قبل دقائق معدودات من انطلاق الأذان، إيذانا بتناول ما تيسّر من طعام، قضى شهداءٌ، وأصيب العشرات بجراح، معظمهم أطفالٌ ونساء، في ساحة في النصيرات خصصت للإفطار الجماعي، في الوقت الذي قصفت فيه التكايا، فاختلطت الدماء والأشلاء بالحساء في مشهد يهزّ النفس من أقطارها.
قضى الصائمون على الطَوى، وغرقت الخيام بدماء الضحايا، ولفظ الجرحى أنفاسهم الأخيرة على الأسرّة، يكابدون آلامهم وأوجاعهم لافتقاد المستشفيات للمستلزمات المنقذة للحياة، فمن يُجرح يقضي، والعداد اليومي بالعشرات.
منذ خمسة وعشرين يوماً لم تدخل المساعدات، ولم يجد من يملكون المال ما يشترونه، لغياب كل شيء من الأسواق، حتى رغيف الخبر لم يعد متاحاً، ولا حتى شَربة الماء.
الناس تموت خوفاً وإرعاباً وتجويعاً وترويعاً، وفي طوابير الخبز المفقود يموتون، وعلى ما تيسر من حساء الفقراء على موائد يقيمها محسنون يكاد إحسانهم ينفد بنفاد مستلزمات الإحسان، ليواجه الغزيون مصيرهم، فقد مات منهم في ستة أيام أكثر من سبعمئة وجرح المئات.
لعل الأشد فتكاً من القتل هو الصمت الذي يلوذ به العالم، ومعه العرب والمسلمون الذين اجتمعوا في قمتين متتاليتين، تناولوا فيهما ما لذّ وطاب من الطعام، قبل أن ينفضّ السامر على بيان داسته جنازير الدبابات، قبل أن يجف مداده.
"لا إخوة لك يا أخي، لا أصدقاء، لا الماء عندك لا الدواء، لا السماء، ولا الدماء"، قالها شاعر فلسطين الراحل ذات حصار، عندما سقط القناع عن القناع، وكأن نبيّ الشعر أوحى له بما هو آت.
أوقفوا الإبادة الآن...!
شارك برأيك
دماءٌ على موائد الإفطار!