أقلام وأراء
الثّلاثاء 30 يناير 2024 10:30 صباحًا - بتوقيت القدس
متلازمة تقديم المشكلة بوصفها الحل
ينهمك الكثيرون في هذه الأيام في البحث عن إجابة لسؤال، ما هو شكل اليوم التالي للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟، ويحاول الكثير منهم اجترار الإجابة على هذا السؤال بالدوران في فلك تجارب عربية، ودولية وتصور أنماط حكم وأشكال قيادة، وإجراءات وترتيبات بالقفز على الواقع الجديد الذي خلقته أحداث السابع من أكتوبر، وما تلاها من عدوان لم يتوقف حتى هذه اللحظة.
وبظني أن الدوران في ذلك الفلك يؤسس لمجموعة من القفزات المتعالية على الواقع والمجافية لفهم جذور التفجير التي تراكمت عبر سنوات من انسداد الأفق السياسي، أولاها تقوض فكرة وحلم بناء دولة فلسطينية وفقاً للشرعية الدولية وتراجع الأمل المتعلق بذلك نتيجة لعدم جدية الحكومات الإسرائيلية التي تداول نتنياهو رئاستها بينه وبين نفسه على مدار عقود، رافضاً خلالها الانخراط في أي عملية سياسية تفضي الى ترجمة الشرعية الدولية على أرض الواقع، وما رافق ذلك من تساوق دولي غير محدود ضارباً بعرض الحائط كافة القرارات الدولية، والأممية ذات الشأن.
كما أن هذه الدورات تؤسس لفرضية أن الحرب القائمة هي حرب على قطاع غزة، وفي واقع الأمر فان أي منا لا يستطيع انكار أن أحد فصول هذه الحرب فقط، يقع في القطاع، وإنها لم تتوقف في الضفة الغربية بما فيها القدس منذ سنوات، وان كانت أقل حدة، وأقل وقعاً على مسامع العالم.
وأرى بان القفزة الكبيرة على الواقع، هي الاعتقاد بأن الانقسام الفلسطيني لم يترك اثاراً عميقة غيبت نصف الشعب عن نصفه الاخر، وأوجد مصائر مختلفة لكل من المكونين الفلسطينيين، وعطل المشاركة السياسية لمكونات تشكل ثلثي الشعب الفلسطيني بشكل كامل واحتكر الفعل السياسي على نخب محددة، منتجة تفكيكا لجمعانية الوجهة الفلسطينية وتصورات المصير والمستقبل المشترك.
لا زال الدائرون في مدار الاجترار يعانون من رهاب البحث في جوهر الموضوعات من حيث دوافعها وأسبابها والاستعاضة عنها بالبحث في عوارضها محاولين تقديم المشكلة بوصفه الحل، ويأتي في هذا الاطار اجترار سيناريو ما بعد الانتفاضة الثانية، وتلفيقه بوصفه حلاً لما بعد أحداث أكتوبر، الى حد اجترار ذات الأسماء، ومحاولة تلفيق حلول أمنية واقتصادية- على أهميتها- على احتياجات الاستقلال والدولة، واستبدال مطالب الاصلاح الفلسطينية بمطالب الإصلاح الأميركية وتقديمها على أنها من ذات المنبع.
انني لا أرى بداً من طرح الأسئلة الصعبة في الأوقات الصعبة بشأن الإصلاح الوطني الذي لا يجب التغافل عنه كمدخل للاستقلال والدولة، واستعادة وحدانية التمثيل، ويتمثل أولاها في اصلاح منظمة التحرير وتعزيز تمثيلها للفواعل الفلسطينية المختلفة، وتشبيب قيادتها، ومراجعة أدوات التمثيل فيها.
فيما يأتي سؤالي الاخر، في ظل فقدان معظم أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية مصادر دخلهم، ولم يثبت على أي موظف حكومي استلامه لراتبه كاملاً منذ سنوات، فيما لا يزال أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعانون من حصار امتد لحوالي عقدين من الزمن، توج بمذبحة لم يشهد لها التاريخ الحديث لها مثيلاً، يأتي سؤالي أي أحداث أكثر مما هو حاصل اليوم ومنذ ما يقارب الأربعة شهور، يستدعي تشكيل حكومة طوارئ من شأنها إدارة الشأن الفلسطيني استناداً الى المتغيرات الحالية، وتكون قادرة على التعامل مع متغيرات الواقع الاقتصادي والسياسي الفلسطيني؟
علاوة على ذلك، شهدنا على مدار الشهور الأربعة المنصرمة فاعلية كبيرة لعدد من السفراء، ممن استطاعوا التأثير في الرواية العالمية، وساهموا بشكل جدي في إعادة بلورة مكانة القضية الفلسطينية فيما تلا العدوان على قطاع غزة، وكان من بين صفاتهم المشتركة أنهم ينتمون لأجيال محدثِة في التمثيل الفلسطيني، غير أننا شهدنا تواري الغالبية العظمى منهم/ن عن الانظار، وقد يكون مرد ذلك اما لعدم قدرتهم/ن على جذب تلك الأنظار، او لعدم قدرتهم/ن على الصمود أمامها، وفي الحالتين فان السؤال المتعلق بفاعلية التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في العالم- الذي لم نشهد عليه تغييرا عضويا على مدار سنوات- يطرح نفسه ضمن قائمة من الأسئلة التي لا يمكن حصرها في هذا المقام.
من جهة أخرى وعلى صعيد المجتمعات المحلية، شهد المجتمع الفلسطيني اقالة لغالبية عظمى من المحافظين، الشيء الذي حظي بتقدير كبير، غير أن انتظار البدائل طال الى حد الطي، فهل لا زالت القيادة الفلسطينية عاجزة عن إيجاد البدائل أم انها خلصت بأن الأصيل، والبديل لا يشكلون أي فارق في هذه المعركة المحتدمة فغضت النظر عن شغور المناصب، أم أن متلازمة التأجيل صارت نمطاً في الفعل السياسي والإداري الفلسطيني؟
وبالعودة الى ما ذكر، فانني أعتقد ان سؤال اليوم التالي- للحرب على غزة- في غزة هو ليس السؤال الذي يجب ان يطرح، بل أن سؤال شكل اليوم التالي للحرب- على غزة- في فلسطين هو الأوجه.
*المدير العام للمؤسسة الفلسطينية للتمكين والتنمية المحلية
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
متلازمة تقديم المشكلة بوصفها الحل