أقلام وأراء

الثّلاثاء 14 نوفمبر 2023 9:11 صباحًا - بتوقيت القدس

ما بين صورة "إنتصار" وصورة " إنكسار" للمقاومين ..أزمة الكيان تتعمق

بعد 37 يوماً من استخدام دولة الكيان لأحدث ترسانة اسلحة الدمار والقتل الأمريكية بمختلف أنواعها وتسمياتها في ضرب واستهداف المدنيين في قطاع غزة،عبر حرب إبادة جماعية،خارج أي إطار أخلاقي وقانوني وإنساني ...بحيث بات إستهداف المشافي والمراكز الطبية ودور العبادة من مساجد وكنائس ومدارس ومقرات دولية وقتل للصحفيين في عرف رجل الكابوي الأمريكي،الشريك المباشر في هذه الحرب العدوانية على شعبنا،مشروعاً وينسجم مع القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني،كيف لا عندما يجري تطويع القانون الدولي والشرعية الدولية،لمصادرة حق الشعوب في النضال من أجل نيل حريتها وإستقلالها،واعطاء المُحتل الحق في إرتكاب جرائمه والخروج السافر والوقح عن القانون الدولي،واعتبار كل ما يرتكبه من جرائم وقتل وتدمير ،حق بالدفاع عن النفس.

والأنكى من ذلك ورغم كل مشاهد موت الأطفال الرضع والخدج على مرأى ومسمع الرأي العام العالمي ،نرى بأن أمريكا التي تقود الحرب العدوانية عسكرياً وامنياً ضد شعبنا في القطاع،تتجرد من كل القيم والمعاني الإنسانية والأخلاقية،وتعلن أنها لن توافق على وقف مؤقت لإطلاق النار او هدن إنسانية تمتد لأيام، من أجل إنقاذ حياة المدنيين ،وإدخال مساعدات إنسانية من دواء وماء وغذاء ،في ظل نفادها بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه دولة الكيان على كل مداخل ومخارج القطاع.

أمريكا التي تتحكم فيها عقدة الإختيار الألهي والتفوق العرقي،معتقدة بأن لها الحق في تقرير مصير الشعوب الأخرى بالحياة او الموت،دون أي التزام انساني أو اخلاقي تجاه أحد من هذه الشعوب، ليس بإعتبارها أعراق منحطة، بل لأنها في الغالب مخلوقات" متوحشة" ولا تنتمي للنوع الإنساني ،وهي بذلك لا تستحق الحياة.

حكومة الكيان ومجلس حربها المصغر ،والذي حضره في هذه الحرب من قادة الولايات المتحدة ،بدءاً ببلينكن الذي حضر الى دولة الكيان كيهودي وليس كوزير للخارجية،وتبعه وزير الحرب لويد اوستن ومن ثم الرئيس بايدن الذي يفتخر بصهيونيته،عندما اتخذوا قرار الحرب على قطاع غزة ،رداً على على الهزيمة الكبرى والإستراتيجية في معركة " طوفان الأقصى" والفشل الأمني والإستخباري الكبيرين، والتي كانت بمثابة الصدمة والكابوس بالنسبة لهم ،والذي لم يكونوا يتوقعونه حتى في أحلك أحلامهم،جعلهم في حالة من التخبط والإرباك،ولذلك جاء ردهم إنفعالي وثأري وانتقامي ،بإستهداف كل شيء في القطاع ،واعتبار كل ذلك له علاقة بحركة حماس،مشافي ومراكز طبية ،دور عبادة ،مساجد وكنائس ،مدارس،مقرات ومباني حكومية،مؤسسات تعليمية ،ابراج سكنية،صحفيين وحتى موظفي مؤسسات دولية، بإختصار حرب إبادة شاملة لا توفر حصانة او حرمة لشيء،وألقوا ألاف الأطنان من القنابل والمتفجرات على سكان القطاع،وعلى مدار الساعة وبدون توقف،فاقت كميتها بمرتين القنابل الذرية التي ألقتها أمريكا على مدينتي ناغازكي وهيروشيما اليابانيتين.

رغم كل هذا القصف والدمار وحرب الإبادة الجماعية،وبعد مرور 37 يوماً على هذه الحرب الهمجية والقصف من الجو والبر والبحر وبأحداث السلاح الأمريكي، لم تستطع قوات الكيان،أن تحقق نصراً أو تقدماً جوهرياً في قطاع غزة،يمكنها من ان تحمل للجمهور والمجتمع في دولة الكيان صورة" نصر" أو صورة " إنكسار" للمقاومين،فحتى من يخرجون من تحت الأنقاض من الأطفال والنساء وبقية المدنيين،يؤكدون على دعم المقاومة والوقوف الى جانبها رغم كل خسائرهم الكبيرة بشرياً ومادياُ.

عمق مأزق دولة الكيان، وعدم تحقيقها لإنجازات عسكرية أو ميدانية وسياسية،حيث تعرضت صورتها التي كانت تحرص على ترويجها للعالم، بأنها واحة الديمقراطية في المنطقة للتهشيم،وأصبح هناك شبه اجماع عالمي شعبي على مطالبة دولة الكيان بوقف جرائمها بحق المدنيين،ولتصل في بعض العواصم مثل لندن الى مليون محتج،وهذا التغير في الراي العام مهم جداً في إطار تشكل قوى ضاغطة على دولة الكيان لوقف ارتكاب مجازرها بحق الشعب الفلسطيني.

تعمق أزمة دولة الكيان وعدم تحقيقها لأية إنجازات عسكرية أو ميدانية ،احدث حالة من الهستيريا عند قادة الكيان،وليخرج أحد وزراء حكومة نتنياهو ما يسمى بوزير التراث عميحاي الياهو،ليدعو الى قصف غزة بالقنبلة النووية،وبالمناسبة هذا الكلام،لم يصدر عن رجل مافون ومجنون،بل هو صدر عن أحد قياديي التيار الديني الذي وعد بامتلاك وصفة سحرية للتخلص من المأزق الوجودي الذي يعيشه كيان الاحتلال، ولتعويض التراجع في ميزان الردع المتآكل لهيبة جيش الاحتلال،ما قاله الياهو هو من جهة إعلان سقوط مشروع اليمين المتطرّف، وإفلاسه الكامل، بعدما فشلت وصفته فشلاً ذريعاً، لأن الذي هزم في طوفان الأقصى، هو الجيش والمستوطنون المسلحون معاً .

القصف الوحشي والجنوني بحق مشافي غزة ،وكل هذا التوحش،هو يأتي في إطار إخضاع الناس و"كي" وعيهم" والقول لهم بأن ثمن المقاومة باهظ جداً ،وكذلك اسقاط حق الشعب الفلسطيني عن المطالبة بحقوقه ،وأن عليه ان ينسى أرضه وقدسه ومقدساته، ومن جهة أخرى ،يعبر عن عمق وحجم المأزق الذي تعيشه دولة الكيان،فبات هناك يأس من الفوز بهذه الحرب،ومأزق كبير تواجه الحرب البرية،فكلما تقدمت دبابات ومدرعات الكيان وتمددت على جغرافيا القطاع،تغوص في مستنقع القطاع،وترتفع خسائرها البشرية في الجنود والضباط، وكذلك في الدبابات والمدرعات،والتي وصلت الى تدمير كلي وإعطاب ل 160 دبابة ومدرعة ومن أحدث الأنواع، وكذلك القتل المفتوح والتدمير الشامل،هشم صورة الكيان الأخلاقية وما تطلقه على نفسها بأنها واحة " الديمقراطية" في المنطقة بشكل كبير على مستوى الرأي العام العالمي،وبات ينظر اليها كدولة اجرام وقتل وتركيم المزيد من مظاهر الكره والحقد عليها.

على الرغم أن نتنياهو وغالانت يقولان بأنهما لن يوقفا الحرب حتى القضاء على حماس والمقاومة الفلسطينية،وسيفرضان سيطرة أمنية على القطاع، فإنهما سيضطران الى النزول عن الشجرة ،والقبول بالهدن الإنسانية ووقف إطلاق النار والقيام بصفقة تبادل للأسرى جزئية أو شاملة،فهما يدركان جيداً عمق المأزق الذي تمر به دولتهم،فما يعرف بالإجماع القومي داخل دولة الكيان تصدع،والأزمات البنيوية والسياسية والمجتمعية والإنقسامات تتعمق وتتسع في دولتهم،واهالي الأسرى من جنود ومستوطنين يوسعون دائرة احتجاجاتهم وسخطهم على نتنياهو وحكومته،والمستوطنون في الجنوب والشمال يعبرون بشكل واضح عن عدم ثقتهم لا بنتنياهو ولا بالمؤسستين الأمنية والعسكرية في توفير الأمن والأمان لهم،وهم لن يعودوا الى مستوطناتهم ما دامت المقاومة موجودة في القطاع وحزب الله على الشريط الحدودي مع لبنان.

نتنياهو وغلانت الباحثان عن صورة "إنتصار" او صورة "إنكسار" لمقاومين على حساب دماء واشلاء اطفال غزة ومدنييها، سينتظران طويلاً لتحقيق ذلك ،وقد يخرجان كلياً من المشهد السياسي وهما ما زالا ينتظران.
[email protected]

دلالات

شارك برأيك

ما بين صورة "إنتصار" وصورة " إنكسار" للمقاومين ..أزمة الكيان تتعمق

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

أسعار العملات

الأربعاء 08 مايو 2024 10:24 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.22

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 232)

القدس حالة الطقس