أقلام وأراء
الأربعاء 10 يناير 2024 9:53 صباحًا - بتوقيت القدس
على أميركا مواجهة التطرف الإسرائيلي
أثار عضوان من اليمين المتطرف في مجلس الوزراء الإسرائيلي - وهما وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريش - ضجة دولية هذا الأسبوع بسبب دعوتهما إلى إخلاء قطاع غزة من السكان. وقال سموتريش، الذي دعا إلى إعادة توطين معظم المدنيين في غزة في بلدان أخرى: «إذا كان في غزة 100 ألف أو 200 ألف عربي، وليس مليونين، فإن محادثة (اليوم التالي) للحرب بأكملها ستبدو مختلفة». وقال بن غفير إن الحرب تمثل «فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة»، مما يسهل عملية الاستيطان الإسرائيلية في المنطقة.
انضمت إدارة بايدن إلى البلدان من جميع أنحاء العالم في إدانة هذا التأييد السافر للتطهير العرقي. ولكن من خلال القيام بذلك، تصرفت كما لو كانت استفزازات بن غفير وسموتريش تتعارض بشكل أساس مع النظرة العالمية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي لا تزال الولايات المتحدة تقدم له دعماً غير مشروط. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان نددت فيه بكلمات الوزيرين بوصفها «تحريضية وغير مسؤولة»: «لقد أبلغتنا حكومة إسرائيل مراراً وتكراراً وعلى الدوام، بما في ذلك رئيس الوزراء، بأن مثل هذه التصريحات لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية».
شكر النائب جيم ماكغفرن، الديمقراطي الذي دعا إلى وقف إطلاق النار، وزارة الخارجية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: «يجب أن يكون واضحاً أن أميركا لن تكتب شيكاً على بياض للنزوح الجماعي».
لكن الأمر ليس واضحاً، لأننا نكتب بالفعل شيكاً على بياض إلى حكومة يعد زعيمها أكثر خجلاً إلى حد ما من بن غفير وسموتريش حول نياته بالنسبة لغزة. وكما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، قال نتنياهو هذا الأسبوع إن الحكومة تدرس «سيناريو الاستسلام والترحيل» لسكان قطاع غزة. ووفقاً لمقال نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن «إعادة التوطين (الطوعي) للفلسطينيين من غزة أصبحت ببطء سياسة رسمية رئيسية للحكومة، حيث قال مسؤول كبير إنَّ إسرائيل أجرت محادثات مع كثير من البلدان لاستيعابهم المحتمل».
نفى البعض في الحكومة الإسرائيلية ذلك، لأسباب غير عملية في الغالب. وقال أحد المسؤولين، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، للصحافيين الإسرائيليين: «هذا وهم لا أساس له من الصحة، في رأيي: لن تستوعب أي دولة مليوني شخص، أو مليون شخص، أو 100 ألف، أو 5 آلاف». وأصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يواف غالانت، يوم الخميس، خطة اليوم التالي لانتهاء للحرب جاء فيها إنه - خلافاً لأحلام القوميين المتطرفين - لن تكون هناك مستوطنة إسرائيلية في غزة.
لكن مع تدميرها الواسع النطاق للبنية التحتية المدنية في غزة، بما في ذلك ما يقرب من 70 في المائة من مساكنها، فإن إسرائيل تجعل معظم غزة غير صالح للسكن في المستقبل المنظور. فالمرض منتشر في غزة، والجوع يكاد يكون في كل مكان، وتفيد تقارير الأمم المتحدة بأن معظم القطاع معرّض لخطر المجاعة. وفي خضم كل هذا الرعب، يدفع أعضاء حزب «الليكود» الذي يتزعمه نتنياهو - مثل داني دانون، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، وغيلا غامليل، وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية - باتجاه الهجرة بوصفها حلاً إنسانياً.
قالت غيلا غامليل في صحيفة «جيروساليم بوست»: «بدلاً من ضخ الأموال لإعادة بناء غزة أو للأونروا الفاشلة، وكالة الأمم المتحدة التي تعمل مع اللاجئين الفلسطينيين، يمكن للمجتمع الدولي المساعدة في تكاليف إعادة التوطين، ومساعدة سكان غزة على بناء حياة جديدة في البلدان الجديدة المضيفة لهم».
في الوقت الراهن، هذا مجرد خيال سقيم. ولكن مع تزايد معاناة غزة، قد يبدو أن نوعاً من الإجلاء هو الملاذ الأخير الضروري. على الأقل، هذا ما يبدو أن بعض المسؤولين الإسرائيليين البارزين يُعولون عليه.
بعد الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كان لإسرائيل ما يبررها في الرد؛ إذ كان بإمكان أي بلد أن يفعل ذلك. ولكن هناك فرق بين الحرب التي يريد أنصار إسرائيل الليبراليون أن يتظاهروا بأن إسرائيل تشنها في غزة، وبين الحرب التي تخوضها إسرائيل في الواقع هناك.
الديمقراطيون الأميركيون الموالون لإسرائيل يريدون دعم الحرب الهادفة لإخراج «حماس» من غزة. ولكن على نحو متزايد، يبدو الأمر وكأنَّ أميركا تتعهد بشن حرب لإخراج سكان غزة من غزة. يمكن للخبراء في القانون الدولي أن يناقشوا ما إذا كان التهجير القسري للفلسطينيين من غزة يمكن تصنيفه بأنه إبادة جماعية، كما ترى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، أو على أنه نوع أقل من جرائم الحرب. ولكن أياً كان ما تريد تسميته محاولات «التخفيف» من سكان غزة - كما وصفت صحيفة «إسرائيل هايوم» الناطقة بالعبرية اقتراح نتنياهو المزعوم - فإن الولايات المتحدة متورطة فيها. من خلال التصرف كما لو كان من الممكن فصل بن غفير وسموتريش عن الحكومة التي يخدمان فيها، يُعزز صُناع السياسات في الولايات المتحدة الإنكار حول طبيعة حكم نتنياهو. كثيراً ما يتحدث جو بايدن عن اجتماعه عام 1973 مع غولدا مائير، التي كانت آنذاك رئيسة للوزراء، ومثل الكثير من الصهاينة الأميركيين، تبدو وجهة نظره في إسرائيل عالقة في ذلك العصر أحياناً.
إذا نشأت في بيت صهيوني ليبرالي، كما كنتُ، فربما أنك سمعت هذا الاقتباس (ربما يكون ملفقاً) من حديث مائير: «عندما يأتي السلام ربما نتمكن في الوقت المناسب من مسامحة العرب على قتل أبنائنا، ولكن سيكون من الصعب علينا أن نغفر لهم لإجبارنا على قتل أبنائهم». هناك الكثير مما يمكن انتقاده في هذا الشعور - تقديره الذاتي، والطريقة التي يُصور بها إسرائيل بوصفها ضحية حتى عندما تباشر القتل؛ ومع ذلك، فإنَّ هذا على الأقل يشير إلى تناقض معذب حول ممارسة العنف. ولكن هذا الموقف، الذي يسميه الإسرائيليون أحياناً «إطلاق النار مع البكاء»، صار الآن عتيقاً للغاية مثل اشتراكية مائير الصهيونية، على الأقل بين قادة إسرائيل.
قال صديقي دانيال ليفي، وهو مفاوض إسرائيلي سابق مع الفلسطينيين، ويرأس الآن مشروع «الولايات المتحدة - الشرق الأوسط»، إنه من بين السياسيين الأميركيين والأوروبيين على حد سواء، هناك «رفض متعمد للأخذ على محمل الجد مدى تطرف هذه الحكومة - سواء قبل 7 أكتوبر أو بعده». إنني أميل لأن أقول إن بن غفير وسموتريش نطقا بالجزء الهادئ بصوت مرتفع، لكنهما في الحقيقة نطقا بالجزء الصاخب بصوت أكثر ارتفاعاً.
"الشرق الاوسط"
* خدمة «نيويورك تايمز»
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
على أميركا مواجهة التطرف الإسرائيلي