Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 30 مارس 2025 3:42 مساءً - بتوقيت القدس

إعادة إعمار السيادة بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني

بقلم: د. دلال صائب عريقات 

 

في يوم الأرض، الذي يُجسّد النضال من أجل الأرض والكرامة والسيادة، يكتسب الحديث عن إعادة إعمار غزة طابعًا رمزيًا وسياسيًا بالغ الأهمية. فقد أصبحت غزة عنوانًا دائمًا للدمار المتكرر، لكن فرصة الإعمار المقبلة يمكن أن تتحول من استجابة إنسانية مؤقتة إلى مشروع سياسي سيادي يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني.

السؤال الجوهري اليوم ليس هل ستُعاد إعمار غزة، بل من سيقود هذه العملية، وكيف تُترجم إلى استعادة للقرار الفلسطيني، لا تكريسًا للتبعية. بين الواقع الجيوسياسي والانقسام الإقليمي, أفرزت سياسات الإدارة الأمريكية السابقة، ولا سيما “اتفاقيات إبراهام”، واقعًا جديدًا تراجعت فيه مركزية القضية الفلسطينية ضمن أولويات بعض الدول العربية. أصبحت المساعدات مشروطة بأجندات أمنية، بينما تُهمّش المؤسسات الفلسطينية من عملية اتخاذ القرار. تلعب دول مثل مصر والأردن دورًا تقليديًا في الوساطة، لكن تأثيرها يظل محدودًا أمام التوجه الخليجي نحو المصالح الاستراتيجية مع واشنطن وتل أبيب. كما تُحاصر قطر وتركيا في أدوار إنسانية دون نفوذ سياسي حقيقي. أمام هذا الانقسام، لا بد من استعادة الفلسطينيين لموقعهم الطبيعي كمُقرّرين وليس متلقين. يجب رفض أي عملية إعمار تُدار من الخارج بمعزل عن القيادة الوطنية والتمثيل الشعبي.

قيادة فلسطينية شاملة: من التهميش إلى الشراكة, التجارب السابقة، وخاصة ما بعد حرب 2014، أثبتت أن تغييب الفلسطينيين عن إدارة الإعمار يؤدي إلى تأخير، وفساد، وغياب للمساءلة. المطلوب اليوم هيئة فلسطينية جامعة، تتكوّن من مختلف الفصائل السياسية، ممثلي البلديات، المجتمع المدني، والخبراء الفنيين، مع ضمان تمثيل حقيقي للنساء والشباب. يجب أن تتمتع هذه الهيئة بسلطة كاملة على التخطيط والتنفيذ والرقابة، بعيدًا عن الفيتو الإسرائيلي أو القنوات الموازية التي تُضعف من شرعية القرار الوطني. الشفافية، المشاركة الشعبية، وآليات الرقابة المجتمعية يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من هذه المنظومة، لبناء ثقة المواطن والداعم الدولي على السواء.

اقتصاد فلسطيني مستقل: من الإغاثة إلى التمكين, لا يكفي أن يُعاد إعمار الأبنية؛ فإعادة الإعمار يجب أن تُعيد أيضًا بناء الإنسان والاقتصاد. هذا يتطلب دعم الإنتاج المحلي، تشغيل الكفاءات الفلسطينية، وتمكين المبادرات الشبابية والمشاريع النسوية. يمكن للقطاع الزراعي، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا أن تكون أعمدة هذا التحول، شرط أن يتم الاستثمار فيها من خلال مؤسسات فلسطينية لا تخضع للإملاءات الخارجية. دعم الاقتصاد المحلي لا يعزز فقط فرص العمل، بل يُقلل من الاعتماد على المساعدات ويُرسّخ الاستقلالية الاقتصادية.

رفع الحصار… مفتاح أي إعادة إعمار حقيقية, لا معنى لإعادة إعمار في ظل الحصار. فلا يمكن الحديث عن اقتصاد أو استقرار دون حرية التنقل والوصول إلى الموارد. يجب أن يُربط الإعمار بشكل مباشر برفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر، وضمان الحق في الحركة والتجارة والتعليم. أي ترتيبات أمنية دولية مستقبلية لا بد أن تتم بإشراف فلسطيني، وتُبنى على أساس الاعتراف بالحقوق السياسية، لا على منطق “الأمن مقابل الإغاثة”. تأجيل المسار السياسي تحت ذرائع أمنية أثبت فشله، وآن الأوان لإعادة ترتيب الأولويات.

الدور الأوروبي والتحالفات, في ظل غياب دور أميركي فاعل ومتوازن، تستطيع أوروبا أن تملأ الفراغ من خلال شراكات سياسية ومعرفية مع المؤسسات الفلسطينية. فالاتحاد الأوروبي يمتلك أدوات قانونية، وتمويلية، وأكاديمية، يمكن توظيفها لصالح دعم الحكم الرشيد، وبناء القدرات، وتطوير البنية التحتية.

منذ يوم الأرض عام 1976، كانت النساء الفلسطينيات في طليعة المقاومة الشعبية والدفاع عن الأرض. اليوم، يجب أن يكنّ في قلب عمليات إعادة الإعمار، كصانعات للسياسات، وقائدات للمجتمع، ومهندسات للمستقبل.ويُشكّل دمج النساء والشباب في هذا التحول ركيزة أساسية؛ فهم ليسوا مجرد مستفيدين، بل قادة طبيعيون للتغيير. الشباب، الذين يشكلون غالبية السكان، بحاجة إلى فضاء يُعترف فيه بدورهم كمبدعين وصانعي رأي، لا فقط كضحايا. الإعمار فرصة لإعادة تشكيل العقد الاجتماعي الفلسطيني، بحيث يُبنى على أسس المشاركة، والعدالة، والتكافؤ.

إعادة إعمار غزة ليست مجرد مشروع تنموي، بل امتحان حقيقي لقدرتنا كفلسطينيين على استعادة القرار الوطني. في يوم الأرض، نحن لا نُحيي ذكرى فقط، بل نُجدّد التزامنا بأن الأرض والكرامة لا تُفصلان، وأن السيادة لا تُشترى بالمساعدات، بل تُنتزع بالشراكة والمقاومة المجتمعية. الفرصة قائمة لبناء نموذج جديد يُنهي التبعية، ويُرسي قواعد لسيادة فلسطينية حقيقية. لكن نجاح هذا النموذج يعتمد على شرط واحد: أن يقوده الفلسطينيون، من أجل الفلسطينيين.

دلالات

شارك برأيك

إعادة إعمار السيادة بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني

المزيد في أقلام وأراء

إذا غزة مش بخير.. كلنا مش بخير

عيد الدماء وخواء الأمعاء !

ابراهيم ملحم

الذكاء الاصطناعي يقرر عنك: من يسيطر على وعيك... تيك توك أم إنستجرام؟من يسيطر على الذكاء...

الذكاء الاصطناعي وصناعة التغليف في فلسطين

الإبادة بقرار قضائي !

ابراهيم ملحم

غزة.. تجويع وقتل

بهاء رحال

تغيير احمد الشرع للتحالفات القديمة للنظام السوري البائد

كريستين حنا نصر

استهداف الأردن وفلسطين

حمادة فراعنة

المؤسسات الدولية.. مرآة للأقوى ومذبح للحق الفلسطيني

أمين الحاج

غزة.. صبرٌ فاق صبر الأنبياء

بهاء رحال

دماءٌ على موائد الإفطار!

ابراهيم ملحم

الاهتمام بقضية اللاجئين الفلسطينيين

حمادة فراعنة

"طائرات طائرات طائرات"

غسان شربل

شرعنة المستوطنات والتهجير تحدّ للقانون الدولي

سري القدوة

دبلوماسية رياض منصور تهزم سردية الاحتلال في أروقة الامم المتحدة

سعيد شاهين

الفلسطينيون ليسوا إرهابيين يا ترامب.. قضيتنا وطنٌ نطلبه أو نموت فنعذرا !!

أحمد يوسف

الجامعات الأميركية.. سجال حول حرية التعبير

جيمس زغبي

القنبلة النووية حاضرة كظل ثقيل

رمزي الغزوي

رحلة القضية الفلسطينية من بُعدها العربي إلى الفلسطيني وما دون

أمين الحاج

مرآة الصراع والمأزق الفلسطيني

جمال زقوت

أسعار العملات

الأربعاء 26 مارس 2025 9:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.66

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.15

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 951)