عاد الاحتلال إلى ممارسة سياسة التجويع والقتل والقهر بعد انتهاء الهدنة وعودة حرب الإبادة في غزة، حيث شدد الحصار لمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، مواصلًا خنق القطاع المحاصر من كل الجهات، ضمن منهجية إبادة منظمة تعتمد القتل والتطهير العرقي.
ورغم الدعوات الأممية الصادرة عن مؤسسات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، لم يتراجع عن سياساته الوحشية، بل زاد من وتيرة جرائمه فور استئناف الحرب، عبر قصف همجي أودى بحياة الآلاف، مستهدفًا الأطفال والنساء والشيوخ، ومجبرًا السكان على النزوح من حيّ إلى آخر ضمن مخططاته للسيطرة على الأرض.
وفي ظل هذا الوضع المأساوي، والواقع المستحيل يكابد الفلسطينيون في غزة ويلات الجوع والعطش والقصف المتواصل، وسط انعدام سبل الحياة والنجاة، والناس يصرخون في وجه العالم مطالبين بالتدخل لوقف المجازر والإبادة، لكن العالم الأصم لا يزال متقاعسًا عن التحرك لوقف الحرب، بل وأن البعض لا يزال منحازًا في دعمه ومساندته وهؤلاء لن يرحمهم التاريخ، فسوف تتوقف الحرب حتمًا، بيد أن كل من اقترف ودعم وساند وصمت على الإبادة الجماعية فلن يرحمه التاريخ، وسيأتي يوم العقاب آجلًا أم عاجلًا.
سياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال تمثل مستوى غير مسبوق من الوحشية وإرهاب الدولة المنظم في الحروب، فخلال الأشهر الماضية، ارتكب الاحتلال جرائم دموية لم يشهدها التاريخ ضد شعب محاصر في بقعة صغيرة، حوّلها بفعل القصف والدمار إلى جحيم بلا مستشفيات أو مدارس أو بيوت، فاقدة لمقومات الحياة، فلم يكتفِ بالتدمير والقتل الذي أودى بحياة أكثر ما يقارب أل 10% من إجمالي سكان غزة بين شهيد وجريح حتى اليوم، بل إنه ابتدع أساليب جديدة في العقاب الجماعي، تشمل حرمان الناس من الطعام والماء والدواء.
إن منع الطعام والدواء عن المدنيين جريمة فاشية تثبت وحشية الاحتلال، وعقيدته القائمة على التطهير العرقي، وهو لا يخفي ذلك، بل يجاهر بجرائمه، كما ويصرح في كل يوم عن نواياه وخططته القادمة والتي يتهدد بأنها ستكون أكثر دموية مما مضى، غير مكتفٍ بالأشهر الطويلة من الحرب التي لم تُشبع تعطشه للإبادة.
يشتد الحصار ويمتد القتل والقصف، وتواصل حرب الإبادة فعلها الإجرامي، بينما يزداد صمت العالم ثقلاً، هاربًا ومتهربًا من مسؤولياته ومتنكرًا لها، وكأن الإنسانية فقدت صوتها وضميرها.
شارك برأيك
غزة.. تجويع وقتل