل مثلاً الحديث عن (وحدة وطنية) وطرف رئيس فيها يعترف بشرعية دولة الإبادة، وينسق معها أمنياً، ويرهن رغيف خبز شعبه لاتفاقيات اقتصادية معها؟


ان المتغيرات التاريخية التي أنتجتها معركة الطوفان عبر الصمود والبطولة غير المسبوقين، وبتقديم مئات آلاف الضحايا على مذبح الحرية، ينبغي استثمارها في تعزيز وحدة كفاحية مشروطة بفتح الطريق سياسياً لتحقيق هدف التحرير والعودة في السنوات القادمة، خاصة في ظل الانتفاضة الشعبية العالمية المؤيدة لحقوق شعبنا، والمنددة بالإبادة الصهيونية.


هذا الطريق لا يمكن فتحه وفق الموقف العشائري (عفى الله عما مضى)، خاصة وأن ما مضى، الحق ويلحق الكوارث بقضية شعبنا، بل بمراجعة ما مضى، ونقضه ونقده، وتقديم البديل الكفاحي له. بهذا فقط يمكن تحقيق التوافق والمواءمة بين بطولة المقاتلين في الميدان، والتحرك السياسي الفلسطيني لتحقيق منجزات سياسية وطنية.

دلالات

شارك برأيك

انصياع للمطلب الأمريكي أم استجابة لدعوة المقاومة؟

المزيد في أقلام وأراء

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أميركا إذ تقف عارية أمام المرآة

أسامة أبو ارشيد

إنكار النكبة

جيمس زغبي

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 212)

القدس حالة الطقس