Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 12 سبتمبر 2022 10:58 صباحًا - بتوقيت القدس

"مطار رامون": المخاطر والحلول

بقلم: عثمان بزار /طالب ماجستير دراسات دولية-جامعة بيرزيت


انطلقت مؤخراً أول رحلة لمواطنين فلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة عبر "مطار رامون الدولي" في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهي خطوة جاءت بعد فشل الاحتلال الإسرائيلي في تخصيص ذلك المطار لسفر حملة "الجنسية الإسرائيلية". لم تكن خطوة الاحتلال تلك منفردة، فقد سبقها مشاورات مع الإدارة الأميركية، ثم محادثات مع تركيا لتسيير رحلات مشتركة، بما يحقق مصالح الاحتلال الإسرائيلي أولاً، ثم مصالح تركيا، وذلك على حساب الشعبين الفلسطيني والأردني.
يقع مطار "إيلان وعساف رامون" "مطار رامون" على بعد نحو 20 كم من مدينة أم الرشراش "إيلات". سمي بذلك الاسم نسبة إلى طيارَين من جيش الاحتلال، هما: "إيلان رامون"، وابنه "عساف رامون". شارك رامون الأب في معارك تشرين الأول/أكتوبر 1973، وقصف مفاعل تموز العراقي عام 1981، ومعارك بيروت عام 1982، وهو أيضاً يعتبر أول رائد فضاء صهيوني، وقد قتل في حادث تحطم مكوك الفضاء الأميركي كولومبيا عام 2003، وللمفارقة تحطّم ذلك المكوك فوق بلدة تسمى فلسطين تقع شرق ولاية تكساس الأميركية. من جهته، قتل رامون الابن عام 2009 إثر تحطم طائرة F16، كان يقودها أثناء جولة تدريبية قرب مدينة الخليل.
يعد مطار رامون أول مطار مدني ينشئه الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1948. يعود ذلك إلى أن المطارات الأخرى إما أنشأها الانتداب البريطاني، وسلّم جزء منها بتواطؤ للعصابات الصهيونية، أو استولت عليها تلك العصابات بعد رحيل الانتداب، مثل مطاري اللد "بن غوريون"، ومطار حيفا، وغيرهما، أو هي مطارات عسكرية أنشئت بعد قيام كيان الاحتلال، مثل "قاعدة حتسريم الجوية" في بئر السبع، وغيرها.
بدأ التخطيط لإنشاء مطار رامون خلال أعوام 2004-2006، بهدف جذب المزيد من السياح إلى أم الرشراش "إيلات"، وأيضاً كبديل عن مطاريّ "إيلات" و"عوفدا" القديمين، وكان من المقرر تسميته "مطار وادي تمنة"، أو "مطار تمناع" (نسبة إلى المنطقة التي يقع فيها المطار). اتخذت حكومة الاحتلال عام 2009 قراراً بإنشاء ذلك المطار، وفي العام التالي صادقت عليه، ثم غيّرت اسمه عام 2012 إلى مطار رامون. استمر العمل في المطار حتى وضعت حكومة الاحتلال حجر الأساس عام 2013 بحضور أفراد من عائلة رامون، وفي عام 2019 افتتح المطار رسمياً.
بيّنت إحصائيات أن عدد المسافرين عبر مطار رامون بلغ أكثر من 348 ألف مسافر عام 2019، لكن العدد انخفض بشكل حاد، فبلغ 126 ألف مسافر عام 2020، ثم 4800 مسافر عام 2021. لقد أرجعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي وتيرة الانخفاض الحادة تلك إلى وباء كورونا، لكن مع إزالة القيود، استمر العدد بالانخفاض، لدرجة أنه خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي، لم يتجاوز العدد 20 مسافراً، وهذا ما دلّ على فشل المشروع.
سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تعويض خسائره من خلال تخصيص مطار رامون للمسافرين الفلسطينيين من حملة الهوية الخضراء. لا يعني ذلك أن مطار رامون هو مشروع الاحتلال الحصري للاستحواذ على المسافرين الفلسطينيين، فقد سبقه اتفاق مع الإدارة الأميركية أواخر حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، وأكد عليه الطرفان خلال زيارة الرئيس جو بايدن الأخيرة، يتضمن إعفاء حملة "الجنسية الإسرائيلية" من دخول الولايات المتحدة الأميركية بتأشيرة. يقابل ذلك السماح بمرور فلسطينيي الضفة الغربية الذين يمتلكون جواز سفر أميركي، وهوية خضراء، عبر مطار اللد "بن غوريون".
تشير تقارير وتحليلات أن مقترح سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون نقله الرئيس الأميركي بايدن بطلب من حكومة الاحتلال إلى الرئيس الفلسطيني أبو مازن. تضمن المقترح موافقة السلطة الوطنية الفلسطينية على المشروع الجديد، يرافقه تسهيلات اقتصادية أخرى، مقابل تخليها عن ملفات الجرائم التي رفعتها ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية بشكل قاطع. إضافة إلى ذلك، حدثت مشاورات عدة بين سلطات الاحتلال الإسرائيلي والسلطات التركية، أفضت إلى الاتفاق على تشغيل المطار للفلسطينيين بالتعاون بين الطرفين، بما يحقق مصالحهما. كان من الواضح أن اللمسات الأخيرة للاتفاق وضعت بعد زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في أيار/مايو العام الحالي، ولقائه وزير خارجية الاحتلال آنذاك "يائير لابيد"، ووزير السياحة "يوئيل رازفوزوف".
تتمثل مصالح الاحتلال الإسرائيلي من مشروع مطار رامون الجديد في إضعاف السلطة الفلسطينية، وتطوير السياحة في مدينة أم الرشراش "إيلات"، وتشغيل أيدٍ عاملة، وبالفعل بيّنت تقارير أن شركات طيران الاحتلال أعادت توظيف مئات الطيارين، واستدعت آخرين عملوا سابقاً في صفوفها. تتمثل أيضاً المصالح التركية في دعم الاقتصاد التركي، خاصة أنه من المقرر تولي شركة بيغاسوس الجوية التركية عملية نقل الركاب الفلسطينيين إلى تركيا، كما أن مشروع مطار رامون الجديد قد يمكن تركيا من زيادة نفوذها السلبي في ملف القضية الفلسطينية.
روّج الاحتلال الإسرائيلي أن مشروع مطار رامون جاء كبادرة حسن نية تجاه الفلسطينيين، وسيرافقها تسهيلات اقتصادية أخرى، وهي بالطبع ادعاءات كاذبة. يدل على ذلك تكثيف الاحتلال الإسرائيلي اقتحامات مناطق السيادة الفلسطينية، وتنفيذ الاغتيالات، والاعتقالات، واستهداف المتظاهرين السلميين، وقمع الأسرى، واستمرار البناء الاستيطاني، ومصادرة الأراضي، وهدم البيوت، وقرصنة أموال المقاصة الفلسطينية، وغيرها. يضاف إلى ذلك رفض طلبات السلطة الفلسطينية المتكررة، بتسليمها مطار القدس، وإعادة بناء مطار غزة، والموافقة على بناء مطار آخر في محافظة أريحا.
إن مطار رامون سيلحق بالتأكيد أضراراً فادحة بالشعبين الفلسطيني والأردني. تتمثل تلك الأخطار على الجانب الفلسطيني في التأثير سلباً على الاقتصاد الفلسطيني، والاستفراد بالمسافرين الفلسطينيين، وابتزازهم بعيداً عن السيادة الفلسطينية، وإمكانية المدانين من القضاء الفلسطيني، ومرتكبي الجرائم من الهرب إلى الخارج. تتمثل تلك الأخطار على الجانب الأردني أيضاً في تضرر شركات السياحة والطيران، وخسارة الكثير من الوظائف، بما يضعف الاقتصاد الأردني.
لقد أعلنت الحكومة الفلسطينية أن الأردن سيبدأ في إجراءات تسهيل سفر الفلسطينيين، وتطوير جسر الملك حسين، وتشغيل موظفين إضافيين على النوافذ، ومسؤولين عن الحقائب، لضمان عدم فقدانها، وغيرها. وتشكل تلك الإجراءات خطوة هامة في التصدي لخطر مطار رامون، لكنها غير كافية، فهناك خطوات أخرى تتطلب تنسيقاً مشتركاً بين السلطة الفلسطينية والسلطات الأردنية، يمكن من خلالها الضغط على الاحتلال الإسرائيلي. تتمثل تلك الخطوات في فتح جسري دامية، والملك عبد الله، وإبقاء جسر الملك حسين مفتوحاً على مدار 24 ساعة، والسماح بدخول المسافرين على الجهتين بالسيارات الشخصية، وتسريع الاحتلال الإسرائيلي لإجراءات السفر.
في الاتجاه نفسه، يجب على السلطة الفلسطينية تخفيض رسوم السفر عبر جسر الملك حسين، وعقد المؤتمرات والندوات التوعوية حول خطورة سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون. إضافة إلى ذلك، يجب على الأردن وأجهزتها الأمنية العاملة على الجسر، التعامل مع المسافرين الفلسطينيين بإنسانية، ولباقة، ومرونة كبيرة، وعدم التعامل معهم كحالة أمنية، خاصة أنه وردت شكاوى كثيرة من المسافرين الفلسطينيين حول المعاملة السيئة التي يتعرضون لها على الجانب الأردني للجسر.
ويشكل مشروع مطار رامون الجديد، مصلحة للاحتلال الإسرائيلي أولاً، ثم مصلحة تركية، وهو يأتي في ظل اتفاق الاحتلال مع الإدارة الأميركية حول مشروع آخر لسفر الفلسطينيين من حملة الجنسية الأميركية، والهوية الخضراء، عبر مطار اللد "بن غوريون". من جهة أخرى، يشكل مشروع مطار رامون إضعافاً كبيراً لولاية السلطة الفلسطينية على الأراضي، والسكان، وإضعافاً للاقتصاد الفلسطيني، ويشكل أيضاً ضربة عميقة للاقتصاد الأردني، وهذا يتطلب من الجانبين الفلسطيني والأردني خطوات ثنائية مشتركة، وأخرى منفردة، للتصدي لذلك المشروع الخطير.

دلالات

شارك برأيك

"مطار رامون": المخاطر والحلول

-

أبو بشارة قبل حوالي 2 سنة

أخي عثمان، كل الاحترام والتقدير لجهدكم الطيب وربنا يوفقك في تحصيلك العلمي، لكن ما يخص الموضوع، للأمانة لقد مل الشعب من تكرار شرح المعاناة على المعابر منذ عشرات السنين. ماذا لو كان الموضوع

المزيد في أقلام وأراء

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية

معروف الرفاعي

المطاردون

حمادة فراعنة

فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار

سامية وديع عطا

السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال

الصحفي عمر رجوب

إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة

حديث القدس

شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام

بهاء رحال

المقاومة موجودة

حمادة فراعنة

وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي

سري القدوة

هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!

محمد النوباني

ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟

حديث القدس

مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة

حمدي فراج

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 81)