Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 15 نوفمبر 2023 6:11 مساءً - بتوقيت القدس

لا لحنَ لموتي قتيلا


 

إنّه يوم الاستقلال الفلسطيني. قال هازئًا بينما كُنتُ أحملُ فنجان قهوة عقدتُ عليه أملا كبيرًا كي أقتُل فيلا يصرخ في عروقي، أسقطته من يدي عمدًا، فتناثرت القوة على بنطاله النظيف وحذائه الأبيض، وفي اللحظة نفسها وبينما كانت تحتشدُ صرخته حنقًا لأجل حذائه، شتمت الاحتلال وأمه على هذه الحادثة.

 

صرخ في وجهي: أنت من أسقط القهوة وليس الاحتلال. فقلت ببرود شديد: بل الاحتلال. لو لم يكن موجودًا على أرضنا، لجاء مثل هذا اليوم محمولا بفخرنا وحديثنا عن المستقبل، ولما أُجبرتُ أن أسمع تعليقك السخيف، إنّه الاحتلال، وشيءٌ من حماقتك من أسقطا القهوة وهذا الصباح الدّامي.

 

تركته مُغتاظًا يمسح القهوة عن حذائه، وصوت المذيع عبر التلفاز ينتحبُ اقتحامَ مستشفى الشفاء في غزّة، بينما قفزت إلى مخيّلتي صورة تذكارية التقطها جنود الاحتلال بعد السيطرة على مقر المجلس التشريعي في غزة، الحمقى كان عليهم تأجيل هذه الصورة لمثل هذا اليوم، يوم إعلان وثيقة استقلالنا، هي صورة شبيهة لما حدث في العراق قبل عشرين عامًا بالضبط، و مُلائمة لهذا اليوم. ما المُلائم فيها لا أعلم، لكنّه احتلال فقد دقّته في استفزازنا، لو كنت مكان هؤلاء لنشرتها اليوم. مهلا... هل سأكون مكان هؤلاء يومًا ما؟ هل سأحمل بندقية مُحتلّ يغتصبُ آمال شعب آخر ويُشعل محرقته فيهم؟ أجابَ جينٌ فلسطينيّ ناشطٌ فيّ: كلّا.

 

حملت هاتفي، كتب أحدهم تعليقًا على فيديو أولئك الفتية الذين يقصفون الجيش بالحجارة "لحنُ الموت"... كانت الأغنية السويدية تحيا فلسطين تصدحُ في خلفية الصورة، هي واحدة من الأغنيات والمقاطع الموسيقية المفضلة، سأحكي لكم سرًّا صغيرًا... أنا لا أُحبّ الأغنيات إلا بعضها، لكنّني أحبُّ الموسيقى، خصوصًا تلك المُلحّنة للأفلام والألعاب، التي تحفّز الدماء، وتحرّك الحماسة.

 

خلال الأعوام الماضية، كنت أنسحب إلى كهفٍ خاصّ بي، أجلب غيومًا تخيّم على صمتنا سوداء معتمة لأنشرها في غرفتي تاركًا ضوء الشاشة مصدرًا للتأمل، ثمّ أحرّض نفسي على نفض اليأس، والشروع في الكتابة ببعض المقاطع الموسيقية، ثم أنتقل إلى تلك المقاطع التي تحكي قصتنا، بخلفيات موسيقية فيها نشيد موطني، وهذه الأغنية السويدية وغيرها، وكم هو مذهل أن تُعيد هذه الأغنية إنتاج نفسها نشيدًا أمميًّا لكل شعوب الأرض عام ٢٠٢٣ وأيضًا: بكلمات فلسطينية، لكنّ كلّ ذلك لم يُنتج سوى مزيدٍ من أحلام اليقظة، وورقة بيضاء فارغة من كلّ شيء سوى الألم الصامت.

 

لحنُ الموت!  أيّ لحنٍ هذا؟ لا لحنَ لموتي قتيلا، بل صوتُ الجريمة الآثم، ودمائي التي تسيل نسلا مهدورًا قُضي عليه بطلقة واحدة، أو صاروخ واحد، لا فرق في النتيجة، لا لحنَ للموت بهذه الطريقة، بلا وداعٍ أو نزاع أخير بعد مرض، أو خَلَفٍ يبكي ذكرياته معي، كيف أُبكَى وقد سُحقَ كلّ من سيخلّدون اسمي؟ 

 

إنه يومُ إعلان وثيقة استقلالنا، لن نمزّق الوثيقة، ولن ننقلب على أنفسنا، لن نفعل، باسم تلك الوثيقة نُقتل، في غزّة يٌقتلون ويُشرّدون بينما يقول المذبوحون حزنًا: فداءً لفلسطين... باسمها سيحرُثُ أبناؤنا تُراب الأرض المختلط بلحمنا، وسيغرسون في قلبي سارية الاستقلال، لترتفع بالعَلَم الفلسطينيّ فخرًا ومستقبلا مجيدًا للناجين، وقتئذ سيحكون لأبنائهم قصتنا، قصّة الاستقلال والحرية، وكيفَ أنطَقنا حجارة العالم بلهجتنا.

 

لا لحنَ لموتي قتيلا، لن أسمَعه، لن يصلني صوتُ الهدير والغضب، ولا كلام الرثاء والشعر، أو صوت العدالة تعتذر أنْ فقدت لسانها، لا لحنَ يُرشدني إلى جثّتي... لا أحَد سوى عويل الشتاء ودفء المطر... وشيءٌ من فلسطين.

 

 

 

 

 

 

 

 

دلالات

شارك برأيك

لا لحنَ لموتي قتيلا

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 95)