أقلام وأراء
الخميس 01 فبراير 2024 11:08 صباحًا - بتوقيت القدس
وعد كاميرون
وأخيراً وبعد مائة وسبعة أعوام على الوعد المشؤوم لوزير خارجية بريطانيا اللورد آرثر بلفور بإنشاء وطن قوميٍ لليهود في فلسطين، قررت بريطانيا العظمى أن تنزل عن عرشها العاجي، وأن تزيح جدار الصد المتواصل، وأن تبوح بما أخفته لعقود طالت، بأن تقر بحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة، ولتعلن رسمياً وعلى لسان لورد آخر وهو وزير خارجيتها اللورد ديفيد كاميرون بأن بريطانيا تفكر بالاعتراف بدولة فلسطينية مع بقية الشركاء الدوليين والأمم المتحدة وتسعى لاتخاذ هكذا قرار.
ورغم أن تصريحات كاميرون في بداياتها جاءت قبل يومين أمام حشد عربي في لندن، إلا أنه عاد وكرر مباشرة تلك التصريحات في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية ال"بي بي سي"، وهو ما يؤكد على صدقية هذه التصريحات والنوايا، ويضحض فكرة البعض بأن الحديث في الاجتماع المذكور إنما جاء مندفعاً أو ممهوراً بشحنة من العاطفة أمام جمهور مؤازر لفلسطين وحق أهلها في الخلاص والحرية.
وعد كاميرون الجديد أعقب رفض بريطانيا الواضح لسيطرة إسرائيل على قطاع غزة بعد الحرب باعتباره والكلام لبريطانيا، أرضاً فلسطينية محتلة، وأن المستوطنات جميعها غير شرعية. كما أعقب هذا الوعد الجديد تصريح وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس والذي وصف فيها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي رفض فيها احتمال قيام دولة فلسطينية بأنها “مخيبة للآمال”، مؤكدا التزام المملكة المتحدة تجاه حل الدولتين.
صدمة مفيدة أحدثها كاميرون بعد سلسلة مواقف تتناقض والموقف التقليدي الفعلي لبريطانيا، وكأنها عكست ضيق لندن بعنصرية نتينياهو، وضعف بايدن، واستخفاف العالم بها لعقود تحولت معها إلى لاعب ثانوي ، مكسور بالإهمال، ومنصوب بالغياب، ومبني على التجاهل والتهميش.
هذا الوعد لا يشكل طلاقاً لبريطانيا مع ماضيها الاستعماري الأليم فحسب، وإنما إقراراً صريحاً بأن السكان الأصليين والذين وصفهم بلفور في وعده المشؤوم بالأقلية، قد أثبتوا أنهم لم يكونوا أقلية، بل أصحاب حق وعناد وصبر وإقدام غير مسبوق، وأنهم هم أصحاب الأرض الحقيقين الذين لم تغرهم المنافي ولا أموال الأرض، فلم يرتحلوا حيثما كان النعيم والحياة الرغيدة، بل فضلوا النضال من أجل استعادة حقهم وإقامة دولتهم وتحقيق العدالة المسلوبة، أما من غاب منهم فقد عاد لفلسطين، ومن طرد أو هاجر قسراً يبقى قلبه معتلاً بفعل البعد عن الوطن لكنه مصر على حقه وحق ذريته بالعودة.
تصريح كاميرون الرشيق والذي قال فيه بأن خطوة الاعتراف إنما ستأتي لتعزيز فرص السلام عبر خطوات حاسمة غير قابلة للتراجع، صنعت تاريخاً وأنعشت أملاً لدى شعبنا المكلوم بالحرية والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي الأطول في التاريخ البشري المعاصر.
لكن الأمل يكمن في أن لا يكون وعد كاميرون هذا كما وعده عام 2016م بإبقاء بريطانيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، معززاً ذلك باستفتاء شعبي مهيب اعتقد معه بأن بريطانيا ستدعم توجهه، ليفاجئ بضربة قاضية جرت معها الرياح بما لا تشتهي السفن، وليصوت الشعب مع خروج بريطانيا آنذاك، ولتخرج بريطانيا من أوروبا ويخرج كاميرون من مقر رئيس الوزراء المعروف ب "داونينغ ستريت"، خائباً مكسوراً، ولتأتي رياح جديدة أوصلت فيما أوصلت رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك إلى سدة الحكم.
إذا رئيس الوزراء السابق ووزير الخارجية اليوم اللورد كاميرون ليس كما كاميرون الماضي، وبريطانيا اليوم ليست كما بريطانيا الأمس إبان عهد اللورد بلفور! الظروف والقوة والتاريخ وحتى الجغرافيا تغيرت ومعهم تغيرت مراكز القوى ومصانع السياسة ومطابخ القرار.
الأهم بالنسبة لنا أن لا يكون الوعد الجديد محطة كاميرون الخائبة الثانية، بل أن يكون ممهوراً بالنجاح ومشفوعاً بجهد ماراثوني مهم يغلق الباب على حفنة المجانين في تل أبيب ويطوي عقوداً من النكران والجحود ويصنع تاريخاً مهماً.
هذا التاريخ سيراكم على مسيرة طويلة ومشرفة للشعب الفلسطيني، ومحطات نضالية عمدت بالدم والأسر والجرح والحرمان. فهل ينجح كاميرون في مهتمه الجديدة، الأيام بيننا!
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
"العمل": صرف دفعة مالية جديدة لمساعدة عمال غزة المتواجدين في الضفة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
وعد كاميرون