أقلام وأراء

الأربعاء 07 سبتمبر 2022 10:59 صباحًا - بتوقيت القدس

في القدس والمؤسسات الأهلية

بقلم:د.عماد عفيف الخطيب


تحت عنوان "بناء أمة بلا دولة: المجتمع الأهلي في فلسطين،" كتبت يارا عاصي، الباحثة في المركز العربي بواشنطن العاصمة، مقالة إستهلتها بوصف السياسة السلبية لعهد الرئيس الأمريكي السابق ترامب تجاه القضية الفلسطينية وإنحياز إدارته الكامل لرغبات الحكومة الإسرائيلية بما فيها إستهداف مؤسسات المجتمع الأهلي الفلسطينية الفاعلة. ركزت الباحثة على الدور التاريخي للمؤسسات الأهلية العاملة في مجالات حقوق الإنسان والصحة والتعليم وفي قطاعات حيوية كالمياه والطاقة والبيئة وغيرها مما جعل من المؤسسات الأهلية بديلاً عن "الدولة" بمفهوم أن المؤسسات الأهلية تقوم بأكثر مما تقوم به الحكومة تجاه مجتمعها، وهي حالة تنفرد بها فلسطين عن غيرها من الكيانات، كما تضيف الباحثة.
خلال سنوات الإحتلال التي سبقت إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية أخذت المؤسسات الأهلية والنقابات وشركات الخدمات التنموية دوراً رئيسياً في توفير الخدمات المجتمعية المختلفة في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. وقد تمكنت المؤسسات الأهلية من الحصول على تمويل للعديد من المبادرات الخدماتية التي إحتاجها المجتمع الفلسطيني في ظل غياب مؤسسات الدولة. وقد تميزت هذه الفترة بقدرة تأثير أكبر للمؤسسات الأهلية في تحديد البرامج وألويات التمويل مع تأثير أقل لمؤسسات التمويل الإقليمية والدولية فيما يتعلق بترتيب تلك الأولويات التي مولتها. ساهم التواصل المستمر بين المؤسسات الأهلية الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية في تعزيز شرعية مجتمعية ووطنية للمؤسسات الأهلية العاملة من جهة، ومن جهة أخرى إعترفت المؤسسات الإقليمية والدولية المموِلة والفاعلة بالدور المحوري الهام للمؤسسات الأهلية كأحد أفضل المؤسسات تمويلاً وتنوعاً وإنجازاً. كما كان لهذا الوضع أثراً هاماً في تعزيز شرعية عملها بمواجهة سياسات وإجراءات الإحتلال المضادة.
كان دور المؤسسات الأهلية في مدينة القدس أيضاً محورياً في قطاعات تنموية أساسية كالتعليم والصحة والثقافة وحقوق الإنسان إضافة للدور الهام للمؤسسات الوطنية التنموية ذات الإمتياز في قطاعي الطاقة والمياه تحديداً. ولا شك أن مساحة العمل في القدس كانت دوماً أضيق مقارنة بما كان عليه الوضع في منطقتي الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن ما أنجزته العديد من المؤسسات الأهلية في القدس كان بكل المقاييس واضحاً ومميزاً في مختلف القطاعات التنموية مع دعم مالي وسياسي قدمتها المؤسسات الإقليمية والدولية الفاعلة.
وبعد مرور ما يقارب الثلاثة عقود على إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية لتأخذ دورها الأساسي في بناء مؤسسات الدولة ومنظوماتها التنموية المختلفة، وبعد تطوير العديد من الإستراتيجيات والخطط التنموية، لا زالت سياسات وإجراءات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تعيق أية إمكانية لتنفيذ أي منها. ولم تسلم المؤسسات الأهلية من هذه السياسة، فقد زادت حدة إستهدافها ونزع شرعية عملها وإغلاقها أمام أعين نفس المؤسسات الإقليمية والدولية، مما أظهر ضعف تأثير المؤسسات الأهلية على تحديد الأولويات التنموية التي تحتاج لتمويل مقارنة بما كان عليه الوضع سابقاً.
خلصت الباحثة بمقالتها إلى أن مؤسسات التمويل الدولية سجلت نجاحاً في توجيه دفة التمويل حسب سياساتها وما تحدده من أولويات قابلة للتمويل، والتي غالباً ما تأتي متساوقة مع السقف الذي حددته المؤسسة الإسرائيلية. وفي هذا الوضع المعقد والذي يزداد حدة فإن إستمرار عمل المؤسسات الأهلية يمكن أن يكون على المحك في ظل ضعف قدرة الحكومة الفلسطينية على التأثير والتعاطي مع الوضع الراهن بما يشمل تنظيم العلاقة والعمل بين المؤسسات الحكومية والأهلية. أما الخيار الآخر فهو بقاء المؤسسات جميعها رهينة تمويل مشروط.
وفي التمويل يقول المثل الإنجليزي "من يدفع للعازف يختار الأغنية" – "He who pays the piper calls the tune".

دلالات

شارك برأيك

في القدس والمؤسسات الأهلية

المزيد في أقلام وأراء

إقرار إسرائيلي بتجويع مواطني القطاع

حديث القدس

اتفاق المعارضة على إلغاء "الأونروا" ماذا يعني؟

سماح خليفة

حرب الإبادة الجماعية وواقع الدولة المأزومة

سري القدوة

لا وقف قريباً لإطلاق النار على جبهتي لبنان وقطاع غزة

راسم عبيدات

حماس بعد السنوار.. هل حان وقت التحولات الكبيرة ؟

علاء كنعان

ماذا -حقا- يريد نتنياهو..؟

د. أسعد عبد الرحمن

التحول الخليجي والعلاقات مع الأردن

جواد العناني

متى يرضخ نتنياهو؟

حديث القدس

سياسات الاحتلال وقراراته تجاه الأونروا .. جنون وحماقة

بهاء رحال

السباق الرئاسي المحتدم الى البيت الأبيض 2024

كريستين حنا نصر

الحرب على الأونروا وشطب حقوق اللاجئين

سري القدوة

المجازر والتهجير غطاء (لأوكازيون) المفاوضات

وسام رفيدي

مبادرة مروان المعشر

حمادة فراعنة

سجل الإبادة الجماعية

ترجمة بواسطة القدس دوت كوم

هيجان إسرائيلي ومجازر إبادة متواصلة

حديث القدس

المُثَقَّفُ والمُقَاوَمَة

المتوكل طه

عواقب خيارات نوفمبر

جيمس زغبي

النكبة الثانية والتوطين المقبل

سامى مشعشع

They will massacre you

ابراهيم ملحم

شطب الأونروا لشطب قضية اللاجئين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الجمعة 01 نوفمبر 2024 7:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.04

من سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية؟

%0

%0

(مجموع المصوتين 0)