Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 29 ديسمبر 2024 9:57 صباحًا - بتوقيت القدس

المستشفى والطبيب والمريض.. شهيد!



كان الطبيب سعيد جودة يسرع بخطواته للوصول إلى مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، فالحاجة ملحّة، حيث وصل العشرات من الجرحى والشهداء، الأمر الذي جعله، قدر الإمكان، يحث الخطى رغم التعب الشديد الذي أرهق جسده بعد شهور طويلة من العمل، والتنقل بين المستشفيات، جراء النقص الحاد في عددهم بسبب استهدافهم بصواريخ الاحتلال المجرم.

ورغم أنه كان يرتدي المعطف الأبيض الذي يؤكد على حصانته بأنه طبيب، إلا أن ذلك لم يشفع له أمام عند جيش الاحتلال الذي يتعمد إعدام الأطباء.

الاستهداف كان متعمداً، إذ إن استهدافه من قبل طائرة "كواد كابتر" المزودة بأجهزة مراقبة قادرة أن تميز بأنه طبيب، ولايحمل سلاحاً في يده.

طبيعة الإصابة في الرأس، أكدت على تقصد إعدامه، رغم أنه لا يوجد ما يبرر إعدام طبيب كان يسرع في خطواته لإنقاذ الجرحى.

الطبيب سعيد ليس الأول، ولن يكون الأخير في الإعدامات المتكررة بصواريخ الاحتلال للطواقم الطبية، حيث تم إعدام أكثر من (١٠٦٠) من أفراد الطواقم الطبية، واعتقال أكثر من (٣١٩) من الكوادر الطبية، الذين أعدم عدد منهم لاحقاً في سجون الاحتلال.

إعدامات الكوادر الطبية مخطط لها، خاصة أن الاحتلال كان يتعمد قتل الأطباء، من أصحاب التخصصات النادرة، الأمر الذي خلق عجزاً ونقصلً كبيراً في العديد من التخصصات الطبية.

الطبيب مدحت صيدم، من الأطباء النادر جداً تخصصه في قطاع غزة، فهو أحد مؤسسي ًقسم الحروق في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.

كان بلسماً لجروح غزة، خاصة في الحروب، لما ينتج عنها  من أضرار وإصابات بالغة للجرحى، حيث يكون عدد منهم بحاجة لعملية صعبة ترتبط بتخصص الحروق والتجميل. 

الاحتلال لم يكتف بإعدامه فحسب، بل أعدم زوجته وأبناءه وأكثر من (٢٥) من أقاربه.

المعطف الأبيض لم يشفع له كذلك، رغم أنه يتمتع بالحصانه وفق كافة القوانين الدولية، إلا أن غزة مستثناة من هذه الحصانة في نظر الاحتلال الظالم.

يمكن تخيل حجم الضغوط التي يعيشها الطبيب والممرض وكافة الطواقم الطبية، فهم ليسوا مجهدين فقط بسبب الأعداد الهائلة التي تصلهم عقب كل مجزرة تخلف أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى؛ بل إنهم يعملون تحت قصف الصواريخ للمستشفيات المتهالكة واستهدافهم داخل أروقتها. ورغم ذلك، فإنهم يواصلون عملهم بتفانٍ، فلم يترك أي منهم الجرحى إلا إن أصبح مثلهم جريحاً أو شهيداً.

الأمر لا يتوقف على ذلك؛ بل أحيانا يفاجأ الطبيب بوصول شهداء وجرحى بعضهم أو كلهم من عائلته، حينها يصبح المصاب كبيراً، لكن مع ذلك يكمل عمله وقلبه وموجوع والدموع تغرق وجهه المنهك من التعب والوجع والحزن.

كل ذلك الجهد، وهو يقتات بالحد الأقل من الطعام، فكل الذي يحصل عليه الطاقم الطبي بعد ساعات طويلة من العمل قطعة صغيرة من الخبز إن وجدت، لتبقيه فقط على قيد الحياة.

سيارات الإسعاف ذات اللون الأبيض الواضحة المعالم والهوية والمهمة، لم تسلم من صواريخ الاحتلال بمن في داخلها من مسعفين وجرحى.

استمرار الحرب الظالمة منذ عام وشهرين انهك القطاع الصحي وطواقم العمل فيه، خاصة بعد نفاد المستلزمات والأدوات الصحية والأدوية حتى مادة التخدير لم يعد لها وجود، وكثير من العمليات تجرى بدون تخدير.

وهنالك العديد من الاصابات التي حيرت الأطباء في التعامل معها، لأن الاحتلال يستخدم أسلحة متطورة صنفت بأنها محرمة دولياً، تتسبب في إذابة اللحم والعظم، الأمر الذي جعل العثور على الكثير من الجثامين أمراً مستحيلاً.

كثير من العمليات تم تأجيلها، رغم حاجة الجرحى لإجرائها، لكن ليس في اليد حيلة، فما تبقى من بقايا المستشفيات المتهالكة، عاجز عن استيعاب هذه العمليات.

كما أن العديد من الجرحى تكون إصاباتهم ليست خطيرة، لكن نظرا لمنع الاحتلال وصول الإسعاف إليهم فإن الجريح ينزف لساعات حتى يفارق الحياة.

المرضى أيضاً هم في دائرة الاستهداف المتعمد، فالفتى أحمد الذي كان يجلس على كرسيه المتحركة، وهو منهك الجسم إصيب في إحدى الغارات، وحين نقل إلى مستشفى كمال عدوان وبمجرد وصوله إلى قسم الاستقبال تم استهداف المستشفى الأمر الذي تسبب في استشهاده مباشرة.

كان يظن أنه سيجد الأمان في هذا المكان إلا أن الحقيقة كانت غير ذلك، فكل شيء بالنسبة لجيش الاحتلال في دائرة الاستهداف، بما في ذلك المرضى والممرضين والمسعفين والأطباء.

الكلمات تعجز عن وصف الوضع الطبي في قطاع غزة، فالواقع المعاش أصعب وأكبر بكثير من أن تصفه كلمات خاصة أن المستشفيات والطواقم الطبية التي ترتدي المعطف الأبيض، وكذلك المرضى في قطاع غزة خارج أية حصانة في نظر جيش الاحتلال.

أثناء كتابة هذه السطور، تم استهداف مستشفى كمال عدوان مرات متتالية، وقطع التيار الكهربائي عنه، واستهداف خزانات المياه، الأمر الذي أدى إلى توقف أجهزة الأوكسجين عن المرضى، وارتقاء عدد منهم، والأمر ذاته في قسم حضانة الأطفال الخدج... 

آخر الكلمات التي صدح بها مدير المستشفى الدكتور حسام أبو صفية والطاقم الطبي والمرضى: "نحن نموت".

دلالات

شارك برأيك

المستشفى والطبيب والمريض.. شهيد!

المزيد في أقلام وأراء

الذكاء الاصطناعي في التعليم.. قفزة نحو المستقبل أم تحدٍّ أخلاقي يلوح في الأفق؟

سارة الشماس

نتنياهو ومبررات استئناف الحرب

حديث القدس

نحو علاقات أردنية أوروبية متزنة

حمادة فراعنة

التربية الإيجابية

فواز عقل

إلى أين يا زكريا؟

وصال أبو عليا

ترامب ومخطط التهجير

عطية الجبارين

لا للتهجير.. نعم للإعمار

بهاء رحال

صفقة القرن.. الموسم الثاني

د. دلال صائب عريقات

اللاجئون الفلسطينيون إلى أين ؟

حديث القدس

معادلة: حذاري.. الذئب مجروح يلعق دمه

حمدي فراج

وعــــد آرثر بلفور وأوامر دونالـد ترامــب

فـوّاز إبراهيـم نـزار عطية

جولة ويتكوف.. بين حسابات واشنطن وتل أبيب والحق الفلسطيني

مروان إميل طوباسي

الذكاء الاصطناعي مقابل البشر: من يتفوق؟ وكيف يمكن تحقيق دخل إضافي عبر تقنياته؟

صدقي أبوضهير

المارد القادم من الشرق: ثورة "الديبسيك"

بقلم: عبد الرحمن الخطيب، مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ترامبُ والتَّهجيرُ القَسريُّ: مُخطَّطُ الهَيْمَنةِ الجَديدُ

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

حكاية وطن

حديث القدس

أمريكا دونالد ترمب.. نـزعـة انـعـزالـيـة وطـمـوحـات إمـبـريـالـيـة!

ماهر الشريف

قانون السماح للمستوطنين بتسجيل أراضٍ في الضفة تحايل على القانون الدولي

مدحت ديبه

من جديد.. المنطقة على موعد مع سياسة دونالد ترمب الهدامة

تيسير خالد

ترمب وسياسة الهوية الجندرية.. تحديات الاستقطاب الداخلي وتأثيرات العلاقات الدولية

فادي أبو بكر

أسعار العملات

الثّلاثاء 28 يناير 2025 12:16 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.61

شراء 3.6

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.77

شراء 3.76

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 547)