Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 27 مارس 2025 9:51 صباحًا - بتوقيت القدس

غزة.. صبرٌ فاق صبر الأنبياء

لم يكن صبر أهل غزة صبرًا عاديًا، بل كان أسطوريًا، فاق حدود التحمُّل البشري، حتى بدا وكأنه صبر الأنبياء والأولياء. فقد كان صبرًا على القهر والخذلان، وعلى القتل والمجاعة، وعلى حرب إبادة لا تشبهها أي حرب في التاريخ الحديث، فما عاشه أهل غزة لم تعشه البشرية من قبل، تحت وقع القصف الذي لم يهدأ، ووسط الجوع والعطش والبرد، والدمار الهائل الذي التهم كل شيء، بينما اكتفى العالم بالصمت أو التواطؤ، ولم يتحرك بشكل جادٍّ لوقف هذه المجزرة طيلة أشهرها الطويلة والمريرة، ورغم ذلك، تمسَّك أهل غزة بأرضهم، ولم يرضخوا لمحاولات التهجير، حتى وإن لم يبقَ لهم سوى الركام مأوىً، فآثروا البقاء واحتملوا كل ما حدث ويحدث، ولم يهنوا، بينما هان العالم، الذي اختار أن يكون متفرجًا على مذبحة العصر.

التظاهرات التي خرجت بالأمس وجابت شوارع القطاع المدمر، تطالب بوقف الإبادة وجرائم الحرب، جاءت بعد أن احتمل الناس في غزة ما لم يحتمله بشر، وهي حق طبيعي لا يجوز تشويهه لأهداف هنا أو هناك، كما لا يجوز تجاهله أو الالتفاف عليه، لكي لا تدور عاقبة الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، وبالتالي فكلمات التشكيك وخطابات التخوين، مثار فتنة وتحايل على حقيقة الواقع، ولن تجدي نفعًا، بل تشكل خطرًا فادحًا غير محمود العواقب. 

بالأمس خرج الناس في غزة ولسان حالهم يقول: إلى متى؟! ووقف النازحون أمام خيامهم البالية، وأمام مراكز الإيواء التي لم تؤوِ إلا وجعهم، ورفعوا صوتهم في وجه كل من يملك قدرة على وقف النزيف ولم يفعل، وطالبوا الكل بتحمل مسؤولياته لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولم تكن تلك التظاهرات مجرد احتجاجات، بل كانت النداء الأخير لكل ضمير، ولكل من يمتلك قدرة على وقف المقتلة.

الناس الذين خرجوا بالأمس مطالبين بوقف هذه المقتلة، كما طالبوا في الوقت ذاته كل فلسطيني بتحمل مسؤوليته، خاصة القيادات والفصائل والأحزاب، لأن واقع الحال الرث في غزة لم يعد يحتمل، وكل لحظة تأخير تعني مزيدًا من المعاناة، ومزيدًا من الدماء، ومزيدًا من الأطفال الذين ينامون بلا سقف، وبلا غذاء، وبلا حياة، وهذه الأصوات التي تظاهرت بالأمس تستحق التدخل العاجل والفوري، وأن لا يدفن البعض رأسه في الرمال ثم يخرج علينا بتصريح هنا أو هناك.

من حقّ الناس في غزة أن يتظاهروا لوقف الحرب، ولا يجوز لكائنٍ من كان أن يلومهم أو يُشكك في خطواتهم، لأنَّ ما احتملوه وصبروا عليه لم يصبر عليه أحدٌ من قبل. وما يعيشونه غيرُ قابلٍ للعيش، وسط واقعٍ فاقدٍ لكلِّ شيء. لذلك، فإنَّ محاولاتِ البعض للتصيُّد وتوزيع الاتهامات تثيرُ الاشمئزاز. فمن غير المقبول أن يُلقي أحدٌ الخُطب الوطنية من بيته في إحدى العواصم، وبين عائلته، وهو يمارس حياته الطبيعية، ثمَّ في وقت فراغه يجلس أمام شاشة الكمبيوتر ليُصدر التصريحات، ويوزع الوطنية على الناس الذين فقدوا بيوتهم وعائلاتهم، ويعيشون الفقد في كلّ دقيقة، بلا طعامٍ ولا شراب، وبلا أمنٍ ولا أمان، في خيام رثَّة ومراكز نزوح باتت مكارهَ صحيَّة.


..............


من حقّ الناس في غزة أن يتظاهروا لوقف الحرب، ولا يجوز لكائنٍ من كان أن يلومهم أو يُشكك في خطواتهم، لأنَّ ما احتملوه وصبروا عليه لم يصبر عليه أحدٌ من قبل.

دلالات

شارك برأيك

غزة.. صبرٌ فاق صبر الأنبياء

شرم الشيخ - مصر 🇪🇬

انعام سعدي قبل 3 أيام

صبر غزّة حكاية لا تنتهي،ترويها دموع الأمهات وقهر الأطفال.

المزيد في أقلام وأراء

إعادة إعمار السيادة بمناسبة يوم الأرض الفلسطيني

إذا غزة مش بخير.. كلنا مش بخير

عيد الدماء وخواء الأمعاء !

ابراهيم ملحم

الذكاء الاصطناعي يقرر عنك: من يسيطر على وعيك... تيك توك أم إنستجرام؟من يسيطر على الذكاء...

الذكاء الاصطناعي وصناعة التغليف في فلسطين

الإبادة بقرار قضائي !

ابراهيم ملحم

غزة.. تجويع وقتل

بهاء رحال

تغيير احمد الشرع للتحالفات القديمة للنظام السوري البائد

كريستين حنا نصر

استهداف الأردن وفلسطين

حمادة فراعنة

المؤسسات الدولية.. مرآة للأقوى ومذبح للحق الفلسطيني

أمين الحاج

دماءٌ على موائد الإفطار!

ابراهيم ملحم

الاهتمام بقضية اللاجئين الفلسطينيين

حمادة فراعنة

"طائرات طائرات طائرات"

غسان شربل

شرعنة المستوطنات والتهجير تحدّ للقانون الدولي

سري القدوة

دبلوماسية رياض منصور تهزم سردية الاحتلال في أروقة الامم المتحدة

سعيد شاهين

الفلسطينيون ليسوا إرهابيين يا ترامب.. قضيتنا وطنٌ نطلبه أو نموت فنعذرا !!

أحمد يوسف

الجامعات الأميركية.. سجال حول حرية التعبير

جيمس زغبي

القنبلة النووية حاضرة كظل ثقيل

رمزي الغزوي

رحلة القضية الفلسطينية من بُعدها العربي إلى الفلسطيني وما دون

أمين الحاج

مرآة الصراع والمأزق الفلسطيني

جمال زقوت

أسعار العملات

الأربعاء 26 مارس 2025 9:27 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.66

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.15

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 939)