أقلام وأراء
السّبت 11 نوفمبر 2023 10:52 صباحًا - بتوقيت القدس
السلام العربى والسلام الإسرائيلي
منذ ان نشأت إسرائيل وخيار الحرب يسود المنطقة ، فلقد عرفت المنطقة أربع حروب كبيرة ، واكثر من حرب ثنائية كما في لبنان وأكثر من ست حروب على غزة. وقد تكون الحرب السادسة الآن ألأكثر تدميرا وقتلا وتحمل تداعيات سياسية بعيدة على مستقبل المنطقة والقضية الفلسطينية . ورغم هذه الحروب لم يتحقق السلام ولم تحل القضية الفلسطينية ولم تقم الدولة الفلسطينية . وهنا الإشكالية الكبرى والمسافة البعيدة بين مفهوم السلام الإسرائيلي والسلام العربي وإشكالية السلام الفلسطيني. وفي مقالة اليوم ما هو السلام الحقيقي وما المقصود بالسلام الإسرائيلي . وأيهما أقرب لسلام الشرعية الدولية ؟ وما المقصود بإشكالية السلام الفلسطيني؟ أبدأ بالسلام الإسرائيلي الذي يذكرنا بالسلام الروماني والبريطاني والفرنسي في المرحلة الإستعمارية والذي يقوم على القوة وعدم الإعتراف بالشعوب المحتلة وبحقوقها ،والتعامل معها كرعايا . اليوم إسرائيل تعيد هذا السلام أي سلام القوة . ولا يمكن فهم هذا السلام إلا بالعودة لنشأة إسرائيل ومفهومها لعقيدتها الأمنية. فنشأة دولة الاحتلال جاءت نتيجة القوة من ناحية ، ونتيجة التحالف بين الحركة الصهيونية وبريطانيا المنتدبة على فلسطين وبدلا من ان تقوم الدولة الواحدة عملت على تثبيت وجودها بالقوة وبالإعتماد على قوة مليشياتها التي قامت بمذابح ضد القرى العربية لإجبارها على الهجرة . ورغم ان إسرائيل قامت وفقا لقرار الأمم المتحده 181 والذي منحها دولة على مساحة تقارب ال 55 في المئة من مساحة فلسطين و44 في المئة للدولة العربية والقدس تحت الوصاية الدولية ، إلا أنها وفي الحرب الأولى 1948 قامت بالغاء هذا القرار وضم ما يقارب 20 في المئة من مساحة الدولة العربية الفلسطينية ولتكتمل كل مساحة فلسطين بحرب عام 1967. يفهم من هذا ان الحرب والقوة هما الخيار الحتمي لإسرائيل وأساس عقيدتها الأمنية والعسكرية . فالسلام ليس خيارا حتميا ، بل تخضعه لخيار الحرب الذي يحجب اي معاهدة سلام. ولعل المثال الواضح إتفاق أوسلو ورغم إعتراف منظمة التحرير بإسرائيل عملت هذه الاخيرة على إخضاعه للقوة وإعتباراتها ألأمنية وتحكمت بحقها الأمنى لكل الأراضي الفلسطينية واستمرت في الإستيطان والحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية التي نصت عليها . ولم تكتف بذلك بل إستمر خيار الحرب وما يعرف بعقدة "ثيوسيديدس" الأمنية هو الذي يحكم علاقاتها ليس في غزه بل مع لبنان وسوريا. ويقوم مفهوم هذا السلام على التفوق العسكري وقدرة إسرائيل على الوصول لأي منطقة ترى فيها تهديدا. ولم يكن مستغربا تصريح الوزير الإسرائيلي الياهيو كيمحياي بضرب غزة بالقنبلة النووية حيث ان إسرائيل تملك هذه القوة التي هي أساس عقيدتها الأمنية. و الخلاصة أن السلام الإسرائيلي يقوم الأن على سلام عربي مقابل السلام الاسرائيلي وفصله عن القضية الفلسطينية وشرط قيام الدولة الفلسطينية .ولعل هذا أحد أهم الأسباب لإستمرار الحرب التي نراها تتجدد في غزة. ومن ناحية أخرى يقوم هذا المفهوم على التحالف الإستراتيجي مع الولايات المتحده وأوروبا التي ترى في إسرائيل إمتدادا لها. ولقد كشفت الحرب الأخيرة على غزة المفهوم الديني والحضاري للحرب وتصويرها على انها حرب بين الخير والشر ، وحرب بين التحضر والتوحش وبين التقدم والتخلف, وربما بالعبد الديني والنبوءات الدينية . وهذا السلام هو سلام دول القوة. وبالمقابل هناك السلام العربي والذي أساسه ان الدول العربية دول سلام وليست دول حرب . ويلخص هذا السلام المبادرة العربية التي تم تبنيها في قمة بيروت عام 2002 وأساسها إنسحاب إسرائيل من الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 مقابل الإعتراف بإسرائيل وقبولها دولة كاملة عادية في قلب المنظومة العربية . وقبل المبادرة تم التأكيد على هذا المفهوم في معاهدات السلام الموقعة مع مصر والأردن وهما الأهم بالنسبة لإسرائيل بحكم التلاصق الجغرافي وإتفاق أوسلو الذي وقعته المنظمة وبموجبه تم الإعتراف بإسرائيل دولة ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني على ان تنتهي عام 1999 بقيام الدولة الفلسطينية، ولو تم الإلتزام بهذا الاتفاق ما شهدنا كل هذه الحروب ولكان لدينا خارطة من السلام والتعايش للمنطقة . ولم يقف المفوم العربي للسلام عند حدود المبادرة العربية التي تجاوزتها إسرائيل لتذهب الدول العربية خطوة أبعد في التأكيد على ان الرؤية العربية للسلام ثابته كأحد أهم الأولويات السياسية ، وان السلام يأتي أولا ويحجب خيار الحرب، فذهبت اكثر من دولة عربية وعقدت معاهدات سلام كمقاربة وخيارا لحل القضية الفلسطينية عبر السلام وليس الحرب. ورأينا قبل الحرب خطوات مع السعودية بوزنها ومكانتها لعقد صفقة سلام شاملة.
خلاصة : المفهوم العربي للسلام يقوم على إنهاء صفة الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية والقبول بإسرائيل دولة كاملة في المنطقة والذهاب لخيارات التعاون المشترك والتنمية والتعايش المشترك. وتبقى الإشكالية في قلب السلام والتي تشكلها الرؤية الفلسطينية. والسؤال هل يملك الفلسطينيون رؤية واحده للسلام؟ وهل أساسها المبادرة العربية؟ السلام الفلسطيني والذي تمثله السلطة الفلسطينية يقوم على المبادرة العربية بالقبول بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 وهو ما يعني تنازلا كبيرا بالمقارنة بالقرار 181، إلا إن احد اهم الإشكاليات هيي التصور والمفهوم الذي تتبناه حركة "حماس" ومعها فصائل أخرى ويقوم على فلسطين التاريخية واعتماد المقاومة المسلحة. واليوم وبعد هذه الحرب لا بد من توحيد الرؤية الفلسطينية للسلام والتي تتوافق مع المبادرة العربية وأساسها إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ووحدة الاراضي الفلسطينية والسلطة الفلسطينية . وهذا هو الرد القوي على سلام القوة الذي تتبناه إسرائيل. والعمل على تفعيل سلام الشرعية الدولية . ويبقى ان قوة السلام لا بد أن تنتصر على سلام القوة، فالحروب لا تصنع السلام. فلا إسرائيل قادرة على فرض سلامها بالقوة والحرب ولا حتى الفلسطينيون والعرب قادرون على فرض سلامهم، فالسلام العربي في حاجة لدعم دولي وخلق صوت وقوة سلام داخل إسرائيل . ويبقى السلام العربي هو السلام الأقرب والأكثر واقعية لتوافقه مع الشرعية الدولية.
[email protected]
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 95)
شارك برأيك
السلام العربى والسلام الإسرائيلي