Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأربعاء 15 نوفمبر 2023 9:20 صباحًا - بتوقيت القدس

متى نترجم الأقوال إلى أفعال؟!

درج العرب والقيادات العربية في جميع المناسبات الوطنية والأحداث المصيرية، على البلاغة والمفردات الشعبوية والصمت الحراكي والبيانات الحماسية الفارغة من أي إجراء، والإبتعاد قدر الإمكان عن الفعل بل عدم المبادرة إليه بكل الأحوال. وهذا كان حال مؤتمر القمة العربية والإسلامية الأخير في الرياض الذي أصدر بيانا حافلا بالألفاظ خال من العمل الجاد الرصين، وكأننا أمام قول شكسبير جعجعة بدون طحن.


لعل مراجعة بسيطة لهذا البيان الذي وصف بأنه تاريخي، واسترجاع قراراته واحدا تلو آخر، يشير بشكل واضح جلي أن أسلوب الإنشاء والبلاغة هو الأسلوب المفضل، ونبتعد بفراسخ عن العمل والخطوات العملية ولو كانت بسيطة، مما يستدعي السؤال عن جدوى عقد مثل هذه المؤتمرات، التي حضرتها جميع الدول العربية والإسلامية بدون تخلف يذكر. بل لماذا حضرتها دول كالجزائر وإيران وسوريا وأندونيسيا ذات سياسة واضحة مخالفة لكثير من الأنظمة العربية.


يزعم بيان القمة العربية الختامي أنه يدين الحرب الإنتقامية الإسرائيلية ويطالب بوقفها ويدين جرائمها الوحشية اللاإنسانية ويطالب بوقفها. مفردات لا تسمن ولا تغني من جوع. فأي منظمة أو حركة أو جمعية تستطيع أن تسطر مثل هذه السطور بل ما هو أقوى منها. لكن السؤال كيف تترجم الدول العربية مثل هذه الأقوال إلى أفعال، لتكون ذات أثر على وقف هذه الحرب كما يطالبون، وإلا فأنتم مثل غثاء السيل.


قبل ستة أشهر تقريبا قامت دولة عربية بخطوة انفرادية وبتنسيق مع روسيا، بتخفيض إنتاج نفطها مليون برميل يوميا حتى ترفع الأسعار، ووعدت بالمزيد من الخطوات النفطية، في نهاية العام الحالي. ألا يستحق قطاع غزة، ومنع الجرائم الوحشية اللاإنسانية والمجازر التي ترتكبها حكومة الإحتلال ( كما وصفها بيان القمة الختامي ) وقف إنتاج مليون برميل نفطي آخر يوميا، وأنتم من أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم. مع ملاحظة أن هذا الطلب محدود جدا، وليس ما قام به المرحوم الملك فيصل من خمسة عقود، بوقف تصدير النفط مما استدعى اغتياله فيما بعد عقابا وجزاء على فعلته ( وتهوره ).


لو طالب الفلسطينيون بوقف إنتاج أو تصدير النفط كليا، في خضم ما يجري من أحداث في القطاع والضفة والقدس، لوصفت هذه الدعوة بالمجنونة والمتهورة وغير المعقولة وغير السياسية وغير الحكيمة. وكأننا ننسى ليس التاريخ البعيد نسبيا فقط، بل حتى التاريخ القريب، وتحديدا حينما حج المأفون جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إلى السعودية رغم موقفه المسبق من محمد بن سلمان، وبخاصة قضية مقتل الصحفي الخاشقجي. وكيف رفض الأمير السعودي الشاب حينذاك طلب العجوز بايدن، ورده على عقبيه غير مجاب لطلبه. لكن الطلب الملح والإنساني الآن من أجل ترجمة أقوال البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية، هو تخفيض تدريجي لتصدير النفط، وبخاصة أن الدول العربية تصدر الكثير الكثير، ولو نقص جزء منه لما أثر على الدول المصدرة قيد أنملة. لو أراد العرب قلب أقوالهم الهزيلة إلى أفعال جادة مؤثرة لما أعاقهم شيء بل لوجدوا معهم متعاضدين داعمين. لكنهم اختاروا الثرثرة والألفاظ الهزيلة والتنظير الأجوف على الأفعال المؤثرة.


هذه جزئية صغيرة تتعلق بالبند الأول فقط بل لجزء منها. أما الأمر الثاني الذي تضمنه البيان الختامي ويثير طلبه التقيؤ والغثيان، فهو التوجه لمجلس الأمن ومطالبته باتخاذ قرار حاسم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح الإحتلال. وكأن القمة العربية الإسلامية وكل طواقمها وخبرائها نسوا أو تناسوا التاريخ الأسود لمجلس الأمن في القضية الفلسطينية بل في النزاع العربي الإسرائيلي، أو أن هذه القمة عن عمد وسبق إصرار تقفز عن الحقائق وتساهم في بث آمال كاذبة وأحلام ساقطة وهو الأرجح.


مجلس الأمن هيئة دولية عاجزة عن أي إجراء إلا إذا وافقت عليه الدول الخمس الدائمة العضوية، وبخاصة الولايات المتحدة، رغم أن مهمته الأساسية كما وصفها الميثاق تتمثل في تحقيق الأمن والسلم الدوليين. ولا بأس من التذكير أن قرار مجلس الأمن 242 الصادر في 22/11/ 1967 قد استغرق صدوره أيها القادة العرب والمسلمون حوالي خمسة أشهر ونصف. فالقرار صدر بعد حرب حزيران التي نشبت في الخامس من حزيران/يونية من عام 1967. والقرار غامض وعائم وغائم ولا يعالج القضية الفلسطينية، والأهم أنه لم يصدر بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يختص بالجزاءات الدولية. وما زال إلى يومنا يراوح مكانه وفشل فشلا ذريعا في حل النزاع. وكأن البيان الختامي يحيل أهل غزة على مجلس عاجز بينما لا يقوم بعمله ويقدم حلا شافيا عمليا.


رب قائل وكيف يكون ذلك، الجواب يأتي من موقف مجلس الأمن من غزو العراق لدولة الكويت عام 1990. وكيف بادر مجلس الأمن إلى تبني قرارات عديدة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث فرض قرارات عملية وجزائية على الدولة العراقية بكل مكوناتها. فحظر طيرانها، ومنع تصدير نفطها، وقيد استيرادها، وضيق عليها السبل كلها. وختمها بتشكيل جيش من أكثر ثلاثين دولة منها دول عربية وبقيادة أمريكية لتحرير الكويت. وقد يقول قائل أن هذا أمر كبير ولا نقدر عليه. إن كنتم حقا صادقين في التوجه لمجلس الأمن وإخضاعه لطلباتكم العادلة عليكم التخلي عن الألفاظ والشعارات والإلتصاق بالأعمال والممارسات.


ملاحظات كثيرة على البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية لا يتسع له هذا المقام. لكن هالتني تلك الدعوة الساذجة لدعوة المحكمة الجنائية الدولية للتدخل واستكمال التحقيق في الجرائم الإسرائيلية، وتفعيل الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية في عام 2004. قبل أن تناشدوا المحكمتين( العدل الدولية والجنائية الدولية ) في أمر ما. رأي استشاري مضى عليه عشرين عاما، والآن استفقتم عليه وعلى تنفيذه، صح النوم. أما المحكمة الجنائية الدولية، فليتكم تنضموا لميثاقها، ليتكم تصادقون على ميثاقها، ليتكم تطبقون نصوصها. للأسف الشديد لم تنضم لميثاق روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي سوى أربع دول عربية هي الأردن واليمن وجيبوتي وتونس، أما بقية الدول العربية فلم تنضم لميثاق روما، وهي ليست طرفا بالمحكمة الجنائية الدولية. فإذا أردت أمرا فابدأ بنفسك وليس بغيرك، هكذا تقضي الأصول الأولية. كثرة عددية بمضمون باهت ضعيف.


بيان طويل عريض، حافل بالطلبات والرغبات، عاجز عن تحقيق جزئية منها. وكأن السامع والقارىء والمشاهد يسأل نفسه سؤالا واحدا، لم أتعبتم وأجهدتم أنفسكم على عقد مؤتمر هزيل كهذا، أو ليس كان من الأفضل أن تلوذوا بصمتكم وتحتفظوا بكلماتكم وبيانكم، فكل إناء بما فيه ينضح وكل ذات بما فيها تفيض!!!

دلالات

شارك برأيك

متى نترجم الأقوال إلى أفعال؟!

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 95)