أقلام وأراء
الأربعاء 14 سبتمبر 2022 10:47 صباحًا - بتوقيت القدس
ضريبة جسر الملك حسين والقانون الدولي الإنساني
بقلم: د. عبد الله أبو عيد
أثيرت في الاسابيع الاخيرة عدة مواضيع تتعلق بعبء الضرائب والرسوم التي يدفعها الموطن الفلسطيني المسافر إلى عمان عبر الجسر، وذلك على صفحات الصحف المحلية وصفحات التواصل الاجتماعي، وكانت كافة التعليقات تقريباً تتذمر من كثرة تلك الضرائب والرسوم وثقلها على المسافرين الفلسطينيين إلى الاردن عبر جسر الملك حسين.
على الرقم من كثرة تلك التعليقات، وحدة بعضها في نقد كل من سلطة الاحتلال الاسرائيلي والسلطات الاردنية، إلا أن أياً من تلك التعليقات لم تمس مدى قانونية ضريبة الجسر، المفروضة من سلطة الاحتلال الاسرائيلي على كاهل كافة المواطنين الفلسطينيين المغادرين إلى الاردن والبالغة قيمتها حالياً (160) شيكلاً على كل شخص مسافر.
ضريبة الجسر هذه، كانت قيمتها قبل عام 1992 (365)شيكلا. وما حدث في ذلك العام ، وفي شهر شباط (فبراير) بالتحديد ، أن حكومة اسرائيل ألغت الضريبة على السفر من مطار بن غوريون، التي يدفعها المسافرون الاسرائيليون لدى سفرهم إلى خارج البلاد، وكانت قيمتها (250) شيكلاً.
بعد إلغاء تلك الضريبة قمت أنا، بصفتي مواطناً فلسطيناً وخبيراً في القانون الدولي الإنساني، بإرسال كتاب مفتوح، على صفحات جريدة القدس، إلى وزير الأمن الاسرائيلي آنذاك، الجنرال اسحق رابين، المسؤول رسمياً على شؤون الاحتلال في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بإلغاء ضريبة الجسر- أي جسر الملك حسين- خلال مدة خمسة عشر يوماً، وبخلاف ذلك فإنني سوف أتعاون، مع بعض المنظمات الحقوقية، لرفع دعوى تهدف الى اصدار حكم بإلغاء تلك الضريبة، مستنداً في ذلك الطلب الى قواعد عرفية دولية، منذ أواخر القرن التاسع عشر أخذت بها العديد من المحاكم الدولية وقرارات التحكيم الدولي، على أساس المبدأ القانوني الذي ينص على ((إن الغاء ضريبة معينة في إقليم دولة الاحتلال يوجب على سلطة الاحتلال أن تلغي أية ضريبة مماثلة في الإقليم المحتل)).
بعد ذلك الإعلان المشار الية أعلاه، أتصل بي أحد المحاميين الفلسطينيين المعروفين في الداخل الفلسطيني وطلب مني بإلحاح أن أوكله لرفع تلك الدعوى، وبعد إلحاحه قبلت بتوكيله شريطة أن يأخذ برأيي في مجال القانون الدولي، إذ أن هذا الموضوع قليل الانتشار والمعرفة، خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقلة الاحتلالات عالمياً.
بعد توكيل المحامي بثلاثة أيام، استمعت الى نشرة أخبار راديو اسرائيل ظهراً، وكان يوم أحد، حيث أذاعت بأن المحامي المذكور رفع دعوى، ضد وزير الأمن الاسرائيلي، بصفته، أي المحامي، وكيلاً عن شخصية عربية من الداخل وزوجته، بالإضافة لي. أي أنني اعتبرت، بموجب تلك الدعوى، مدعياً ثانوياً، إلى جانب قريبه المذكور وزوجته، بعد ذلك اتصلت بالمحامي وعاتبته بشدة لهذا التصرف الذي قام به دون أخذ رأيي بحيث اعتبرت وكأنني طارئ على تلك الدعوى.
لم يتوقف الأمر عند ذلك الإجراء، بل علمت بعدها بعدة أيام، بأن المحامي المذكور، وفي الجلسة الأولى للمحكمة، قام بعقد اتفاق مع المدعي العام يقضي بإنقاص قيمة ضريبة مطار بن غوريون البالغة (250) شيكلاً من قيمة الضريبة المفروضة على الجسر وقدرها (365) شيكلاً، وبذلك تصبح ضريبة الجسر (115) شيكلاً فقط، وذلك كان أسوء ما حدث في تلك الدعوى، إذ أنه كان من المفروض بموجب القواعد العرفية الدولية المشار اليها أعلاه، أن يتم إلغاء كافة ضريبة الجسر وليس تخفيض قيمتها فقط.
نشأ عن هذا الاجراء، أن ضريبة الجسر بقيت كمبدأ، بل وازدادت وتضخمت، مع مرور الزمن، بحجج عدة، أهمها أنها زيدت بحجة ارتفاع مستوى المعيشة!!. وفقاً لمعايير سلطة الاحتلال!!! وهذه الضريبة أصبحت حالياً (160) شيكلاً، والحبل على الجرار!!.
لعل أهم نتائج ذلك الاتفاق السيء، الذي تم في المحكمة، دون علمي وضد ارادتي، بل وضد القواعد للقانون الدولي الانساني، هو أن الآلاف المؤلفة، من المواطنين الفلسطينيين، تكبدوا، منذ عام 1992 الى الآن فقط، مبالغ تصل إلى أكثر من (55) خمسة وخمسون مليار شيكل، كان من شأنها لو جمعت في أحد البنوك، انعاش كافة مواطني الاراضي المحتلة الفقراء والمعوزين، بالإضافة الى تعليم أكثر من عشرة آلاف طالب جامعي والانفاق عليهم.
لعل الامر العام الآخر هو اعتبار أي قرار، كان من الارجح أن يصدر عن المحكمة العليا آنذاك بإلغاء تلك الضريبة كلياً، قراراً هاماً وتدريسه في كليات القانون في كافة أنحاء العالم، لكونه تثبيتاً لعرف دولي ملزماً لكافة الدول.
قد يتساءل البعض، وكيف تنبأت أنت بأن المحكمة كان من الممكن أن تصدر مثل هذا القرار؟؟
الجواب على ذلك واضح وهو يعود الى سببين:
الاول: أنه لولا معرفة المدعي العام بأن الدعوى لها فرصة كبيرة من النجاح، لما قام بالاتفاق مع المحامي على ما تم الاتفاق عليه. وخطورته تكمن في أن (مبدأ فرض ضريبة على السفر من الجسر تم تثبيته وضل قائماً). وذلك مخالف لكافة قواعد القانون الدولي الانساني، إذا أن سلطة الاحتلال، تستطيع فرض ضرائب على سكان الاقليم المحتل بشرطين هما: أن تنفق تلك الضرائب على متطلبات سكان الإقليم المحتل، ومن المعروف أن الضرائب التي جمعتها سلطان الاحتلال كانت تنفق إما على المستوطنات ورفاهية المستوطنين، أو على سكان دولة الاحتلال نفسها، بالإضافة الى ذلك يشترط أن يكون اقتصاد الاقليم المحتل قادراً على تحمل تلك الضرائب وكذلك أن تجعل سلطة الاحتلال ميزانية مستقلة قائمة بذاتها للإقليم المحتل، وهو الامر الذي لم يتحقق طيلة مدة الاحتلال.
الثاني: إن أية ضريبة تفرض على سكان الإقليم المحتل (يجب أن تراعي الأوضاع الاقتصادية لهؤلاء السكان)، كما وإن تلك الضريبة تكون مؤقتة لفترة محددة للاحتلال وليس الى أبد الآبدين َ إذ أن الاحتلال الاسرائيلي لم يعد احتلالاً عادياً، يخضع فقط لقواعد القانون الدولي الانساني، أي قانون الاحتلال الحربي، بل أصبح خلال أكثر من خمسة وخمسين عاماً يشكل احتلالاً استيطانياً يخضع أيضاً للقواعد العامة في القانون الدولي العام، ذات العلاقة أيضاً. الى ذلك فإن القواعد القانونية التي تستند اليها الدعوى تعتبر قواعد عرفية دولية ملزمة لكافة دول العالم، وقد أقرت المحكمة العليا، في عدة قضايا سابقة، مثل قضية المبعدين القواسمة وملحم عام 1980، وقضية مشارف رفع عام 1981 و عدة قضايا اخرى بأنها تلتزم بالعرف الدولي لكونه ملزماً لكافة الدول.
دلالات
ابو بشارة قبل حوالي 2 سنة
سيدي، يدعون أن المشكلة في طريقها للحل من خلال زيادة شبابيك ختم الجوازات، وعمل الصيانة اللازمة للمرافق الصحية، وبناء الساحات لاستيعاب أكبر قدر من المسافرين، والأهم أنه لا داعي لمعالجة الرسوم والضرائب العالية
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
ضريبة جسر الملك حسين والقانون الدولي الإنساني