أقلام وأراء

الإثنين 13 نوفمبر 2023 9:56 صباحًا - بتوقيت القدس

تمخضت قمة ال 57 دولة فولدت بيانا

كنت في مقالة الخميس الفائت على صفحات جريدة القدس قد اشرت لقصيدة مظفر النواب الساخرة (قمم قمم)، ودعوت ان يتخذ المجتمعون في القمة العربية والإسلامية، قرارات تتناسب وحجم الإبادة الجماعية، حجم الدم المسفوح في غزة، تؤكد انتماء شعبنا للأمتين العربية والإسلامية، وتحديداً بتعليق العمل في المعاهدات والاتفاقيات مع الكيان، واستخدام النفط سلاح للضغط على الكيان، والامبرياليات الداعمة والمشاركة له في العدوان، علماً أنني قلت في نهاية المقالة (دعواتي تلك صيحة في واد، فهم لن يغادروا تلك الصيغة)، أي صيغة (اضعف الإيمان)، والمتمثلة ببيانات الشجب والاستنكار.
بعض المجتمعين دعوا لمغادرة صيغة الشجب والاستنكار، فموقف الرئيسين السوري والإيراني كان مميزاً ويعكس دعمهما المعروف للمقاومة، فعلا لا قولاً، ولكن الأغلبية تمترست عند حدود تلك الصيغة، فجاء بيانهم بيان شجب واستنكار، واضافوا عليه الدعوة والمناشدة في تطور لافت!!!! فالسيد الأمريكي ووليده المهزوم لا يجوز إزعاجهم في غمرة نشاطهم لإبادة شعبنا بمطالب (متطرفة)، والأهم لا يجوز للعبيد التحرك خارج إطار ما هو مرسوم لهم. أما التبرير فساقه محاضر جامعي سعودي، لم ينقصه الذكاء، في رده على سؤال لمراسلة إحدى الفضائيات: لماذا لا تستخدم القمة سلاح النفط للضغط؟ حيث قال: الظروف تغيرت عن العام 73 عندما تم استخدام سلاح النفط، فالنفط اليوم سلعة وليس سلاح. فعلاً جواب لا تنقصه العبقرية ولا الذكاء!!!!.
لسان حال القمة في بيانها أكد المؤكد: أنظمة عاجزة ومرتهنة وضعيفة لا تقوى سوى على المناشدة والاستنكار والدعوة والشجب، وحتى هذه كانت صياغتها غريبة عجيبة، وكأن المجتمعين طرف ثالث، لا شأن له بما يجري في القطاع، كما ليس طرفاً في الصراع، وإلا بماذا نفسر أن يدعو البيان لفتح معبر رفح؟ مَنْ يستطيع فتح معبر رفح، ومَنْ يغلق معبر رفح أصلاً؟ ولمن السيادة على معبر رفح؟ مَنْ يغلق معبر رفح هي مصر لأن السيادة لها على المعبر، ومَنْ يستطيع فتحه هي مصر لأن السيادة عليه لها بحكم الاتفاقيات، فالأولى بالتالي دعوة مصر لفتح معبر رفح، ودعوتها تالياً للدفاع عن سيادتها أمام أي عدوان صهيوني يستهدف قافلات الغذاء والدواء وصهاريج الماء والوقود، إذ سيكون في حينه عدوان على السيادة المصرية، والتي تستوجب الرد الصريح، باعتبار العدوان على السيادة عدوان صريح على الأمن القومي.
ثم ما معنى الدعوة للدول لعدم بيع السلاح لإسرائيل والتي وردت في البيان؟ ودون تحديد هذه الدول، وكأنها من الأسرار، أو أنها غير معروفة. أليس من الغريب صدور تلك الدعوة، وبعض الموقعين عليها تعج بلدانهم بالقواعد العسكرية للإمبريالية الأمريكية المشاركة في العدوان؟ واكثر من ذلك فبعض الموقعين، من دول عربية وإسلامية،تربطهم بالكيان علاقات تعاون عسكري وأمني واستخباري، ومناورات وتدريبات مشتركة. أي نفاق بائس هذا؟
وبافتراض (الجرأة) في هذه الدعوة لعدم بيع السلاح لمجرمي الحرب، فكيف ستمارسون ولو الحد الأدنى من الضغط لفرض تحقيق تلك الدعوة؟ مثلاً الضغط بإغلاق القواعد العسكرية مثلاً، أو الضغط بسحب سفرائكم من هذه الدول، أو التهديد بتعليق الاتفاقيات معها ومقاطعتها اقتصادياً، والأهم الضغط من خلال التلويح بالنفط كسلاح لمناصرة شعب غزة. باختصار مع الدعوة لعدم بيع السلاح كان يمكنكم امتلاك بعضٍ من جرأة لإعلان التوقف عن بيع النفط لمن يبيع السلاح لمجرمي الحرب.
هذا غيض من فيض مما يمكن فعله لتحويل ما ورد في البيان من كونه دعوة، لخطوة عملية كما طالب بعض المتكلمين، صادقين أم منافقين، وغير ذلك ستبقى الدعوة ذر للرماد في العيون.
المطلب الأبرز الذي اعتقده ورد في البيان، ويتفق مع المطلب الوطني الشعبي الفلسطيني، ومع موقف المقاومة، ومع كل مؤيدي حقوق شعبنا في العالم العربي، وفي العالم عموماً عبر المسيرات والمظاهرات الحاشدة، هو مطلب وقف العدوان والإبادة الجماعية. ولكن الفرق بيّن بين مَنْ يطالب ويظل متمترساً في حدود البيان المعلن بالدعوة والمناشدة، وبين مَنْ يطالب ويقاتل لفرض التوقف على الصهاينة عن الإبادة، وهو حال الممقاومة في غزة، فهي تحول الاجتياح لمقبرة للآليات والجنود، مستندة لصمود الغزيين واحتضانهم، رغم جرعات الألم والموت لحظة بلحظة، وهذا ما بدأ الإعلام والمحللين الصهاينة يشيرون له، وهذا ما سيفرض وقف الإبادة.
كنت آمل ولو من باب الامل المشروع لمن يتجرع شعبه الموت لحظة بلحظة، أن يخرج المجتمعون من صيغة (اضعف الإيمان)، فيكونون في صف شعبنا ومقاومته، التي لم يذكرها البيان بالمناسبة!!!!، بأن يتخذوا ولو خطوة عملية واحدة من نوع: تعليق العمل بالاتفاقيات والمعاهدات، الإعلان عن استخدام النفط كسلاح حتى الإذعان للمطلب العالمي بوقف الإبادة الجماعية، سحب السفراء من الدول الداعمة والمشاركة في العدوان.
لقد اختارت الدول ال 57، في بيانها، ان تظل حبيسة تلك (القمم) التي تناولتها قصيدة مظفر النواب، فجللهم عار موقف المتفرج، باستثناء حفنة دول داعمة للمقاومة بصريح العبارة، وهما سوريا وإيران تحديداً، ومرة أخرى، للاسف، تأكد ما قاله شمعون بيرس مرة: اجتمعوا أم لم يجتمعوا فهذا لن يغير شيء.
لقد تمخضت قمتكم فولدت بياناً ويا بؤس ما انجبت.

دلالات

شارك برأيك

تمخضت قمة ال 57 دولة فولدت بيانا

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

من "اجتثاث حماس" الى "الهزيمة النكراء" .. الصفقة خشبة خلاص لإسرائيل

حمدي فراج

زمن عبد الناصر

سمير عزت غيث

الأسير باسم خندقجي بروايته طائرة مسيّرة تخترق القبة الحديدية

وليد الهودلي

مرحى بالصغيرة التي أشعلت هذه الحرب الكبيرة

مروان الغفوري

متى تضع أمريكا خطًّا أحمر؟

سماح خليفة

بين انتفاضة الجامعات الأميركية والجامعات العربية

عبد الله معروف

انتفاضة الجامعات ضد حرب الابادة.. هل تنجح في احياء الوعي بقيم العدالة ؟

جمال زقوت

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

أسعار العملات

الأربعاء 08 مايو 2024 10:24 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.22

شراء 5.19

يورو / شيكل

بيع 3.97

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 232)

القدس حالة الطقس